لا أستطيع أن أصف مدى الفخر والإعتزاز بهذه الفتاة الفلسطينية التي واجهت الجلاد، وعملت بما تمتلك من قوة وإرادة على منع الانتهاك وكسر حرمة بيتها وأهلها، فكان فعلها البطولي الذي أظهر وأكد أن الظلم لا يمكن أن يكون مقبولا ....وأن الظالم لا بد وأن يهزم، وأن حركة التاريخ بكافة مراحله وحقبه الزمنية قد أكد على أن إرادة الشعوب لا يمكن أن تقهر وأن الحقوق لا يمكن أن تسلب للأبد .
لقد أكدت عهد التميمي كما أكدت كل نساء وأمهات فلسطين، أنهم كالرجال بخندق المواجهة والصمود والتحدي وأنهم يعملون بكل ما يمتلكون من أجل حريتهم وحرية أبنائهم وأسرهم ووطنهم الذي يعيشون به، والذين ولدوا على أرضه ...ولعبوا بترابه وما تمثله الأرض من جذور تاريخية للأجداد والأباء، والتي تجعل من الجميع واجب الحفاظ عليها والدفاع عنها والحرص على انسانها وانسانيته .
اليوم كانت عهد بين أهلها وعلى أرضها رافعة الرأس بشموخ جبال وطنها وبجذور زيتون أرضها، لتؤكد أن المرأة الفلسطينية لا تقل عن الرجل في أولوياتها الوطنية ...بل تزيد عليه في بعض المراحل والظروف الاستثنائية لتقوم المرأة بمهام الرجل والمرأة بذات الوقت .
لا يمكن أن أعمل أو أشارك بحرمان المرأة من أنوثتها وسماتها وصفاتها الخاصة بها، وما خلقها الله عليه من طبيعة خاصة تميزها بمشاعرها وأحاسيسها وعطفها وحنانها ، إلا أن كل ما لدى المرأة لم يحرمها أن تأخذ دورها التربوي الاجتماعي الاقتصادي والوطني في ظل أوضاع خاصة واستثنائية .
ولقد قرأ الجميع منا واستمعنا الى العديد من القصص التي تتحدث عن المرأة وخوضها لغمار الحياة ومواجهة تحدياتها وأداء دورها الأسري، بكل قوة وصلابة واهتمام بالغ ومتابعة حريصة ودائمة حتى جعلت من أبنائها رجال ذو شأن وبأس .
أمهات عدة كما أم عهد وعشرات الألاف ممن استطاعوا أن يحافظوا على تماسكهم الوطني ومنازلهم وأسرهم ورعاية أبنائهم صغارا وشبابا ورجالا، وهذا ليس تحيزا وانحيازا للمرأة بقدر انصافها وعدم انقاص حقها ودورها ومسؤولياتها التي خرجت الكثير من الأجيال وبشتى المجالات والمهن .
مجريات الحياة وظروفها الاستثنائية قد تفرض حالة من الحرمان ، إلا أن هذا الحرمان لا يشكل نهاية المطاف، بل يجعل من مصاعب اللحظة وضيق الحياة وتعقيداتها منطلقا قويا ،يوفر عوامل القوة والقدرة على مواجهة كافة التحديات التي تحيط بالمرأة وتجعل منها قوة متحركة ومتنامية وقادرة على صناعة واقعها وافاق مستقبلها .
ما أكتب عنه حول عهد الوطن ومدى فخري واعتزازي بهذه الفتاة الفلسطينية التي تشكل نموذجا وطنيا رائعا ، نموذجا إنسانيا رائعا، وحلما يتحقق من خلال عيونها وتمنياتها بأن تتعلم القانون حتى تدافع عن شعبها وأرضها وقضيتها .
رسالة إنسانية لا يفهما الا من امتلك قدرات إنسانية ...ومشاعر إنسانية ، ورؤية إنسانية راقية تنسجم وتلتقي مع تمنيات هذه الفتاة الرائعة، التي كانت واضحة بمنطلقها وتمنياتها وما تريد الوصول اليه من معرفة وعلم حتى تستطيع أن تساهم بالدفاع عن أهلها ووطنها وأن تحاكم من يعتدي و يسلب الأرض ويقطع الأشجار .
لقد كانت عهد الوطن مفخرة فلسطينية إنسانية تؤكد على أن المرأة والأمهات هم الرجال بمواقفهم وصلابتهم واعتزازهم بانسانيتهم ووطنهم .
لكل امراة أن تفخر بكافة أصقاع الأرض ...ولأمهاتنا أن يفخروا بأنهم قد أنجبوا ما يمكن أن يفاخروا به الأمم، وأن يتأكدوا أن بناتهم كما شبابهم رجال بالمواقف، وثابتين على عهدهم كما عهد التميمي التي شاهدناها كما شاهدها العالم بأسره .
المدربة الدولية والإعلامية : ريم زنداح