أطلق قطاع غزة في 30 من مارس 2018م، شرارة مظاهرات أسبوعية ترمي إلى رفع الحصار غير القانوني المفروض على قطاع غزة، وبحسب منظمات حقوق الإنسان فإن المسيرات كانت سلمية، إلا أن نيران الجيش الاسرائيلي أسفرت عن استشهاد أكثر من 150 مواطن وإصابة أكثر من 3,700 آخرين، ما حدث على حدود قطاع غزة يرتقي إلى مستوى جرائم الحرب نتيجة استخدام الجيش الاسرائيلي القوة الغاشمة ضد المتظاهرين على الحدود.
لقد نجح سكان قطاع غزة في إسماع العالم صوتهم المُطالب بحق العودة ورفع الحصار المفروض عليهم منذ حوالي 12 عامًا، مستخدمين طائرات ورقية وبالونات حارقة، مما أدى إلى حالة ذعر وتخبط مستمرة في صفوف الاحتلال الاسرائيلي، عبر الوسائل التي ابتكروها للفت أنظار العالم لمعاناتهم خلال مشاركتهم في مسيرة العودة الكبرى السلمية.
أعتقد أن الكيان الصهيوني في ظل الظروف المحلية والدولية، وبهدف نسف القضية الفلسطينية، سيسعى إلى تحويل قطاع غزة إلى دولة فلسطينية صغيرة مستقلة تتمتع بسيادة منقوصة، لأنه لا يرد أن يتحمل "أعبائها" كذلك دولة مصر، أما فيما يتعلق بالضفة الغربية، سيواصل الاستيطان الإسرائيلي ابتلاعها لضمها بشكل كامل تحت وصايته، والقدس يرى الكيان الاسرائيلي أنها عاصمته المزعومة وسيواصل في تشديد القبضة الأمنية عليها.
يرى البعض أن المستقبل القريب سيحمل معه تغييرات غير مسبوقة في قطاع غزة، وهي تغييرات لن يختارها شعب غزة بإرادته الحرّة، بل سيقرّرها لاعبون إقليميون ودوليون، إلا أن غزة تأبى إلا أن تكون هي صاحبة القرار في تحديد حاضرها ومستقبلها، غزة الحرة الأبية لا تقبل الإملاءات الخارجية ولا المشاريع التصفوية للقضية الفلسطينية.
أحداث الأيام المقبلة ستقرر الوضع في غزة، فإما استمرار للمعاناة والحصار والدمار، أو الانعتاق والتحرر من حقبة الحصار والتجويع والعقوبات المفروضة على غزة بمشاركة محلية وإقليمية ودولية.
شعبنا الفلسطيني في غزه دفع ثمن حريته ولا زال يدفع من دماء أبناءه على مر السنين، رغم صمت العالم العربي والمجتمع الدولي الذي لم يحرك ساكنا، لذا لن يكون حكم التاريخ متسامحاً مع هذا العالم.
بقلم: عبد الرحمن صالحة