من الفلبين الى غزة

بقلم: سميح خلف

قد تحمل المسافة من الفلبين الى غزة بأميالها تناقضات المجتمع الدولي و مواقفه ، و بينما تحرك العالم نحو 15 طفل علقوا في كهف نتيجة الفياضانات و بين غزة التي يعاني قاطنيها من كل الوان القتل و الحصار والتجويع ، هؤلاء الاطفال الذين احتموا في مغارة في الفلبين تحركت كل التكنولوجيا لحمايتهم وهو عمل انساني يحترم ، لو كانت المقاييس واحدة لحماية جميع اطفال العالم فلقد سجلت الحروب الثلاث على غزة الكم الهائل من قتل الاطفال واحتجازهم بفعل الآلة العسكرية الاسرائيلية بل كانت هناك اسر لم تجد قوتها في حرب 2014 و لمدة 51 يوما ولم تجد حليب لاطفالها ولحالة المواليد في تلك الفترة ، ناهيك على ان غزة الان و التي تعاني من العقوبات و الحصار و اكبر حالة فقر في العالم و بطالة و نقص في الادوية و غذاء الاطفال لم يتحرك العالم لحماية هؤلاء الاطفال ولحماية هذا الشعب من بطش الاحتلال و عقوباته و فرضياته على واقع السلطة ، ازدواجية في المعايير بين ابناء أدم "ابناء البشر" .
في السابق وقف العالم عاجزا أمام مدبحة صبرا وشاتيلا و قتل عشرات الشيوخ و النساء و الاطفال كما هي مواقفه في كفر قاسم و دير يس وقانا و مدرسة بحر البقر في مصر و ابو زعبل ، لم يتحرك العالم حين اطيح بالبيوت في الشجاعية و خانيونس و رفح على رؤوس ساكنيها لتباد عائلات بكاملها ، هكذا هي المعايير التي تقود ما يسمى العالم الحر او الدول التي تدعي قيادة العالم .
اذا كانت غزة هي المقياس الان لاذدواجية التعامل مع البشر من قبل الدول الكبرى فإن تلك الدول ايضا وقفت عاجزة ايضا عن حماية شعب بكاملة في القدس و الضفة و ما تتعرض له القدس من سرقة التاريخ و الحضارة و ما تعانيه من عملية تهويد ، اذا لماذا العالم العالم تحرك كله ماديا و اعلاميا لحماية 15 طفلا فلبينيا و لم يتحرك لحماية الشعب الفلسطيني .

وانا استمع لفضائيات متعددة عربية و أجنبية أصابني الحزن تارة والإحباط تارة أخرى و الضحك و شر البلية ما يضحك حينما خصصت تلك الفضائيات برامج كاملة و مصورة عن حالة 15 طفل فلبيني و استحضروا علماء نفس و أطباء لدراسة الحالة النفسية لهؤلاء الاطفال بعدما تم انقاذهم ، يقول الخبراء ان تعرضهم للخطر لمدة 15 يوم قد اثار لديهم عدة مشاكل نفسية و من الصعب انخراطهم في المجتمع و بالتالي يجب وضعهم تحت فترة علاج و نقاهه تعيدهم للانخراط في المجتمع ، و هنا اتسآل كم فضائية و كم عالم فكروا بالاعتناء بأطفال غزة او شبابها الذين يعانون من الحصار نتيجةالفياضنات السياسية و المؤامرات الدولية على وجودهم و على أرضهم التاريخية ، كم من العلماء و الفضائيات كرسوا مجهوداتهم او خصصوا بعضا منها لدراسة سيكولوجيا شباب غزة الذين يعانون من البطالة على مدار سنوات عديدة و كم من المؤسسات الدولية درست الحالة النفسية للشعب الفلسطيني بعد النزوح ووجوده في مخيمات اللجوء بعد ان كان يمتلك الارض و الزرع .
من الفلبين الى غزة المسافة شاسعة و الفوارق شاسعة ايضا ، فهل نحن في عالم يحتكم لنصوص الديانات السماوية و القوانين الوضعية التي لم تكن الا حبرا على ورق .

علما بأن الفلبين ليست هي الدولة القدوة في الديمقراطية او حقوق الانسان فمازال هناك المسلمين يتعرضون للظلم و القهر والاضطهاد و القتل رغم وعود المتكررة باعتطائهم حكما ذاتيا جنوب البلاد و هنا نوضح ان اولى القبائل التي ذهبت الى تلك الارض هي قبائل المسلمين التي عمل الاستعمار الاسباني على تغيير ديموغرافيتها باستجلاب مئات الالاف من الديانات الاخرى لتصبح الديانة الاسلامية هي الاقلية في تلك البلاد ما بين غزة و الفلبين هي عملية القهر و الاضطهاد و كما يتعرض المسلمين للقهر و القتل في تلك البلاد ايضا تتعرض غزة و فلسطين و هويتها القدس ايضا لعمليات التهويد و القتل والاجتياحات الاسرائيلية فهناك السر في المواقف و الفوارق .


سميح خلف