@مساحة الأراضي الزراعية في قطاع غزة 75.2 كم2 والمنطقة الحدودية تقدم ربع الإنتاج الزراعي
@سياسات حكومة السلطة تهدد بانهيار القطاع الزراعي، وأزمة الكهرباء وملوحة مياه الري وتلوثها تهدد إنتاج المحاصيل الزراعية
يشهد قطاع غزة مداً وجزراً في أداء القطاع الزراعي في عام 2018 مقارنة بالعام الماضي، في ظل سياسات حكومية صارمة لم تمنحه أولوية بزيادة حصته في الموازنة العامة السنوية مع إبقاء الاعتماد على التمويل الخارجي، واستمرار الاعتداءات والقيود الإسرائيلية وتأثيرات بيئية ولوجستية.
تشير معطيات إحصائية رسمية إلى أن نسبة انعدام الأمن الغذائي بين الأسر في قطاع غزة وصلت إلى 70%، في حين أن 93% من الأسر في غزة لا تلبي احتياجاتها الضرورية من السلع. ووفقاً لما يؤكّده مسح الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، يعود السبب الرئيسي وراء انعدام الأمن الغذائي في غزة إلى الافتقار إلى القدرة الاقتصادية للحصول على الغذاء، أي الفقر، وليس عدم توفر الغذاء في الأسواق، رغم توفير القطاع الزراعي، الذي يشمل الإنتاج النباتي والإنتاج الحيواني والثروة السمكية، فرص عمل لحوالي 23% من الأيدي العاملة.
يستورد قطاع غزة معظم سلته الغذائية، لكن الأغذية المنتجة محلياً تمثل مصدراً هاماً من الأغذية وبأسعار معقولة. ويعتمد نحو 19 ألف نسمة من سكانه على الزراعة، و6 ألاف منهم على تربية الماشية و3 ألاف على الصيد البحري لكسب الرزق.
.. تراجع.. واكتفاء ذاتي.. وتصدير
ويشهد قطاع غزة تراجعاً في إنتاج محصول العنب للموسم الحالي بنسبة تقدر بنحو 30% مقارنة مع حجم إنتاجه في العام الماضي. عزت وزارة الزراعة أسبابه إلى التغييرات المناخية ثم الأمراض الفطرية بدرجة أقل. فيما يحقق محصول البطيخ اكتفاءً ذاتيّاً هذا العام مقارنة بالأعوام الماضية وتم زراعة بذوره محلياً دون الحاجة إلى استيراده من الأسواق الإسرائيلية، ومن المتوقع أن يتم تصديره للخارج.
وقفزت أسعار البندورة من شيقل واحد للكيلو الواحد إلى خمسة شواقل للكيلو (1 دولار أمريكي= 3.60 شيقل)، ووفق تقديرات السوق المحلية في قطاع غزة فإن ذلك يعود لسببين رئيسيين هما، استمرار تصديرها إلى الخارج عبر معبر كرم أبو سالم جنوب القطاع، وانخفاض سعرها في الأيام الماضية ما دفع المزارعين إلى اقتلاعها، فيما قالت وزارة الزراعة بقطاع غزة إن الأسباب تعود لانتهاء محصول الدفيئات الزراعية "الحمامات" وبداية زراعة المحاصيل الأرضية المكشوفة.
كما قدرت المساحة المزروعة بالتوت الأرضي "الفراولة" هذا العام بنحو 900 دونم، منها ما هو مُعدّ للتصدير إلى الضفة الفلسطينية بـ(نحو 150 طناً) وأوروبا بـ(نحو 70 طناً)، علماً أن العراقيل الإسرائيلية لتصديره تؤثر على جودة المنتج مما يكبد المزارعين خسائر فادحة.
وساهم منع استيراد السلع المتوفرة داخل قطاع غزة بتحقيق الاكتفاء الذاتي بما يمنع ارتفاع الأسعار لسلعة معينة بناء على قانون العرض والطلب. ووفق تقرير لمركز الميزان فإن المنتجات الزراعية ذات الاكتفاء الذاتي في قطاع الزراعة هي،الخضروات بنسبة 96%،الدواجن (95%)،الزيتون (80%) والحمضيات (50%).
القيود الإسرائيلية
وتقدّر مساحة الأراضي الزراعية 75.2 كم2 بنسبة 20% من مساحة قطاع غزة الكلية، أكبرها في خانيونس ورفح جنوبي قطاع غزة، بالإضافة إلى المنطقة الحدودية من شمال القطاع وحتى جنوبه، بنحو 22500 دونم. وهي "مقيدة الوصول" أي أن الاحتلال يطلق النار صوب من يقترب من الحدود. وتقوم الطائرات الإسرائيلية برش الأراضي الزراعية على طول السياج الحدودي بمبيدات الأعشاب بمادة "أوكسيفلورفن" بذرائع أمنية تساهم بقتل أو منع إنبات البذور المزروعة حديثاً، إضافة إلى تجريف الأراضي الزراعية التي تمثل نحو 35% من مساحة المناطق المزروعة في القطاع، وتعادل ربع الإنتاج الزراعي. وفي حالات التوتر تكون خالية من أي نشاط زراعي مما يكبد القطاع الزراعي خسائر كبيرة.
تسببت القيود الإسرائيلية على قطاع الصيد بانخفاض متوسط الثروة السمكية في قطاع غزة من 365 طناً مترياً إلى 193 طناً مترياً، وخسارة نحو 47% من الثروة السمكية سنوياً وفق تقرير المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان.
ولم تقتصر المعيقات على ذلك، بل انعكس تفاقم أزمة الكهرباء منذ العام 2017 سلباً على برامج الري المنظم للمحاصيل الزراعية وإنتاجها، والنقص المتزايد في القدرة على الوصول إلى الموارد المائية النوعية إلى إضعاف القطاع الزراعي في قطاع غزة، وتفاقم مواطن الضعف لدى المزارعين.
وأثرَّ الحصار والاعتداءات الإسرائيلية على المزارعين والصيادين في منع تصدير المنتجات الزراعية للضفة الفلسطينية والعالم الخارجي، ومنع إدخال العديد من مستلزمات الإنتاج، وكذلك الإجراءات العقابية للسلطة الفلسطينية على قطاع غزة التي طالت تقاعداً مبكراً لنحو 449 موظفاً من وزارة الزراعة في قطاع غزة مما انعكس سلباً على واقع ومستقبل القطاع الزراعي وحالة الأمن الغذائي المرتفع في القطاع.
وتعمدَّت قوات الاحتلال الإسرائيلي تدمير البنية التحتية بشكل ممنهج لتدمير الاقتصاد الفلسطيني وتدمير الأراضي الزراعية وشبكات الري والدفيئات الزراعية. وأدت الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة إلى تدمير 250 بئراً حيث أن كل بئر معدله للري 20 دونماً. فيما حكومة السلطة لا تساهم في إعادة تأهيل الآبار المدمرة.
خطر الانهيار الكامل
تراجعت مساهمة الزراعة في الناتج المحلي الإجمالي الفلسطيني من 14% إلى 9%، حيث بلغ 574 مليون دولار عام 2012 (قطاع غزة 179 مليوناً) وتراجع في عام 2017 إلى 390 مليوناً (قطاع غزة 123 مليوناً)، وتراجع عدد المزارعين من 45 ألف مزارع إلى 30 ألف مزارع، وتتكبد القطاعات الزراعية والصناعية والتجارية والخدماتية خسائر شهرية بنحو 49 مليون دولار.
ويواجه القطاع الزراعي في قطاع غزة خطر الانهيار الكامل جراء عدم إنصافه في حصة الموازنة العامة الحكومية (0.6% تذهب للمصاريف الإدارية دون إحداث أي تطوير) والاعتماد في تطويره على التمويل الخارجي.
ويواجه القطاع الزراعي في قطاع غزة عدة تحديات أبرزها:
.1 توجه كبير نحو القطاعات الخدمية بعيداً عن القطاعات الإنتاجية وخاصة الزراعة، وهذا يظهر من ارتفاع قيمة الواردات الفلسطينية من الخارج.
.2 تدني قيمة الموازنات الحكومية.
.3 غياب التأمينات الزراعية الكافية.
.4 أزمة الكهرباء وتلوث المياه انعكس سلباً على برامج الري المنظم للمحاصيل الزراعية وإنتاجها.
.5 نسبة الملوحة العالية للمياه تؤدي إلى انقراض المحاصيل الزراعية وتلاشيها.
.6 تقلص المساحات الزراعية نتيجة التوسع العمراني والمناطق الحدودية التي يحظر الاحتلال الإسرائيلي الوصول إليها.
.7 الإجراءات العقابية لحكومة السلطة الفلسطينية.
.8 الاعتداءات الإسرائيلية على المزارعين والصيادين.
.9 قلة الترشيد ووعي المزارعين باستخدام المبيدات الزراعية والأسمدة غير المسموح بها دولياً، وعدم دراسة احتياجات السوق.
.10 وقف الاحتلال إدخال العديد من الأسمدة المخصصة للمزروعات بذرائع "الاستخدام المزدوج".
وسام زغبرــ غزة