قال تعالي:- " يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي " صدق الله العظيم
أمام ثباتهن,وصمودهن,وشموخهن وصلابة صبرهن على رحيل فلذات أكبادهن في ساحات الوغى بمقارعة الأعداء,ما أعظم أن تسجل كل الفخر والاعتزاز لأمهاتنا الفلسطينيات الماجدات هذه المواقف المشرفة والخالدة في سجل التاريخ والمعمدة بالدماء وتضحيات الجسام,فقد سجلت هذه الأم المناضلة الفلسطينية اسمها بحروف من نور ونار في قائمة الأمهات المؤمنات المرابطات الصامدات الصابرات المحتسبات والتي ابتلت برحيل أولادها الخمسة"خالد,حسن,سمير,محمد,مهيوب" فكانت على الدوام الأم الفلسطينية المناضلة الثائرة خنساء فلسطين أيقونة في صفحات التاريخ النضالي الفلسطيني ومثالاً للمرأة والأم المقاتلة والمكافحة والصابرة,
فما أنا بصدده اليوم هو تسليط الضوء على سيرة عطرة لخنساء من خنساوات فلسطين والتي تنحني لها الهامات إجلالاً وتعظيماً إنها خنساء فلسطين الأم المناضلة الكبيرة/ فاطمة سليم أبو ليل"أم مهيوب...
ولدت خنساء فلسطين الأم المناضلة الكبيرة فاطمة سليم أبو ليل "أم مهيوب"زوجة المواطن/ مصطفى موسي أبو ليل في قرية الجماسين قضاء يافا- فلسطين- من عرب أبو كشك وقد استقر بهم الحال في مخيم بلاطة للاجئين قرب مدينة نابلس شمال الضفة الغربية وقد أنجبت أحد عشرة ولداً من الذكور واثنتين من الإناث،بينهم ثلاثة توائم وقد دفعت هذه العائلة المناضلة ثمناً باهظاً من فاتورة النضال في سبيل الله ومن أجل فلسطين ليس فقد باعتقال أبنائها جميعهم بل وإنما بارتقاء خمسة من أبنائها شهداء على مدى عشرين عاماً وقد احتضنت خنساء فلسطين ومخيم بلاطة أبنائها الشهداء وهم مضرجين بدمائهم الطاهرة بعدما اغتالتهم قوات الاحتلال الواحد تلو الأخر بدم بارد ووحشية..
بعد رحلة طويلة من العطاء والكفاح والصراع مع المرض غيب الموت خنساء جبل النار الأم المناضلة الأسطورية فاطمة سليم أبو ليل"أم مهيوب عن عمر يناهز"68 عاما" والتي جمعت بين لقبي أم الشهداء والأسرى والتي تستحق عن جدارة بان يطلق عليها هذه الألقاب والتي وافتها المنية فجر يوم الأحد الموافق 22/7/2018م لتصعد روحها الطاهرة المؤمنة إلى بارئها ولترقد إلى جوار أبنائها الشهداء الأبرار الخمسة في مقبرة بلاطة شرق نابلس هذا بالإضافة إلى أسر ستة آخرين وابنها حسين المحكوم خمس مؤبدات....
هذه الأم العظيمة الصابرة المرابطة"أم مهيوب" تعد من ابرز المناضلات الفلسطينيات في نابلس فترة الثمانينات ولم تنحنِ هامتها الشامخة أمام الصعاب ولم تنكسر إرادتها القوية أمام قسوة الحياة ومرارة فراق أبنائها الشهداء والأسرى فقد قدمت زهرة عمرها في خدمة الوطن والقضية ولم تبخل إطلاقاً طوال مشوار حياتها لا بصحتها ولا بعطائها الذي لا ينضب فكانت الأم المثالية في التضحية والفداء والعطاء والصبر والثبات ورباطة جأشها...
وعاشت جل حياتها بين الوجع والصبر والدم والدموع وهي بيدها من تدفن أبنائها فلذات أكبادها وتزورهم في مقابر الشهداء وفي سجون الاحتلال الصهيوني فقد قدمت على مذابح الحرية خمسة شهداء من أبنائها وهم على النحو التالي ...
ابنها الشهيد البطل الأول/ خالد أبو ليل والذي استشهد إثر استنشاقه الغاز المسيل للدموع واختناقه وهو لا يزال طفلا في السابعة من عمره ...
ابنها الشهيد البطل الثاني / حسن أبو ليل ابن الثامنة عشر والذي استشهد برصاص قوات الاحتلال الصهيوني وهو في طريق جنين إلى العمل من اجل لقمة العيش مع اندلاع الانتفاضة الأولى ...
ابنها الشهيد البطل الثالث/ سمير أبو ليل والذي ارتقى شهيداً خلال اجتياح مخيم بلاطة،مع اثنين من رفاقه الأبطال،فيما كانت هي تؤدي فريضة الحج....
ابنها الشهيد البطل الرابع/ محمد أبو ليل والذي نال الشهادة أيضا،ودفن في جنين مع أخيه.
ابنها الشهيد البطل الخامس/ مهيوب أبو ليل وقد صارع الموت نتيجة الشلل الكامل في جسمه وتوفي إثر ذلك واعتبرته شهيداً.
ويقضي ابنها البطل الأسير/ حسين أبو ليل حكما بأربعة مؤبدات و50 عاماً داخل السجون الإسرائيلية،وباقي الأشقاء،هم أسرى محررون قضوا فترات متفاوتة داخل سجون الاحتلال الصهيوني....
منح السيد الرئيس/محمود عباس هذه العائلة المناضلة قبل ثلاثة أعوام نوط القدس للمناضل مصطفى أبو ليل"أبو مهيوب'وزوجته المناضلة أم مهيوب وجميع أفراد عائلته،وفاءً وتقديراً وإكباراً وإجلالاً لهذه العائلة المناضلة الصامدة الصابرة القابضة على جمر الوطن لتضحياتهم العظيمة والتي قدمت الكثير من الشهداء والأسرى والجرحى ومازالت تقدم الغالي والنفيس على درب النضال من أجل نيل شعبنا الفلسطيني حقوقه وحريته واستقلاله من براثن الاحتلال الصهيوني...
“نسأل المولى سبحانه أن يتقبلها عنده في الشهداء ويتغمّدها برحمته ومغفرته الواسعة”
اللهم أمين يارب العالمين
بقلم الكاتب //سامي إبراهيم فودة