احتراق وطني سرطانات وسموم وكراهية وعدوان

بقلم: أشرف نافذ أبو سالم

منذ النكبة الفلسطينية عام 1948 لم يتعرض الشعب الفلسطيني لمأساة وضياع وقطيعة وطنية أثرت بشكل مباشر على المناعة الوطنية كما يحدث الأن في زمن الانقسام والتشرذم الوطني الذى احتل عقولنا وأنفسنا وذاب كالملح في عروقنا .
تُعد هذه الحالة كابوساً جاثماً على صدورنا ونحن شعب مقهور يعانى ويلات الحصار والدمار والعدوان المتكرر من الاحتلال الإسرائيلي، وأصبحنا قمحاً يطحن بين رحى البطالة والحصار والأزمات الحياتية والمعيشية وغلاء الأسعار والفساد والكساد والفقر وخراب الاقتصاد الوطني والمنزلي والشخصي وأزمات الرواتب والديون والربا والاحتكار.. التي أصبحت سوطا سودانياً نجلد به صباحاً مساءاً ناهيك عن جشع التجار وأزمات المياه والكهرباء .. لقد أصبح البطل ابن البطل هو من يُحصل قوت يومه بربع ربطة خبز وكيلو بندورة "كهرمانة الفقراء ..والحمد لله"
الشعب هنا من يعانى تلك الويلات والشعب طبعا مقسم الى طبقات ولو اخترنا الطبقة المتوسطة التي وان ذابت واختفت سيؤدى ذلك الى تفشى أمراض خطيرة ومهلكة للمجتمع وللدولة ولأى نظام كان .
فواقع تلك الطبقة الأن عبارة عن جحيم أسود ولهيب حارق يلتهمها ويفتت قوتها ، من تلك الطبقة فئة التجار والمتعلمين و الموظفين وهم الأن "بغنوا على أبو الزلف " فالموظفين سنراهم طبقة مسحوقة مضبوعة خاوية من المعنويات محترقة وظيفياً لديها ضغوط نفسية واجتماعية رهيبة تعانى الرهاب الوظيفي والاجتماعي و السياسي تخلت قهراً عن جميع مواقفها بسبب جماعات المصالح.. صاحبة القدرة على اخضاع واسكات وخمد أي شفاه تتكلم بحقٍ أو بموضوعية .
هذا أمر خطير وينذر بخراب البناء الاجتماعي والطبقي والمجتمعي ويزيد من حالات الاغتراب الوطني والانتمائي والفكري والوجداني والقيمي وينسف كل روح فعالة تسعى للحفاظ على حالة التوازن والتماسك داخل المجتمع ومكوناته بشكل عام.
كل هذا يُصب في مصلحة الاحتلال ويحقق ارتفاعاً قياسياً في اختراق المناعة الوطنية وتفتيت قواعد المجتمع التي يقوم عليها والتي من خلالها يتم صناعة أجيال مفكرة مقاومة أو قدرات بشرية تبنى وطن ودولة .
نعم لقد أصبحت حياة الانقسام والضياع والقهر والحصار والتهديد بالعدوان والقوة الصارمة من أعداء الوطن روتينا معتادين عليه شئنا أم أبينا .. وأصبحت كالمأكل والمشرب، وأصبحت جميع تلك المسوخ والأزمات سرطاناً مقبولاً ينهش في مناعتنا الوطنية ويهدد كل قيمنا ومبادئنا ويشرد شبابنا وطاقاتنا البشرية ليفروا الى الغرب ويتيهوا في أصقاع البلاد والمعمورة هاربين من وطنهم بل حاذفين مساحات كبيرة من ذكرياتهم وارتباطاتهم مع قضيتهم وشعبهم ومجتمعهم .
لقد تاهت فينا الدنيا ،،، وتقلصت أحلامنا ، وقُهرت طموحاتنا وتقزمت كعقلة الأصبع وأصبحنا نتنفس كراهية وانقسام ..
من يريد أن يقول ان تلك نظرة سوادية فليقدم حلولاً أو يصمت للأبد ..

أشرف نافذ أبو سالم