مبادئ العدالة والحريات وحقوق الإنسان لا تناسب الكيان وأمريكا ولا تتشابه مع قيام الكيان على القتل والمجازر ودماء الأبرياء؛ لذا فإن مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة يمثل إزعاجا دائما للكيان الصهيوني ويقف عقبة في حلقه لأنه يفضح جرائم الصهاينة بحق الشعب الفلسطيني وشعوب العالم قاطبة؛ ولكن الإجرام الأكبر هو استمرار الدعم والمساندة من الولايات المتحدة الأمريكية للكيان في مواصلة جرائمه بحق أبناء شعبنا الفلسطيني .
إن قرارات مجلس حقوق الإنسان لا تروق للكيان ولا تروق للأمريكا صاحبة السجل الأسود في القتل والدمار وإبادة الشعوب ومصادرة حرياتهم وقد قتلت الأسلحة الأمريكية خلال السنوات الماضية الألاف الألاف من الأبرياء في العراق وسوريا واليمن وأفغانستان وغيرها من دول العالم التي تدير فيها ( أمريكا ) القتال وتدعم المليشات المسلحة لمواصلة سفك الدماء والقتل الجماعي .
لقد أوجعت القرارات الأممية التي يصدرها مجلس حقوق الإنسان رأس الكيان، وبات هذا المجلس وقرارات إدانة الكيان يشكل قلق أممي دائم مما أزعج الولايات المتحدة التي أعلنت انسحابها من مجلس حقوق الإنسان من أجل عيون الكيان وخدمة مصالح الكيان في المحافل الدولية .
إن الانسحاب الأمريكي من مجلس حقوق الإنسان الذي يضم في عضويته ( 47) دولة دليل كبير على دعم الإدارة الأمريكية لجرائم الكيان بحق شعبنا الفلسطيني، ودليل على انحياز إدارة ( ترامب ) لسياسات القتل والإرهاب وسفك الدماء ومصادرة حريات وحقوق الشعوب؛ بل إن الانسحاب الأمريكي يتنافى مع ما تدعو إليه الولايات المتحدة من ديمقراطية وعادلة وحقوق إنسان، بل إن إن إسرائيل قررت تقليص تواجدها في مداولات المجلس.
إن إدارة ( ترامب ) أصبحت دمية في يد الكيان يحركها كيف يشاء؛ وهذا الانسحاب يعني موافقة الإدارة الأمريكية على جرائم الكيان بحق الإنسان الفلسطيني وبحق الأرض الفلسطينية حيث تواصل ( إسرائيل ) سرقة الآلاف من الأراضي الفلسطينية وبناء المستوطنات عليها حيث تضرب عرض الحائط كافة القرارات الأممية والدولية التي تدين الاستيطان وتدعو لوقفه .
إن القرار الأمريكي يعبر عن النهج الثابت لدى إدارة ( ترامب ) في توفير الرعاية والحماية الكاملة للكيان بل الدفاع في المؤسسات الأممية عن الكيان؛ وهناك التزام حديدي من إدارة ( ترامب ) بالعمل على تطويع ( الشرق الأوسط) لخدمة الكيان وعدم الوقف في وجه الجرائم الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني .
لقد تنامى النفوذ الصهيوني اليهودي في أمريكا وأصبح يؤثر في قرارات إدارة ( ترامب ) وهو ما عبر عنه الكاتب البريطاني جوناثان كوك عندما تحدث قبل أيام عن أن الإجراء الذي أقدم عليه الرئيس الأمريكي ( دونالد ترامب) من نقل للسفارة الأمريكية لدى إسرائيل من تل أبيب إلى القدس بمثابة إهانة للفلسطينيين وللعرب جميعا كما أن القرارات الأمريكية تمثل تمزيق عملية السلام ( أوسلو) التي مضى عليها خمسة وعشرون عاما ومؤشر كبير على ما وصل إليه اللوبي الإسرائيلي من نفوذ، حيث باتت الإدارة الأمريكية تنفذ حرفيا ما تمليه عليها الحكومة ( الإسرائيلية ) المتطرفة التي يقودها (بنيامين نتنياهو).
إن القرار الأمريكي بالانسحاب من مجلس حقوق الإنسان يمثل مكافأة علنية للاحتلال الصهيوني على جرائمه وسياساته العنصرية الاستيطانية ويمثل أيضا تكرسيا لاستمرار معاناة شعبنا الفلسطيني وضياع حقوقه .
لقد أصبح ممثلو الكيان يخجلون على أنفسهم حضور جلسات الأمم المتحدة وهم منبوذين بسبب جرائم الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني، وهو ما استعدى وزارة الخارجية في الكيان تعلن عن تقليص تواجدها في مداولات المجلس حفاظا على ماء الوجه للكيان؛ بل إن الكيان يرفض أن يكون عضوا في مجلس حقوق الإنسان وفي الكثير من المنظمات الأممية التي تتناقض مع وجود الكيان واغتصابه لأرض فلسطين .
أن وجود تمثيل للكيان الصهيوني في الأمم المتحدة هو جريمة كبيرة بل وتتناقض مع ميثاق الأمم المتحدة الذي يدعو للحريات ومبادئ المساواة والعدالة وحقوق الشعوب في تقرير مصيرها؛ وهذا يتنافى مع تمثيل الكيان الصهيوني في الأمم المتحدة؛ هذا الكيان الذي قام على الدماء وقتل الأبرياء وسرقة أرضهم.
يجب على الشعوب أن تفيق من سباتهم العميق وأن تنتصر للشعوب الضعيفة والشعوب المكلومة، ولا بد للأمم المتحدة أن تقوم بدورها الجاد من أجل الانتصار لهذه الشعوب والوقوف في وجه الجرائم الإسرائيلية والأمريكية بحق شعوب العالم.
يجب على مؤسسات الأمم المتحدة مواجهة الضغوط والممارسات الأمريكية والثبات على نهج وميثاق الأمم المتحدة في مساندة الشعوب ودعم الحريات وتقرير المصير، ويجب أن لا تبقى الأمم المتحدة رهينة للقرارات الأمريكية من أجل حماية الكيان والتغطية على جرائمه بحق الشعب الفلسطيني .
مقال / غسان مصطفى الشامي
إلى الملتقى ،،