تتبنى حركة حماس كحركة تحرر وطني، المقاومة بكافة اشكالها في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي، حيث نص القانون الدولي: على أن المقاومة بكافة أشكالها حق مشروع للشعب الواقع تحت الاحتلال، بالتالي فإن سلاح حركة حماس وكافة قوى المقاومة الفلسطينية يحظى بشرعية قانونية ولا يمكن نزعه.
لقد أثبتت حركة حماس نفسها منذ نشأتها في أكثر من ميدان في السياسة والمقاومة والحكم والعمل الأمني وغير ذلك، مما أهلها للعب دورا فاعلا وطنيا وإقليميا، لا يمكن تجاوزه، حيث أصبحت جزءا أساسيا في النظام السياسي الفلسطيني؛ بشكله المقاوم والوطني والفصائلي والشعبي.
تحرص حركة حماس على وجود علاقات مع جميع الدول والكيانات الدولية وعدم التدخل في شؤونها ، وهذا ما صرحت به العديد من قياداتها السياسية في أكثر من خطاب لها، كما تشهد علاقات حركة حماس الدولية حالة من المد والجزر، فهناك دولاً رغم قطيعتها للحركة، أجبرت على التعامل معها لما تمتلكه الحركة من أوراق قوة .
يتمثل حصول حماس على الاعتراف الدولي أبرز التحديات التي تواجه الحركة، خصوصا في ظل ما يجري في الإقليم. ورغم ما يحدث في الاقليم من متغيرات إلا أن حركة حماس تسعى إلى تعزيز موقعها الإقليمي والدولي والمحافظة على علاقة جيدة مع كافة المحاور والأطراف، حيث تسير حماس أمام التغيرات الجارية في المنطقة وفق استراتيجية عدم التدخل في الشؤن الداخلية للدول وقد أثبتت لجميع الأطراف التي كانت تتهمها بالتدخل في شؤونها بأنها كانت تقف على الحياد، هذا وتحاول ضبط علاقاتها مع الجميع بصورة متوازنة وخاصة مع المجتمع الدولي، و تسعى لإثبات أنها حركة تحرر وطني مقبولة ومدعومة من أطراف مختلفة.
كلنا يعلم أن (إسرائيل) تسعى إلى وقف اعتراف المجتمع الدولي بحركة حماس وتخشى من انزلاق المجتمع الدولي نحو الاعتراف بحركة حماس و إضفاء صبغة الشرعية عليها دون أن تلبي الشروط الظالمة التي وضعتها اللجنة الرباعية الدولية بقيادة رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير الذي طالب حركة حماس بالاعتراف بإسرائيل، والذي ثبت له بعد انتهاء دوره السياسي وفق ما صرح به لصحيفة الاوبزرفر البريطانية: "بأنه وزعماء آخرين في العالم ارتكبوا خطأ بدعم مقاطعة حركة حماس الفلسطينية بعد نجاحها في الانتخابات في عام 2006".
أزمات قطاع غزة لا تكاد تنتهي أو تتراجع، حتى تتفاقم مجدداً، مع تواصل الحصار الإسرائيلي الذي دخل عامه الثاني عشر، الذي أدى إلى تدهور الظروف الحياتية كثيراً في قطاع غزة وخصوصاً في الأشهر القليلة الماضية التي شهدت سلسلة عقوبات انتقامية فرضتها السلطة الفلسطينية على القطاع، حيث جرى خفض كميات الكهرباء، واقتطاع أجزاء من رواتب موظفي السلطة، وتقليص خدمات وكالة الغوث الدولية، مما أدى إلى تراجع الحركة الاقتصادية في القطاع.
وبحسب اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار، فقد كان عام 2017، الأصعب من الناحية الإنسانية والاقتصادية في ظل استمرار الحصار الإسرائيلي، وتبعات الانقسام الداخلي. وأشارت اللجنة إلى أن 80 في المائة من السكان يعيشون تحت خط الفقر، فيما وصلت نسبة البطالة إلى 50 في المائة، في حين أن ربع مليون عامل لا يزالون مُعطلين عن العمل، و80 في المائة من مصانع غزة مغلقة بشكل كلي أو جزئي بسبب الحصار ، فيما الخسائر السنوية المباشرة وغير المباشرة تقدر بـ250 مليون دولار.
بعد ما تقدم يرى كاتب السطور أنه رغم الحصار وتداعياته على سكان قطاع غزة ورغم العقوبات الفلسطينية والعربية والاسرائيلية والامريكية على القطاع إلا أن هناك حالة تماسك بين حركة حماس وسكان قطاع غزة وبين حركة حماس وحاضنتها الشعبية وهذا ما يمكن أن نلمسه في كافة الحروب والمواجهات مع العدو الصهيوني وأيضا ما يمكن أن نلمسه من استجابة جماهيرية في مسيرات العودة الكبرى التي تعد حركة حماس رأس الحربة فيها وبالتالي سكان قطاع غزة استطاعوا ان يسقطوا استراتيجية ضرب حماس من الداخل من خلال عدم الاستجابة للضغوط الخارجية، وأصبح من الواجبات على المجتمع الدولي الحوار مع حركة حماس، لأن هذا الحوار سيسهم في حلحلة الكثير من القضايا العالقة.
أما فيما يتعلق بطبيعة العروض الدولية المقدمة لتحسين الأوضاع في غزة فهي مشاريع يحتاجها قطاع غزة على المدى القريب لتجنب كارثة إنسانية بعد التقرير الذي قدمته الأمم المتحدة بأن قطاع غزة لن يكون صالحا للحياة بعد عام 2020 نظرا لفقدان متطلبات الحياة وعلى رأسها الماء والكهرباء والبطالة، وعلى ما يبدو أن المشاريع المقدمة لقطاع غزة سيتم ربطها بالاستقرار وبالتالي تحويل الفلسطينيين رهائن للسياسة إذا ما حاولوا التحرك لمواجهة اسرائيل في إطار تغيير المشهد لصالحهم، هذا ومازالت العروض المقدمة لقطاع غزة تأخذ طابعاً إنسانياً وهي تتوافق مع قراءة المشهد في المنطقة إذ أن طرفي المعادلة المقاومة والكيان الصهيوني غير مستعدان للتوافق سياسيا في هذه المرحلة الأمر الذي استدعى حلولا بينية تعالج الظروف الحياتية حتى لا ينهار القطاع اقتصادياً.
بقلم: عبد الرحمن صالحة.