التماسك الذي ابداه محور المقاومة في الدفاع عن سورية حكومة وشعبا وارضا رغم كل الصعوبات والتحديات والتضحيات، حقق من جديد انتصارا كاسحا بطرد الارهاب واعادة الامن والاستقرار والوصول الى جميع الحدود السورية الفلسطينية رغم كل ما تردد عن خطوط حمر رسمتها الولايات المتحدة امام تقدم الجيش السوري، وما كان من خيار امام كيان الاحتلال الا ان يتوسل من جديد بالعودة الى اتفاق عام 1974 لفك الاشتباك ولكن مع جيش اقوى واكثر خبرة وتجربة ودون اتفاقيات تسوية او مساومة.
الرئيس الأسد والقيادة السورية والجيش السوري قالوا بشكل واضح،بأنه سيجري إجتثاث الإرهاب من كامل الأراضي السورية،ولن يكون هناك أي بقعة جغرافية خارج إطار سيطرة وسيادة الدولة السورية،ولا حصانة لأي جماعة إرهابية،وهذا ما حصل في حلب والغوطتين الشرقية والغربية ولاحقاً في الجنوب السوري،معقل الجماعات والمجاميع الإرهابية والتكفيرية الحصين،والتهديدات الأمريكية والأوروبية الغربية والإسرائيلية بالتدخل العسكري لمنع الجيش السوري من تحرير الجنوب السوري (درعا والقنيطرة وريف السويداء) ذهبت ادراج الرياح،وكانت عبارة عن فقاقيع فارغة وتهديدات جوفاء،حيث أصبح الآن الجنوب السوري خالٍ من المجاميع الإرهابية،ونفس الطريقة التي استخدمت في تحرير الأراضي السورية التي خضعت لسيطرة المجاميع الإرهابية،بالعودة لحضن الوطن إما بالحسم العسكري أو عبر المصالحات،سيجري استخدامها في تحرير إدلب وجنوب شرق الفرات،فالجيش السوري هو صاحب القرار في الميدان والسياسة،ولديه فائض كبير من القوات العسكرية تمكنه من حسم المعارك بشكل سريع جداً في ظل خبرة كبيرة إكتسبها في محاربة تلك المجاميع الإرهابية،بدعم وإسناد من قوى محور المقاومة، ولذلك المعركة النهائية على الإرهاب في ادلب وجنوب شرق سوريا،لن تختلف كثيراً عن بقية المعارك الأخرى،رغم أنني من المحبذين بعد تأمين المدنيين،تطبيق النموذج ال"غروزني" على الجماعات الإرهابية التي تضم عدد كبير من الإرهابيين الأجانب من ايغور صينيين وشيشان وتركستان وتركمان وكازاخستانيين وغيرهم،فهذه الجماعات الإرهابية،كما كانت تحرق المواطنين السوريين،يجب ان يتم حرقها وإجتثاث وجودها،فهي اليوم تدرك تماماً بانها باتت معزولة ولا يوجد لها بيئة حاضنة،والسكان أصبحوا اكثر جرأة في الخروج على حكمها وسيطرتها،ويطالبونها بالرحيل عن قراهم وبلداتهم والدخول في مصالحات مع الدولة السورية،وهي نفسها تعاني الإحباط واليأس والتصدعات والتشققات والتصفيات الداخلية،ومموليها وداعميها،لن يهبوا الى نجدتها ومساعدتها عسكرياً ف" الجعجعات" الأمريكية والإسرائيلية والأوروبية الغربية،لدعم تلك الجماعات في الجنوب السورية،بقيت في الإطار الشعاري والكلامي،بل علناً وجهراً تخلت أمريكا وإسرائيل عن تلك الجماعات،فامريكا ما يهمها بالأساس أمن دولة الاحتلال،وتركيا لن يفيدها التهديدات الفارغة الجوفاء ومحاولة تظهير الجماعات الإرهابية،وخاصة "جبهة النصرة" التي تشكل معظم قوام جبهة "احرار الشام" من خلال دعوتها لحل نفسها والإنضمام الى ما يسمى بالجبهة الوطنية للتحرير"،وكذلك حججها وذرائعها بحماية امنها وإستقرارها من الأكراد وبالذات حزب العمال الكردستاني،وإستمرار تدخلاتها العسكرية وإحتلالها لجزء من الأراضي السورية،تسقط في ظل التفاهمات التي حصلت بين الأحزاب الكردية والحكومة السورية،بعودة الدولة السورية الى المناطق الخاضعة لسيطرتها،بعد ان ادركت بان أمريكا التي تعمل وفق مصالحها اولاً ستتخلى عنها،كما تخلت عن غيرها من الجماعات الإرهابية الأخرى،وتركيا ليست معنية بتأزيم علاقاتها مع طهران وموسكو،وكذلك هي تدرك بعد تحرير الجنوب السوري،وقرب افتتاح معبر نصيب البري بين سوريا والأردن،بأنها تحتاج لإعادة مد جسور علاقاتها مع دمشق،لكي تضمن استخدام خط الترانزيت السوري هذا لنقل بضائعها الى الأردن والخليج،وبالتالي أردوغان الذي يكثر من " الجعجعات" و"الببروغندا"،حان الوقت لكي يعلن فشل أهدافه ومشاريعه في سوريا،ويسحب قواته وجماعاته الإرهابية الى داخل الأراضي التركية،لكي تعود السيطرة والسيادة للدولة السورية على كامل حدودها ومعابرها مع تركيا،وفيما يتعلق بأمريكا وفرنسا على وجه التحديد ،فأنا لا اعتقد جازماً بأن أمريكا بعدما تخلت عن الدعم العسكري لتلك المجاميع الإرهابية في الجنوب السوري،المنطقة الحساسة جداً لكونها قريبة من دولة الكيان الصهيوني وتمس بامنه ووجوده،ستكون مستعدة للتدخل عسكريا في الشمال وشرق الفرات،إذا ما شن الجيش السوري هجوماً عسكرياً،فهي تدرك ان تورطها في حرب برية،سيعرض قواتها داخل الأراضي السورية وغيرها ودولة الكيان الصهيوني الى خسائر ومخاطر كبيرة،ناهيك عن الأكلاف المالية الكبيرة لمثل هذا التدخل،والذي لن يقودها لتحقيق نصر.
سوريا التي راهن البعض على سقوطها خلال أسابيع وعلى ابعد تقدير خلال بضعة شهور،بفضل قيادتها وجيشها وشعبها وصمودها وإرادتها ودعم ومساندة ومشاركة حلفائها ،إستطاعت بعد سبع سنوات من أشرس حرب إرهابية كونية إستعمارية شنت عليها،ان تهزم هذا المشروع بالضربة القاضية،وكما هزم حزب والمقاومة اللبنانية،مشروع الشرق الأوسط الجديد،الذي بشرت به وزير خارجية أمريكا أنذاك " كونداليزا رايس"،من خلال قيام إسرائيل بشن حرب عدوانية بالوكالة عن أمريكا في تموز/2006 على حزب الله،فإن الأسد ومعه شعبه وقيادته وجيشه وحلفائه وأصدقائه،سيهزمون أعتى مشروع كوني إرهابي،كان يستهدف فك وتركيب الجغرافيا العربية عبر التفتيت والتذرير والتجزئة والتقسيم على تخوم المذهبية والطائفية والثروات،وبما ينتج مشروع استعماري جديد أكثر خطراً
ووحشية من سايكس- بيكو القديم قبل مئة عام.
سوريا بتحرير ما تبقى من الجغرافيا السورية إما بالحسم العسكري أو عبر المصالحات ،ستكون امام نصر نوعي على المجاميع الإرهابية ووكلاء هذا المشروع من قوى دولية وإقليمية وصهيونية وعربية،نصر سيقود الى معادلات جديدة وتغيرات جيو استراتيجية في المنطقة والإقليم والعالم وتحالفات جديدة أيضاً،سنكون أمام وولادة مرحلة جديدة سورياً وعربياً وإقليمياً ودولياً من هذا الانتصار التاريخي والاستراتيجي الذي غيّر المعادلات وموازين القوى لمصلحة محور المقاومة والدول الإقليمية والدولية الساعة إلى إعادة بناء النظام الدولي على أسس من التعددية والتعاون واحترام سيادة واستقلال الدول وحق شعوبها بتقرير مصيرها بعيداً عن الهيمنة الاستعمارية الأميركية الغربية.
بقلم/ راسم عبيدات