تمر القضية الفلسطينية في حالة غير مسبوقة يترتب عليها تحول في السياسة الفلسطينية لمواجهة الضغوطات الهائلة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني وقيادته من اجل مواصلة النضال الوطني وخاصة ان القضية الفلسطينية برمزيتها كقضية تحرر وطني تشكل لدى الشعوب العربية واحرار العالم نقطة تحول هامة في مواجهة الهجمة الامبريالية الصهيونية الرجعية وظاهرة التطبيع الجارية الان تمهيدا لما يخطط في هذه المرحلة التي تسعى واشنطن من خلالها لتطبيق صفقة القرن عبر خطوات تتمثل إزاحة قضيتي القدس واللاجئين .
لذلك فأن صفقة القرن الأمريكية التصفوية لم تأت من فراغ بل هي جاءت عبر تراكمات نتيجة عملية التنازل المتواصل في السياسة العربية للتخلص من أعباء القضية الفلسطينية بأي ثمن ولو كان ذلك على حساب الحقوق الوطنية التي أقرتها الشرعية الدولية غير أن مستقبل تمرير أو إحباط هذه الصفقة متوقف على الموقف الفلسطيني مع اعتبار خاص لمواقف الدول العربية الأكثر التصاقا بالقضية الفلسطينية مصر والأردن ، مع استمرار الرفض الفلسطيني رغم ما تمارسه الولايات المتحدة وبعض الأطراف العربية من ضغوطات سياسية واقتصادية ، حيث يسجل للقيادة الفلسطينية هذا الموقف الوطني الرافض الى المخطط الأمريكي الصهيوني.
امام كل ذلك يدرك الشعب الفلسطيني طبيعة العلاقة بين الادارة الامريكية وكيان الاحتلال ، حيث اتت صفقة القرن ترجمة لهذه العلاقة التي بدأت فيها ادارة ترامب بأعلان القدس عاصمةً لدولة الاحتلال ونقلت سفارتها إليها، وإطلاق يد حكومة الاحتلال بالاستيطان في الضفة المحتلة وتهجير القرى البدوية والتي كان في مقدمتها الخان الاحمر ، وفي ظل التطبيع المستمر مع الدول العربية.
في ظل هذه الاوضاع نرى ان صفقة القرن تتم بموافقة أطراف عربية، من خلال الحديث عن مشروع فصل غزة عن الضفة ، واعطاء إدارة حماس تحسين للظروف الاقتصادية والانسانية ، وفي ذات الوقت تسعى هذه الاطراف الى خنق وتجويع الشعب الفلسطيني، لهذا لا بد اذا كان هناك من مصداقية لانجاح اللقاءات التي تجري من اجل تطبيق اتفاقات القاهرة ان تتخلى حركة حماس عن السيطرة على قطاع غزة .
في هذه الظروف يسطر الشعب الفلسطيني من خلال مسيرات العودة والمقاومة الشعبية نموذجا نضاليا في إطار شعار وطني، العودة والحفاظ على الثوابت الوطنية وتشارك كافة فصائل العمل الوطني في هذه المسيرات وبموقف وطني متمسك بالثوابت الوطنية .
ان تعزيز مسيرات العودة والمقاومة الشعبية في الضفة وغزة تستدعي وحدة الصف الفلسطيني والعمل من اجل استنهاض الحالة الشعبية العربية الداعمة لقضية فلسطين وحقوق الشعب الفلسطيني.
ان ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من تقليصات الأونروا هو جزء من المخطط الموجه ضد قضية الشعب الفلسطيني، من خلال إنهاء وكالة " الاونروا "، التي جاءت بقرار رقم 302 من الجمعية العامة عام 1949 استنادًا للقرار 194 الذي يحمل المجتمع الدولي المسؤولية عن اللاجئين الفلسطينيين، وطالما أن وكالة الغوث موجودة فقضية اللاجئين حية، وإنهاؤها يعني إنهاء قضية اللاجئين، وهذا يتطلب من الشعب الفلسطيني التصدي لهذا المخطط الخطير التي يسعى الى تقليص خدمات الأونروا ، كما يتطلب هذا الامر تحركا على كافة المستويات عربيا ودوليا من اجل ممارسة الضغوط على الدول المانحة لسد عجز وكالة الاونروا .
ختاما : نرى في هذه المرحلة الصمود والثبات على الحقوق، ورفض كافة الضغوط ، وتعزيز الوحدة الوطنية وحماية منظمة التحرير الفلسطينية ومشروعها الوطني ، وتفعيل مسيرات العودة و المقاومة الشعبية والاستمرار في مسيرة النضال حتى تحقيق اهداف الشعب الفلسطيني في العودة والحرية والاستقلال.
بقلم/ عباس الجمعة