عندما نسافر كفلسطينيين على أي دولة عربية أو أجنبية , يتم إستقبالنا كالأبطال , ويرحبون بنا كعملة نادرة , كوننا أصحاب قضية عادلة ومسيرة نضال طويلة ولا زالت مستمرة , ويرحبون بنا بكلمات مشهورة "أهلا وسهلا بأبطال فلسطين " أو, أهلا وسهلا بأصحاب القضية , وغيرها من الكلمات الجميلة , وبناء على هذا الوصف الجميل التي منحته لنا الشعوب الأخرى , أستطيع أن أقول , أيها الشعب الفلسطيني البطل صاحب القضية العادلة , أين أنت من صناعة القرار؟ اليس أنت البطل وصاحب القضية العادلة كما وصفتك الشعوب ؟ اليس أنت من تمثل البطولة والشهامة في معابر ومطارات الدول العربية والأجنبية ؟ أليس أنت النسيج الرئيسي لدولة فلسطين وثقافتها ومؤسساتها وأحزابها ؟ لماذا لا تشارك في صناعة القرار؟ .
قرار سياسي , هذا المصطلح أصبح شريكا رئيسيا في تفاصيل حياتنا اليومية , حتى بتنا كشعب نراقب تحركات الوفود السياسية في رحلاتها على العواصم , ولكننا نلعب دور المراقبين فقط حتى يأتي دورنا لنكون مستهلكين للقرار السياسي وليس صانعين له , أو حتى شريكين في صناعته , ورغم أن القرار السياسي يحدد لنا مستقبل أبنائنا ويتحكم في رغيف خبزنا , لا زلنا عاجزين كشعب أن نكون شريكين فيه أو مؤثرين عليه , ورغم أن القوانين الدولية وأيضا القانون الداخلي للدولة يعطينا الحق في الشراكة بأي قرار سياسي يصدر عن أي مؤسسة رسمية في الدولة , نجد انفسنا كشعب خارج هذا القرار , مع العلم أن شراكة الشعب في القرار السياسي حق مكفول في القانون , وهذا الحق بناء على أننا دولة ديمقراطية , دولة القانون والمؤسسات , وبالطبع هذا مكفول لنا عبر صناديق الإقتراع لإختيار من يمثلنا في مجالس الدولة ويتحدث بإسمنا , أو عبر إستفتاء شعبي يتم إجرائه قبل إتخاذ أي قرار .
للأسف هناك مشكلتين أساسيتين تواجهنا في الحصول على هذا الحق في صناعة القرار , وهي أولا الخلافات بين الأحزاب والتي أدت الى تجميد مؤسسة إدارة الدولة "المجلس التشريعي" ونتج عنها الفساد الواضح في السلطة التنفيذية والتي تأخذ تعليماتها من الأحزاب السياسية , وأيضا ضياع سنوات طويلة من عمر المواطن الفلسطيني دون أن يحصل على حقه في التصويت لمن يمثله عبر صناديق الإقتراع , أما المشكلة الثانية فهي غياب نظام الإستفتاء الشعبي الذي نشاهده في بعض الدول المحترمة , فمن حق الشعب أن يستفتى في إتخاذ القرارات السياسية لأنها ستكون نسيج حياته اليومية ومستقبل أبنائه , وخاصة في غياب المؤسسة التشريعية وتفعيل مؤسسات الأحزاب مثل المجلس الوطني لمنظمة التحرير ومجلسها المركزي أيضا , والمجلس الثوري لحركة فتح , والمكاتب السياسية لحماس والجهاد وباقي الأحزاب السياسية .
هناك فجوة واضحة بين الشعب وصناع القرار السياسي , وما نسمعه في الخطابات السياسية عن القانون والدستور هو مجرد كلمات عابرة ليس لها رصيد على أرض الواقع , فأنا لا أقصد حزبا معينا فكل الاحزاب الفلسطينية بلا إستثناء لا تحترم أرادة الشعب , ولا تستخدم نظام الإستفتاء ولا حتى في نظامها الداخلي .
ما لفت نظري في خطابات السيد الرئيس عندما دائما يقول "من حق الشعب أن يقرر مصيره" فأسأل نفسي كيف الشعب سيقرر مصيرة وهو محروم من حقه في الإنتخابات ومن الإستفتاء أيضا .
وما لفت نظري ايضا في إحدى خطابات قائد حركة حماس في غزة يحيى السنوار عندما إجتمع مع وجهاء ومخاتير غزة قائلا , أنا بطلب منكم تساعدونا في إتمام المصالحة , أرجوكم ساعدونا وأوقفوا جانبنا حتى لا تنهار المصالحة , حينها رددت عليه بمقال وكتبت فيه , الى قائد حركة حماس في غزة يحيى السنوار , أنت تطلب من وجهاء المجتمع المدني والعشائر أن يقفوا بجانبك في إتمام المصالحة , فهل هؤلاء يملكون القرار ؟ وهل هؤلاء يجلسون معكم في حوارات المصالحة والمشاركة في صناعة القرار السياسي حتى يكون لهم رأي ؟
برأيي أنه بعد تجميد المجلس التشريعي للدولة , وبعد سلب حق المواطن في الإنتخابات التشريعية والرئاسية , وبعد تفعيل دور مؤسسات الأحزاب السياسية , يجب أن يتم تفعيل نظام الإستفتاء في الدولة , وخاصة في القرارات السياسية المصيرية والتي تمس حق المواطن .
أشرف صالح
كاتب صحفي ومحلل سياسي
غزة – فلسطين