عندما غادر وفد حركة حماس القاهرة متجه الى غزة الجمعة الماضية , ولم يخرج لنا بتفاصيل حوارة مع المخابرات المصرية , وأكتفى الوفد بقوله أن الحوار جيد وبناء , وبناءا على هذا أصابت حالة الإحباط الشارع الفلسطيني وأعتقد الجميع أن حوار القاهرة باء بالفشل كباقي الحوارات السابقة , وخاصة عندما علقت مصر على غياب هنية والسنوار من الوفد , وأعتبرت مصر أن غياب هنية والسنوار هو تسجيل موقف يتمثل في رفضها لإسلوب الحوار أو بعض النقاط , إلا أن خرجت لنا صحيفة "الحياة اللندنية" بتفاصيل ما وصلوا اليه من تفاهمات حول هذا الموضوع , وبالفعل تمت موافقة حركة حماس على النقاط التي عرضتها المخابرات المصرية عليها , وهكذا تكون المخابرات المصرية ألقت بالكرة في ملعب حركة فتح , لأن ما تم الإتفاق عليه بين حماس والمخابرات المصرية يتناسب تماما مع مطالب حركة فتح وخاصة ضبط سلاح القسام وإعتماد العشرين ألف موظفا , والنقاط التي وافقت عليها حماس هي نفس النقاط التي عرضتها فتح على المخابرات المصرية وحماس , وهكذا نكون قد وصلنا الى نتيجة توافق عليها الجميع , ولكن لا زالت حركة فتح تلتزم الصمت , فهل تفاجئت حركة فتح بالكرة التي ألقتها المخابرات المصرية في ملعبها ؟ أم لا زالت تطمح بمزيد من التنازلات من قبل حركة حماس ؟ برأيي أنه من المبكر الحكم على موقف حركة فتح فلا زال الوقت متاح لرد حركة فتح على هذه النقاط , وخاصة أنها ستخضع لدراسة وتقييم من جانب الحركة , ولكن الأهم هو أن الكرة الآن أصبحت في ملعب حركة فتح والجميع ينتظر الرد .
كيف إستطاعت المخابرات المصرية إقناع حركة حماس هذه المرة ؟ برأيي أن المخابرات المصرية هذه المرة إستخدمت أساليب مختلفة عن الماضي , وتتمثل في نقطتين مهمتين وهما العصا والجزرة , المخابرات المصرية إستخدمت إسلوب العصا مع حركة حماس في حال فشل الحوار, وهددت بأنها ستغلق معبر رفح والذي هو الأهم لأنه شريان حياة بالنسبة لحماس , وأيضا ستعامل مع القرارات التي ستنتج عن السلطة في حال فشل المصالحة , ومن هذه القرارات إعتبار أعضاء حماس بالمجلس التشريعي منزوعين الحصانة وبلا شرعية أو صفة قانونية , ودخولهم على مصر أو العالم الخارج عن طريق مصر أيضا سيكون في غاية الصعوبة , وهاذا في حال موافقة مصر , وسيكون تحت مسمى حزب سياسي منافس للشرعية على حد تعبيرهم , بالإضافة الى بعض الإمتيازات التي ستسحبها مصر من حماس وخاصة أن حماس دائما تبحث عن البدائل وهذه البدائل مرهونة بموافقة مصر بحكم الوصاية السياسية والسيطرة على المعبر أيضا .
أما سياسة الجزرة وهي التي كان لها الحظ الأوفر في إنجاح الحوار , فقد إعتمدت المخابرات المصرية على بعض الإضافات في الحوار , وهي على شاكلة بعض الإغراءات لحركة حماس , مثل إستبدال حكومة الوفاق بحكومة وحدة وطنية تتيح لحماس المشاركة في إدارة الوطن وأيضا بعض الفصائل , بالإضافة الى فتح معبر رفح بشكل دائم وبناء مواني في غزة وخانيونس لتشكل خط تجاري بحري يربطها بميناء العريش , وتجديد مطار غزة الدولي لفتح خطوط جوية , وفتح منطقة تجارية حرة بين مصر وغزة , وإعتماد عشرين ألف موظفا مع الحفاظ على حقوق أثني وعشرين ألف موظف آخرين من الحركة في حال توفير غطاء مالي من الدول العربية والأوروبية .
بعد نجاح المخابرات المصرية في وضع النقاط على الحروف , ووصولها لنتائج إيجابية مع حركة حماس نستطيع أن نؤكد أن الكرة الآن باتت في ملعب حركة فتح , لأن الجميع الآن ينتظر الرد من فتح وخاصة بعد موافقة حماس على ضبط سلاح القسام ووضعه تحت إشراف حكومة الوحدة الوطنية , وهذه بحد ذاته يشفي رغبات حركة فتح .
اليوم قرأت عبر وسائل الإعلام بأنه لا فيتو من أمريكيا وإسرائيل على مشروع المصالحة , وهذه بالطبع يتناغم مع رغبة مصر في المصالحة وتمهيد الأرض لعملية سلام قادمة بين جميع الأطراف , فيجب أن يكون هذا دفعة قوية لحركة فتح للتعاطي مع التفاهمات الأخيرة .
برأيي أن حركة فتح يجب أن تستثمر هذا الإنجاز وأن لا تضيع الفرصة عليها هذه المرة , لأنه ليس من المعقول أن تحظى بالشرعية الدولية وقيادة منظمة التحرير ولا تستطيع أن تضم غزة الى مناطق نفوذها كمؤسسات دولة .
بقلم/ أشرف صالح