ثمة عدة قضايا يجب وضعها على الطاولة و دراستها جيدا و الأخذ بعوامل قوتها و ضعفها و امتداداتها لكي نسطيع القول هل ستنجح المصالحة هذه المرة ام ستفشل كسابقتها ، و ان كانت كل الجولات السابقة أضافت كم و كيف تراكمي لدى الطرفين الفلسطينيين و الأطراف الاقليمية و الدولية .
بالتأكيد كلبنة اولى معرفية لما يمكن ان يؤدي الى القواعد الاولية للمصالحة هي التنازلات المؤلمة التي يمكن ان تقدمها حماس و باقي الفصائل المقاومة و التي تتعارض برامجها مع برنامج منظمة التحرير و برنامج السلطة تلك التنازلات المؤلمة التي تم التوافق عليها بين السلطة اسرائيل و تتلخص بأن تؤمن حماس و حركة الجهاد الاسلامي بالبرنامج السياسي لمنظمة التحرير و شروط السلطة ايضا تحت مقولة سلاح واحد و امن واحد ، و اضيف لها مصطلح جديد امتدادا لعملية التمكين التي تطالب بها السلطة (ما تحدث به الرئيس و عزام الاحمد و مركزية فتح ) وهو في منتهى التطرف و الاقصاء للأخرين ، هذا المصطلح الذي يستبعد او يرفض اي عملية ديموقراطية (يا بتشيلوا يا بنشيل) اي بمعنى فتح الباب واسعا لشهية من يريدون فصل الضفة عن غزة و هي الأرض التي تبقت من أرض الوطن .
في هذا المجال لقد أحدثت وثيقة حماس منذ عام ونصف تقاربا نسبيا و تقاطعات في منتصف الطريق مع برنامج منظمة التحرير الذي يؤمن بحل الدولتين و مازال متمسكا به رغم اقتطاع اسرائيل اراض شايعة تمثل 60% من الضفة و سيطرة كاملة على مناطق الغور و قرار الادارة الامريكية الذي لا اعتقد ان تتراجع عنه بخصوص القدس و الذي سيجبر السلطة و منظمة التحرير ان تتعاطى مع هذا القرار ضمن مخارج محددة للعاصمة الفلسطينية التي تحدثت عنها وكالات الانباء ابو ديس و ضواحي القدس العاصمة المستقبلية .
قبلت حماس دولة على حدود 67 بدون الاعتراف باسرائيل و هذا سيفتح المجال واسعا للمناورة من خلال اتفاقية او معاهدة سلام طويلة الأمد عن طريق طرف ثالث او هدنة طويلة الأمد يتم فيها الالتقاء مع برنامج منظمة التحرير هذا بالمعطيات السياسية و الفوارق السياسية و الخلافات في البرامج ، اما سلاح المقاومة و ما تم الاتفاق عليه مع الطرف المصري بأن يكون سلاحا دفاعيا و امنيا عن قطاع غزة و ان ترتبط توجهاته بالحل السياسي و هذا يمكن للسلطة ان توافق عليه و ان توافق عليه حماس وباقي الفصائل في ظل تصور للحل النهائي .
اذا ماهي اوجه الخلافات الأخرى ، بالتأكيد ايضا أن جولة المصالحة الحالية في القاهرة و برعاية مصرية لم تبدأ من الصفر بل بيت على ما قبلها و معالجة مناطق الفشل و ارتكازاته ، فنجاح المصالحة يتعلق بمواقف عدة جهات : -
1 – القناعة الذاتية الفلسطينية
الفلسطينيون جميعا هم في موقف لا يحسدون عليه داخليا و خارجيا فبتأكيد ان هناك صفقة
سياسية يتم العمل بها او تحضيرها على مستوى الاقليم و بالتالي على الفلسطينيين ان يحزموا امرهم اما دولة فلسطينية في الضفة وغزة و اما دولة في غزة و حكما ذاتيا او ضما للضفة الغربية مع انفتاح امني و اقتصادي على الاردن و اسرائيل الخيار الاول يحافظ على النظام السياسي الفلسطيني و البرنامج الوطني بحده الأدنى ، اذا امام الفلسطينيون مفترق طرق اما ان يتفقوا بايجاد حلقة وسطى للربط بينهما ، و اما اتاحة المجال لتطبيق السيناريو الاسرائيلي الامريكي بدولة في غزة و الضفة محسوم امرها بناءا على الواقع الذي يجري الان .
2- دول الاقليم
ما يحدث في سوريا و صراعات اقليمية على ارضها و ايجاد معادلات جديدة تحكم تلك القوى على طريق الوسيط الروسي له علاقة مباشرة ايضا بالتأثير المباشر و الغير مباشر على مجريات المصالحة و نجاحها من فشلها ايضا
أ – الدور التركي وهو ليس معارضا لتوافق فلسطيني فلسطيني ينتج عنه برنامج سياسي يتيح بمعاهدة سلام مع اسرائيل ضمن حدود البرنامج الوطني الفلسطيني .
ب – الدور الايراني و الصراع التكنولوجي بين اسرائيل و ايران و عملية العداء لأمريكا و اسرائيل و عملية التبريد ضمن المصالح الاوروبية للملف الايراني و التوصل لمعاهدة غير مباشرة بين ايران و اسرائيل قد تنعكس انعكاسا مباشرا على الساحة الفلسطينية في ظل توسط الروس في ابرام تلك المعادلة الجديدة .
ج – الدور القطري ايضا قطر لعبت دورا هما في تغذية بعض المشاريع الهامة في غزة ودعم غزة و حماس وباقي الفصائل و تلعب دورا في التواصل الغير مباشر بين اسرائيل و حماس و ليس لدى قطر مانع في التوافق بين منظومة عباس في ظل حل سياسي يربط الضفة مع غزة .
د – الدور المصري ، بالتأكيد ان الدور المصري تاريخي في القضية الفلسطينية و مصر تاريخيا تمتلك محورية الفعل و العمل في المنطقة و بالتالي تجد مصر تهديدا لامنها القومي و مسؤولياتها القومية تجاه القضية الفلسطينية و ترى ان القوى الاقليمية الاخرى تهدد امنها القومي و بالتالي مصر معنية بإيجاد عملية تقارب بين السلطة و حماس في ظل برنامج سياسي يمهد للتعاطي مع المبادرات السياسية المطروحة و التي ترى مصر انه لا يمكن التعاطي معها الا بالمصالحة و لا تريد ان تسجل على نفسها تاريخيا انفصال الضفة عن غزة ، فترى مصر ان الحل الانساني لازمات غزة يجب ان يمر من خلال سلطة حكومة وحدة وطنية وشراكة كاملة بين الاطراف يمكن ان تؤسس لانتخابات ديموقراطية على مستوى السلطة و منظمة التحرير و بالتالي مصر كما قلت لن تسجل على نفسها موقفا يؤثر على امنها القومي و على استراتيجيتها في المنطقة بانهيار النظام السياسي الفلسطيني اذا انفصلت غزة عن الضفة ، قد تجد حماس نفسها منجذبة نحو الدور المصري بحكم عدة عوامل جغرافية و تاريخية و عروبية ايضا و اسلامية ايضا و من هنا يبقى الدور المصري هو الأقوى و خاصة ان مصر منفتحة على كل القوى الدولية امريكا وروسيا و الصين و اسرائيل التي تربطها بها معاهدة سلام .
و لكن كما قالوا الشيطان يكمن في التفاصيل و هذا ما افشل المصالحة في المحاولات السابقة التي كانت مواقف المسؤولين فيها كسوق عكاظ كل يدلو بدوله على الاعلام و هنا نسجل ان هناك من لهم مصالحة حقيقية في تعطيل اي نقاط توافق للوصول الى المصالحة و هم في الضفة اكثر من غزة ، وقد تبرز قضية لموظفين مرة اخرى التي يمكن حلها بالورقة السويسرية او في اطار حل سياسي تلتزم به دول الاقليم و لكن هل نبدأ بقضية الموظفين و التمكين التي يمكن ان تفجر قضايا خلافية ام نبدأ بالانتخابات للسلطة الفلسطينية التشريعية و الرئاسية و بعد ذلك منظمة التحرير و تشكيل لجنة عربية لتحويل الاجهزة بعد ذلك لاجهزة مهنية هذا مواكبا كما قلت في اطار حل سياسي شامل تشارك فيه القوىالدولية والاقليمية ، قد تكون حكومة الوحدة الوطنية الان التي يجب ان يعطي فيها عباس مرسوما رئاسيا هي التي تقوم باستلام مرحلي للسلطة التنفيذية ولمدة 6 شهور تعد لانتخابات رئاسية و تشريعية و بناءا عليها يتم التعاطي مع التشكيلات الوطنية حكومية و تشريعية و قضائية لتضع برنامج سياسي يتناول كل ما هو مطروح اقليميا دوليا .
بقلم/ سميح خلف