قطار المصالحة الفلسطينية والحديث عنها،توقف على خلفية تمكين وعد تمكين الحكومة من القيام بدورها ومهامها في قطاع غزة،والآن يتكثف الحديث عن المصالحة الفلسطينية - الفلسطينية من جديد برعاية مصرية،وخاصة أن المصالحة دخلت غرف العناية المركزة على أثر التفجير الذي استهدف موكب رئيس الوزراء رامي الحمد الله ومدير مخابراته ماجد فرج أثناء زيارتهما للقطاع في آذار الماضي...حيث فرضت السلطة الفلسطينية العقوبات المالية والإدارية على قطاع غزة بشكل واسع،تحت شعار استعادة قطاع غزة من سلطة حماس،ورفع شعار التمكين الكامل للحكومة وإلا المزيد من العقوبات "ويا بتشيلو يا بنشيل" ...والآن في ظل المشاريع والمبادرات المطروحة لحل الأوضاع الإنسانية والإقتصادية في القطاع بمعزل وفصل بينها وبين الشق السياسي،الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني....والتحركات الجارية لتطبيق صفقة القرن الأمريكية يمهد لها بخطوات كبيرة تشارك فيها اطراف عربية وإقليمية ودولية،فالسلطة الفلسطينية تفرض عليها عقوبات مالية تدخلها في أزمات عميقة،ولا تمكنها من القيام بدورها ومهامها الخدماتية والمجتمعية،والقدرة على دفع رواتب موظفيها،حيث العقوبات المالية الأمريكية عليها،ووقف استراليا مساعداتها المباشرة للسلطة،تحت ذريعة الخوف بان جزء منها قد يصرف لأسر الشهداء والأسرى،وبالتالي هي تغرد وفق السرب الأمريكي- الإسرائيلي، حيث نشهد السطو الإسرائيلي على اموال الضرائب الفلسطينية ما قيمته 7% من الأموال التي تدفعها السلطة لأهالي الشهداء والأسرى (مليار ومئة مليون شيكل)،وتتوسع البنود وقائمة العقوبات والخصومات الإسرائيلية لتشمل خصومات منها أكثر من 13 مليون شيكل ل 52 من عملاء الإحتلال الذين سجنوا لدى السلطة الفلسطينية،وتعويض المزارعين الصهاينة في منطقة غلاف غزة عن الخسائر التي لحقت بهم نتيجة حرق حقولهم ومحاصليهم من الطائرات الورقية الفلسطينية ...وبالمقابل العقوبات والحصار جعلتا قطاع غزة على شفا الإنفجار،وما تلا ذلك منذ 14 أسبوعاً من مسيرات للعودة مستمرة من القطاع الى حدود فلسطين التاريخية،سلطت الضوء على مأساة شعبنا الفلسطيني ومعانياته،وعرت نفاق وإزدواجية معايير ما يسمى بالعالم الحر والديمقراطي في التعاطي مع قرارات الشرعية الدولية،ومنعاً لإنفجار الأوضاع تجاه دولة الإحتلال،قادت امريكا واسرائيل والدول العربية المنخرطة في مشروع صفقة القرن، عدة مبادرات وعقدت عدة مؤتمرات في واشنطن وغيرها من العواصم الأوروبية،ذرفت فيها دموع التماسيح على الأوضاع المأساوية في القطاع،وطرحت مشاريع للحل حملت بخبث طابعاً انسانياً ولكنها في الجوهر تحمل اهدافاً سياسية،الهدف واضح تحقيق ما يسمى بالسلام الإقتصادي كمدخل لتحقيق صفقة القرن الأمريكية،وشطب الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني،وفي صلبها تثبيت وشرعنة إحتلال القدس وشطب وتصفية قضية اللاجئين ...وهذا يحتاج دمج وتوحيد المسارات في مسار واحد بحيث يصبح ما كان متناقضاً دولياً واقليمياً وفلسطينياً متوافقاً عليه ...حيث نشهد الحديث عن حكومة وحدة وطنية برئاسة سلام فياض،رغم نفي قيادة للسلطة لذلك، وتحركات مصرية جديدة لتحقيق المصالحة الفلسطينية وجهود حثيثة لقائم مقام قطاع غزة السفير القطري العمادي لإدخال حماس في المشروع،رغم الحديث الحمساوي عن ان حماس لن تدفع اثمان سياسية مقابل رفع العقوبات وانهاء الحصار والإستثمار والمشاريع الإقتصادية الضخمة الموعود تنفيذها في القطاع لحل أزمته الإنسانية،ولذلك ستصبح المعادلة المصالحة كمدخل لتطبيق صفقة القرن وليس شطبها حكومة وحدة وطنية وفق المقاس الأمريكي/ سلام فياض،انتهاء الأوضاع الإنسانية الصعبة في القطاع،رفع العقوبات المفروضة من قبل السلطة على القطاع ومفهوم جديد للتمكين،التمكين ضمن الشراكة ...رواتب موظفي حماس تتولى قطر حلها ...وقطر نجاحها في "تطويع" و"ترويض" حماس،سيجعلها مقبولة سعودياً ومصريا،وبالتالي يجري رفع العقوبات والحصار عنها من قبل الرباعية العربية،وتنال شهادة حسن السلوك،ولا غرابة في ذلك فالأب لكل الأطراف الداخلة على خط المصالحة والمنخرطة في صفقة القرن،السعودية والإمارات وقطر ومصر واحد،هو امريكا،ولذلك كل الجهود والتحركات تأتي لخدمة الهدف الأمريكي- الإسرائيلي بالأساس.
المصيبة في الساحة الفلسطينية،بعد إستطالة امد الإنقسام وشرعنته،ونمو مصالح كثيرة للعديد من الأطراف في قيادتي السلطة في الضفة الغربية وسلطة حماس في قطاع غزة،بأن نفس الشخوص المسؤولين عن الإنقسام،هم نفسهم من يحملون ملفات المصالحة،وأية حراكات خارج إطار الفصيلين تجري من اجل إنهاء الإنقسام او رفع العقوبات عن قطاع غزة،يجري قمعها وتخوين القائمين وإتهامهم بأن لهم اجندات خارجية ومشبوهة،وبأنهم لم يكونوا يوماً من الأيام في حراك او صدام مع الإحتلال،كل ذلك في إطار الدفاع عن المصالح والمشاريع التي يديرها طرفي الإنقسام،وتغليفها بالغلاف الوطني،وكأن باقي الكل الفلسطيني،ليسوا جزء من الوطن او المشروع الوطني...؟؟.
الحديث عن المصالحة متواتر من قيادتي فتح وحماس،ومسؤول ملف المصالحة والإنقسام في فتح عزام الأحمد،يتحدث عن قرب تحقيق المصالحة،وعودة السلطة الى قطاع غزة للإشراف على المشاريع الإنسانية هناك،والتصدي لصفقة القرن،وخليل الحية مسؤول نفس الملف عند سلطة حماس،يقول بان شروط تحقيق المصالحة معروفة،رفع السلطة لعقوباتها المفروضة على قطاع غزة،وعقد مجلس وطني توحيدي يقود الى انتخابات تشريعية ورئاسية.
أعتقد بأن تحقيق المصالحة الفلسطينية الفلسطينية،بات مطلب لأطراف صفقة القرن والمشاركين فيها،وهي تعمل على إدخال تغييرات عليها،حتى تمكن الأطراف الفلسطينية من قبولها،وهي مستعدة ان تحرك قطار صفقة القرن بالنار،على الطرف الذي يقوم بتعطيلها...وتلك الأطراف يمكن لها ان تعطل صفقة القرن،وتضع العصي في دواليبها،إذا ما نظرت لتلك الصفقة من منظور وطني شمولي،وليس من منظور فئوي ،وكذلك في إطار إستراتيجي وليس سياسي،حيث ما يحصل في المنطقة،يؤشر الى ان المشروع الإمري- صهيوني يتراجع وينكفىء ولا يتقدم،في حين دول محور المقاومة تنتصر على محور العدوان وتسقطه في أكثر من ساحة وميدان،في سوريا،في اليمن وفي لبنان،ولذلك رفض مشروع صفقة القرن والتصدي له،يجب أن يكون من خلال الرؤيا الإستراتيجية للمنطقة،والإستفادة من التطورات والمتغيرات الناشئة عن تراجع المشروع الأمريكي في المنطقة.
بقلم/ راسم عبيدات