كانت المرة الأولى التي أسمع فيها باسمه تعود لسنوات إقامتي في العاصمة الأمريكية واشنطن في مطلع التسعينيات، حيث كنت أعمل مديراً لأحد مراكز الأبحاث والدراسات هناك، وكنت أرتب لعقد مؤتمرٍ يتناول سياسات إسرائيل كدولة احتلال، وما يتعرض له الفلسطينيون من اضطهاد وتعسف في الأراضي المحتلة، وكنت أتطلع لدعوة شخصية مسيحية للرد على الادعاءات الصهيونية في الغرب بأن السبب في هجرة المسيحيين وتقلص أعداد وجودهم في الأراضي المحتلة هو بسبب المتطرفين!! فالمخاوف من تنامي نفوذهم حيث يشكل خطراً على حياتهم، فينشدون بذلك السلامة عبر الهجرة إلى أوروبا وأمريكا!! وحيث إني كنت أعرف أن هذه القضية لا أساس لها من الصحة، كان اتصالي بأحد الأصدقاء في الضفة الغربية لترشيح شخصية مسيحية للقيام بدحض مثل هذه الادعاءات الكاذبة، التي تسوقها منظمات وهيئات يهودية صهيونية في أمريكا، فكان أن أشار إليَّ باسم الأب مانويل مسلَّم، وكان قد بعث لي بدراسة وأوراق حول الموضوع فيها تصريحات لمسيحيين تثبت العكس، وأن إسرائيل هي التي تقف وراء محاولات تفريغ أرض فلسطين من مواطنيها من الطائفة المسيحية.
بعد تشكيل حركة حماس للحكومة العاشرة في عام 2006، ذهبت مع صديقٍ لي بغرض اللقاء والتعرف عليه عن قرب، وكنت وقتها أعمل مستشاراً سياسياً لرئيس الوزراء السابق إسماعيل هنية.. كانت تلك الزيارة هي المرة الأولى التي التقيه فيها وجهاً لوجه في مكتبه في مدرسة العائلة المقدسة، بعدما كنت قد سمعت الكثير عن
مواقفه الوطنية ودعمه لحركة حماس ووقوفه إلى جانب المقاومة كحق مشروع كفلته القوانين الدولية والشرائع السماوية.
جلسنا نتحاور ونطرق أبواب السياسة والأدب، كانت جلسة ممتعة، حيث شعرت أنني أمام شخصية واسعة الثقافة والمعرفة، وهي في صلابتها ومواقفها الوطنية لا يشق لها غبار، وهو رمز ديني بمشاعر وأحاسيس إنسانية راقية، كما أنه أيقونة نعتز بها كفلسطينيين، وتفخر به طائفته، كما أن المدرسة التي يديرها والتي يجتمع فيها حوالي ألف طالب وطالبة بينهم أكثر من سبعمائة من أبناء المسلمين، والمدرسة تلتزم المنهج الذي أقرته وزارة التربية والتعليم، وينطبق تدريسه على الجميع، والاستثناء الوحيد هو بعض الدروس الخاصة بالتربية الدينية، حيث يتعلم المسيحي كما المسلم كل على حده أمور دينه، ويقرأ من كتابه المقدس.
أعجبتني المدرسة، وقلت في نفسي: إذا انتقلت إلى مدينة غزة في العام القادم فسأنقل ابني ليدرس الثانوية العامة فيها.
لم ننتقل حينها إلى مدينة غزة، وظلت إقامتي الدائمة في رفح، ولكن في نهاية ذلك العام كلفني رئيس الوزراء السابق إسماعيل هنية أن أنوب عنه في رعاية حفل التخرج لطلاب الثانوية بالمدرسة، حيث ألقيت كلمة في الحفل أشدت فيها بالأب مانويل مسلَّم وبالروح الوطنية التي غرسها في طلاب وطالبات المدرسة، وبالتآخي الإسلامي المسيحي الذي جسده هذا الاجتماع دونما حساسيات دينية؛ لأن الهوية الفلسطينية هي القاسم المشترك بين هذا الحضور الكبير من الطلاب والطالبات وعائلاتهم والهيئة التعليمية، التي تمَّ اختيارها وفقاً لمعايير الكفاءة والمهنية والتميز، وليس أي اعتبارات أخرى.
كان الأب مانويل يتردد من حين لآخر لزيارة رئيس الوزراء واللقاء به لمدارسة بعض المسائل والحديث في شئون السياسة وأحوال الطائفة المسيحية، وكان الأب مانويل يتمتع باحترام الجميع في حركة حماس، وكان لا يغيب عن المشاركة في احتفالات الحركة وفعالياتها الوطنية، ولقرب مكانته من قيادة حماس، كانوا يعتبرونه "القس الحمساوي"، وهو يعتز بذلك ويفخر.
عندما غادرنا الأب مانويل إلى الضفة الغربية، شعرنا أننا فقدنا أخاً عزيزاً على قلوبنا جميعاً، وكنا نعلم أنها مؤامرة عليه، لإبعاده عن غزه التي أحبها وأحبته، وأدركنا بمغادرته للقطاع أننا خسرنا قامة وطنية ودينية متميزة لن يملأ فراغها أحد.
وبعد مغادرته للقطاع بسنة أو سنتين، جاءنا زائراً لقطاع غزة، واتصل بي ليخبرني بقدومه إلينا لبضعة أيام، ولكنني – للأسف - لم أكن بقطاع غزة، فاتصلت بسائقي لتسهيل إجراءات تنقله من المعبر إلى مكان إقامته في غزة.
لم تنقطع الاتصالات الهاتفية بيننا، فالرجل بقي وفيَّاً للجميع في قطاع غزة، وقد سعدنا في أن تظل حبال الود والتشاور قائمة بيننا.
في أيلول 2012 عقدنا في مؤسسة بيت الحكمة المؤتمر الإسلامي – المسيحي الأول في قطاع غزة، والذي شارك فيه الأب مانويل مسلَّم بكلمة ملخصها: كونوا على وفاق تام؛ لكم روح واحد وفكر واحد، فكلنا لهذا الوطن الذي يعيش فينا، فهويتي هي من تراب وطني، وأن كلَّ ما لي فهو لك، وكل ما لك فهو لي.
الكنيسة زمن الحر... مواقف لا تنسى
في الحقيقة، أن الطائفة المسيحية وبالرغم من محدودية أعدادها وتناقصها في السنوات الأخيرة، بسبب الأوضاع المعيشية الصعبة في قطاع غزة؛ أي أقل من ثلاثة ألاف نسمة، إلا أن حضورها الاجتماعي والثقافي لا يمكن تجاهله، فهم برجالاتهم وأعلامهم
ومواقفهم ومؤسساتهم صفحة مشرقة لا تغيب.. ففي كل الحروب التي تعرضت لها غزة كانت الكنيسة والطائفة المسيحية أبوابها مشرعة لإخوانهم المسلمين، وقد كان العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة عام 1967 محطة للبرهنة على صدق المواطنة والانتماء، حيث لجأ بعض الشباب - من الذين خشوا على أنفسهم استهداف قوات الاحتلال الإسرائيلي- إلى الكنيسة طلباً للأمان، كما أن عدداً من المطلوبين الذين كانوا مطاردين لأجهزة أمن الاحتلال (الشاباك) لقوا رعاية لهم في ضيافة الطائفة المسيحية، وفي الحرب العدوانية عام 2014 تعرضت المناطق الشرقية من قطاع غزة لدمار هائل، فلجأ أكثر من 2400 من سكانها إلى كنيسة بريفريوس، حيث تمَّ احتضانهم وتهيئة إقامة مريحة لهم داخل الكنيسة وفي بعض بيوت أبناء الطائفة المجاورة لها، وقد استمرت تلك الإقامة طوال أيام الحرب الخمسين، وكانت تقدم في الكنيسة وجبات الإفطار خلال شهر رمضان، كما أقيمت صلاة ليلة القدر في ساحة الكنيسة، وشاركت بعض رجالات الكنيسة في تهيئة الأجواء لتلك الليلة المباركة، حيث صلى الجميع، وعكسوا روح المواطنة التي تجمعهم كأبناء وطن واحد.
تاريخياً، وكما روى لي بعض المعمِّرين من رجالات الكنيسة، إن الناس في حي الزيتون كانوا يعيشون سوياً متجاورين، حتى أن أحد قيادات حماس البارزين هو أخ في الرضاعة للدكتور عطاالله ترزي، وهذا دليل على حجم التقارب والمودة التي كانت قائمة بين العائلات في الخمسينيات والستينيات.
ولا غرابة أن يتلقى قداسة المطران اليكسيوس؛ مطران الكنيسة الأرثوذكسية بغزة، رسالة شكر وتقدير وعرفان من السيد أحمد الجروان، رئيس البرلمان العربي، لفتح الكنيسة أبوابها لاستقبال أهالي غزة ممن تدمرت منازلهم، جراء القصف وتقديم المأوى لهم، والسماح لهم بإحياء ليلة القدر وإقامة صلاة التراويح.
الأب مانويل وياسر عرفات.. اجتماع الهلال مع الصليب
عندما شرعت في وضع اللمسات الأخيرة على كتاب "ياسر عرفات: ذاكرة لا تغيب"، استحضرت الأسماء التي استكتبتها لتسجيل خواطرها وذكرياتها مع الرئيس الفلسطيني (أبو عمار)، ولكن لم أجد بينها اسم الأب مانويل مسلَّم، وهو الشخص الذي اعتاد أن يلهج بذكره، والحديث عن نهجه ومآثره، فاتصلت به أسأله إذا كان يرغب في كتابة شيء عن ياسر عرفات، فقال لي: لقد سبق أن كتبت شيئاً على درع قمنا بإهدائه إليه، وسأقوم بإرسال ذلك النص إليك.. أعجبتني الفكرة، وقمت بتوسعتها معه، حتى جاءت على الشكل الذي نشرناه في صفحات الكتاب بعنوان: "أبو عمار راعي الوحدة الوطنية"، وجاءت كلمات الأب مانويل مسلَّم المعبرة على السياق التالي: لقد ارتقت وطنية أبي عمار فوق الحزبية والعرقية والطائفية الدينية، وكان في علاقاته وتصريحاته لا يفرق بين الفلسطينيين، فدائماً على لسانه إخوانه "المسلمون والمسيحيون"، "الأقصى وكنيسة المهد"، وكانت اختياراته للعاملين معه ليس فيها تمييز على أساسٍ ديني؛ بل كان ميزانه هو أنك فلسطيني من أرض الحمى. وأضاف: "للتاريخ نشهد يا أبا عمار أنك كنت لنا معلماً فذَّاً رائعاً، وكانت بصمتك التي نلخصها في جملة من العناوين التالية:
- فتَّحت عيوننا، فرأينا في أعماق الأرض صورة أهلنا الأماجد، فصرخنا: "لنا فلسطين".
- أمرتنا في أرض الشتات ونحن لاجئون: "إلى فلسطين"، فحملنا السلاح وصرنا مقاتلين.
- أشعلت في نفوسنا حب القدس والتراب المقدس، وصوّبْتَنا لتحريرها، فقبلنا الشهادة بالملايين.
- حملت البندقية، وسرت أمامنا لتقتلع الموت من أرضنا، ونبني السلام، فهتفنا: "لبيك يا سيد المرابطين".
- ركعت أمامنا تُقَبّل الأرض وقبلتك الأقصى والقيامة، فهتفنا: "الله أكبر" مسلمين ومسيحيين.
- دُفِنْتَ على قاب قوسين من القدس، في غير رحاب الأقصى، حتى نغرسك، لن نستكين. فلتقبل منا روحك التي ترفرف في العلياء، ونعدك أن نبني جيل التحرير ليعيد إلى القدس علم فلسطين.
حركة حماس... الموقف من المسيحيين
بعد فوز حركة حماس في الانتخابات التشريعية كانون الثاني 2006، انتشرت شائعات بأن هناك تهديدات تطال الطائفة المسيحية، وأن هناك حالة من الخوف والهلع عمَّت الطائفة، وربما يشهد قطاع غزة موجة هجرة باتجاه الضفة الغربية أو الدول الأوروبية!! كانت وسائل الاعلام الأجنبية تتردد بكثرة على القطاع، وتجري حواراتٍ مع رموز وقيادات في حركة حماس، وكانت تطرح عليهم ما يثار من مخاوف حول مستقبل المسيحيين تحت حكم حماس. ونظراً لمعرفتي لبواعث مثل هذه التقارير، التي كانت تروِّج لها جهات إعلامية إسرائيلية، بهدف شيطنة حماس واتهامها بالتطرف والإرهاب، نشرت مقالاً باللغة الانجليزية حول الطائفة المسيحية في قطاع غزة، وطبيعة العلاقة التاريخية معها، وعمق الروابط بينها وبين قيادة حركة حماس، مفنداً ادعاءات إسرائيل وتوقيت حملتها للإساءة للروابط الاجتماعية والوشائج الوطنية، وحالة التسامح والتعايش الديني القائمة بيننا على مرِّ العصور.
وفي سياق إظهار ترابطنا التاريخي، قمت بنشر دراسة بعنوان "التسامح الإسلامي - المسيحي على أرض فلسطين"، وأعقبتها بتغريدة على الفيسبوك في كانون الثاني 2015، أشرت فيها قائلاً: "إننا جميعاً على أرض فلسطين - مسلمين ومسيحيين - في شراكة
حقيقية، قدرنا واحد ومصيرنا واحد، فإما أن ننهض معاً أو نسقط معاً، فلا كرامة ولا أمن ولا قيامة لوطن إذا شعر جزءٌ من أبنائه بالتمييز وبأن حقوقهم منقوصة فيه.
إن المسار التاريخي للنضالية الفلسطينية قد شهد عطاءات وتضحيات لكل مكوناتنا الإسلامية والمسيحية، حيث قدَّم الجميع؛ الأغلبية والأقلية، من صفحات البطولة والفداء دفاعاً عن عروبة أرض فلسطين ما لا يمكن غمطه أو تجاهله.. ونحن إن كنا هنا نحرص على إظهار تجليات علاقاتنا الإسلامية – المسيحية المعاصرة، فإن الهدف هو فقط للتذكير بأننا نشكل امتداداً لحالة تاريخية نعتز بها، وبكل ما احتوشته من صفحات عزٍّ ومواقف نفتخر بانتسابنا جميعاً إليها.
إنني لن أنسى تلك الكلمات الشجاعة والوطنية بامتياز التي أطلقها الأب مانويل مسلم إلى أهالي غزة، التي أصبحت مساجدهم غير آمنة أثناء الحرب العدوانية الأخيرة على القطاع، ولجأ البعض للكنائس طلباً للأمان، حيث قال: "إذا هدموا مساجدكم فارفعوا الأذان من كنائسنا".. كلام يوزن - وطنياً - بماء الذهب، ويعكس حجم الترابط والأخلاقية الدينية الحقة، التي تجمع أهل هذا الوطن بمسلميه ومسيحييه".
في ذكرى ميلاد السيد المسيح عليه السلام من عام 2016، أرسلت له تغريدة على الفيسبوك، عنوانها: "الأب مانويل مسلم، أيقونة الوطنية الفلسطينية: عيد ميلاد مجيد وكل عامٍ وأنتم بخير"، وجاءت على الشكل التالي: "سهرت الليلة أقرأ تاريخ هذا الرجل الذي عرفته منذ سنين، وأحببت أن أسجل سطور وفاءٍ بحق هذا الفلسطيني الأصيل الذي ينتمي للديانة المسيحية، والذي وجدت فيه حسَّاً وطنياً متألقاً، وجرأة في قول الحق ولو كان مرَّاً، والتغني بالمقاومة والإشادة برجالها وفعلها النضالي، كما وجدت فيه تحدياً وشموخاً في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، حيث إنه لم يركن للذين ظلموا بل جاهرهم بقوة الحق.. إن سيرة الرجل ومواقفه الوطنية والإنسانية تستحق أن ندونها في تراثنا الوطني، وأن نجعلها مادة للتدريس في جامعاتنا الفلسطينية ومعاهدنا ومدارس أطفالنا.
لقد عرفنا الرجل كشخصية وطنية لا يشق لها غبار، وعرفناه كصاحب مكانة دينية تعتز بجذورها وهويتها الفلسطينية، وهي لا تقبل المساومة، ولا ترضى بغير تحرير الوطن بديلاً. هذه الليلة، ونحن نودع عاماً يطويه الرحيل ونستقبل إطلالة عامٍ جديد، تابعت سجل ذكرياتي مع هذا الرجل الوطني النبيل، وتذكرت كل شيء جميل ومثار فخر طالعته في كل ما قرأت عبر صفحات التاريخ منذ قدوم السيد المسيح، حيث وجدت أن مشاعري تقودني للقول: إن الأب مانويل مسلَّم هو بحق أيقونة هذا العالم المسيحي وضميره الحي، وأن مواقفه التي صدع بها في وجه المحتلين، أو التي تحدى بها كل من ضل عن السبيل تشهد له بذلك، كما أن كلماته وتصريحاته عند الشدائد تعكس صدق وطنيته، وعمق انتمائه الأصيل لهذه الأرض المباركة، والذي على ثراها ولد السيد المسيح (عليه السلام)، وتحركت على ربوعها وفي سهولها قدماه الطاهرتان، لتمنح هذه الأرض مكانة القداسة التي أرادها الله (سبحانه وتعالى) لأهل فلسطين، حيث كان أقصاها أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، وكانت بيت المقدس هي ملتقى الرسل والأنبياء، وبوابة المعراج إلى السماء.
أحببت أن أُذكِّر أهلنا في فلسطين ببعض مواقف الأب مانويل مسلَّم وكلماته التي يجب أن نحفظها، ونصيغ منها عروتنا الوطنية الوثقى، وأن نجعلها كالعقد الفريد مادة يتغنى بها أطفالنا، وحليٍّ تتزين بها جياد النساء، بما تمثله من معانٍ ومضامين، وهذه هي مجرد شذرات منها:
- ليس لإسرائيل في فلسطين وطن، والمسيحي الذي ليس مع شعبه سلماً أو مقاومة لا مكان له بين شعبه.
- خلال الحرب على غزة: إذا هدموا مساجدكم، ارفعوا الأذان من كنائسنا..
- في الرد على البابا تواضروس: من يحاصر غزة هل سينفع القدس بزيارة؟!
- للمقاومة في قطاع غزة: احفروا الخنادق وتقدموا..
- يجب على كل الفلسطينيين أن يدافعوا عن حماس؛ لأنها فصيل مقاوم يحمل السلاح، وقدّم للوطن الكثير من الشهداء والجرحى.
- نعلن نحن العرب المسيحيين أن الآذان في القدس شرف لنا وبدونه لا شرف لنا كفلسطينيين، إننا تجاوزنا مرحلة الاستنكار؛ تجاوزناها إلى مقاومة القرار فعلاً... صوتنا نحن المسيحيين لأهلنا المسلمين هو: إذا أسكتوا مآذنكم، فاعتمدوا أجراسنا تدعوكم للصلاة.
للأب الذي أحببناه، وقدَّرنا مواقفه ورفعناه بيننا مكاناً عليَّا، نُحيِّ فيك الوطن، وننتظر بشوق دائماً إطلالتك الإعلامية، لنسعد بما تصدح به من المواقف الوطنية في السياقات السياسية أو الدينية التي تطرحها كصوت فلسطيني يمثلنا جميعاً.
ختاماً: يا منازل لكِ في القلوب منازل
حتى لا تغيب مواقف الرجل، وتظل أيقونته تسطع في سماء فلسطين، بدأت في تدوين سيرة حياته في كتاب بعنوان: "الأب مانويل مسلم: تجليات الدين والوطنية بعباءة فلسطينية"، والذي آمل بنشره في شهر ديسمبر القادم.
لك أيها الفلسطيني الشجاع والعزيز على قلوبنا، كل التقدير والمحبة وذكريات رجل عرفناه عظيماً، وما زال - برغم شيخوخته - أمامنا عظيماً.
بقلم: الدكتور أحمد يوسف