هنا في غزة والضفة والقدس والأغوار، تلك المناطق التي تشكل جغرافيا دولة فلسطين العضو المراقب في الأمم المتحدة وفق قرار أممي صدر في نوفمبر 2012، هنا شعب عملت قيادته مع الأمم المتحدة والأسرة الدولية، وبل وافقت على الدخول في عملية السلام التي انطلقت من البيت الأبيض مرورا أولا بغزة وأريحا وصولا الى مدن الضفة الغربية على اساس قيام دولة فلسطينية ذات سيادة متصلة جغرافيا، ولكن "اسرائيل" السلطة القائمة بالاحتلال قامت بإغتيال هذه العملية، ولم تتقدم الادارات الأمريكية خطوة لمحاولة الانقاذ، بل أمنت الضوء الأخضر للقاتل والأسوأ أنها إعتبرته ضحية يجب الدفاع عنه والحفاظ عليه وحمايته، إنها حكاية الصراع الممتد منذ عشرات السنوات، وواقع يدرك كل فلسطيني أن النضال يجب أن يتواصل للفكاك من هذا الاحتلال وهذا الانحياز الأمريكي السافر.
الواقع اليوم يسوده الإحباط التام، والادارة الأمريكية تعتقد أنها بخطتها سوف تعيد إحياء الميت، وهذا وهم كبير اسمه "صفقة القرن"، الناس هنا غير سعداء، بعضهم محاصر في غزة والآخر في الضفة، وجميعهم فقدوا الأمل في مستقبلهم السياسي، ولكنهم مستمرون في تطلعاتهم لتحقيق الاستقلال مهما كلف الثمن، وهم يعتقدون أن تلك الجدران التي تشكل الفصل العنصري، وتلك الحواجز التي تشكل عدوانا مستمرا على شعبنا الفلسطيني ، ناهيك عن اغلاق المعابر وتحويل غزة الى السجن الأكبر في العالم.
ان صفقة القرن تتجاوز كل القرارات الدولية، لأن اي خطة او مبادرة أو إكراه او املاء بالقوة تلغي الحق الفلسطيني في الدولة، أ و تتجاوز إيجاد حل عادل لملايين اللاجئين الذين يريدون حلا لمشكلتهم، لن يكتب لها النجاح والاستمرار.
ن إعتماد الادارة الأمريكية على تدمير الوضع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي الفلسطيني، لن يفتح لهم الطريق لاحداث انقلاب جماهيري على قيادته التي تقف صامدة وصلبة أمام هذا التغول السياسي الامريكي والاسرائيلي.
ان أي عملية سياسية ناجحة ويكتب لها الحياة يجب أن تضمن "قيام الدولة ذات السيادة على حدود 4 من حزيران 1967، والقدس عاصمة مع حق العودة وتقرير المصير." ودون ذلك فلن يجد الا الغضب والرفض الفلسطيني.
ان انقلاب ترامب على القانون الدولي وموقف 14 دولة كبرى في العالم ضد قراره وخاصة في ما يتعلق القدس، قد أفقده القدرة على الاستمرار في رؤيته تجاه الشرق الأوسط عامة وفلسطين خاصة، وفي ظل وجود مبادرات دولية واقليمية نشطة، مثل المبادرة الصينية وسبقتها الفرنسية.
ان الاستيطان الاستعماري يكرس النظام العنصري والاحلالي القائم على الهجرة والتهجير، من خلال اقرار قانون القومية العنصري وسبقه قرار سرقة اموال الفلسطينيين بحجة ان جزء منها يخصص للاسرى وذوي الشهداء، وايضا قانون السيادة على الاراضي الفلسطينية، وقانون القدس الموحدة، وقانون التسوية، وشرعنة الضم والتوسع الاستيطاني، والقضية المشتعلة "الخان الأحمر" مما
ان استبدال مرجعيات حل الصراع العربي الفلسطيني الاسرائيلين كما يحددها القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، بمرجعية الأمر الواقع الذي تواصل السلطة القائمة بالاحتلال فرضة بإملاءات القوة والعدوان العسكري المتواصل، سيواجه بالنضال المستمر والمشروع وبالتلاحم الشعبي والرفض التام لكل هذه الخطط التصفوية للقضية الفلسطينية.
بقلم/ د. مازن صافي