الهدنة ,, حماس توافق وإسرائيل ترفض والفصائل تعترض

بقلم: أشرف صالح

عندما وافقت حركة حماس بشكل صريح على الورقة المصرية الأخيرة للمصالحة قبل أكثر من عشرة أيام , سجلت هدفا في مرمى حركة فتح , ولكنها عندما وافقت على هدنة مع إسرائيل بشكل صريح أيضا , حينها سجلت حركة فتح وباقي الفصائل أهداف كثيرة في مرمى حماس , ولا زال الملعب مفتوحا واللعبة لم تنتهى بعد .

حماس وافقت على الهدنة , وإسرائيل رفضتها , والفصائل وعلى رأسها حركة فتح إعترضت عليها من حيث أنها لا تفي بمتطلبات الشعب الفلسطيني , رغم أن الورقة التي قدمها نيكولاي ملادينوف بالشراكة مع المخابرات المصرية تحمل ما لا ترضى عنه إسرائيل , وخاصة بند الميناء والفترة الزمنية والتي ستمتد الى عشرة سنوات , فنحن الآن أمام ورقة هدنة هي تعتبر فتات بالنسبة لطموحات الشعب الفلسطيني , ورغم ذلك حماس توافق وإسرائيل ترفض والفصائل تعترض من باب التعديلات وليس من باب الرفض المطلق , ومن خلال هذه الورقة نستطيع أن نقول أن الجميع بات يبحث عن السلام مع إسرائيل بإستثناء إسرائيل .

عندما جاء المبعوث الأممي نيكولاي ملادينوف على المنطقة , ليمزج بين ملفي الهدنة والمصالحة , إعتبرت أنه أحدث ظاهرة خطيرة جدا , وكنت متخوفا منها بشكل كبير , وقد تؤدي الى فشل المصالحة بشكل نهائي , لأن الطروحات التي قدمها نيكولاي ملادينوف تحمل حلول إقتصادية تشابه الحلول التي تحملها المصالحة , والخطورة في الموضوع أنه فيما لو تعثرت المصالحة ستجد حركة حماس الحلول الإقتصادية البديلة عن المصالحة في ورقة نيكولاي ملادينوف بما يخص ملف الهدنة مع إسرائيل , وهكذا نجد أن الطروحات الموجودة في الورقة بملفي الهدنة والمصالحة هي إقتصادية بإمتياز , ووجه الشبه الكبير في الملفين يتركز على بند الميناء , فالمخابرات المصرية قدمت مقترح ميناء خان يونس وميناء غزة لتتصلان بميناء العريش لنقل البضائع لغزة والعكس صحيح , ونيكولاي ملادينوف قدم بند ميناء غزة تتصل بميناء الإسماعيلية لنقل البضائع لغزة والعكس صحيح , فمن الطبيعي جدا أن يجري لعاب حركة حماس على هذه الحلول الإقتصادية , ومن ثم تختار الأفضل لها , مصالحة أم هدنة .

كنت أترقب ضياع ملف المصالحة تحت الأقدام بسبب أن نيكولاي ملادينوف مزج بين الملفين , ولكن شاء الله وقدر أن يأتي الرفض من إسرائيل وبعد موافقة حماس , وأن يأتي أيضا إعتراض الفصائل على بنود الورقة , وهذا في طبيعة الحال يخدم ملف المصالحة ويسلط الأضواء عليه .

بالأمس أدركت حركة حماس أنها لا تستطيع أن تعمل بمعزل عن باقي الفصائل , وحاولت من إصلاح موقفها من خلال الإجتماع الذي جمع الفصائل في غزة وحركة فتح أيضا , وخرج بيان الزم حركة حماس في سياق الإجماع الوطني , ووجه البوصلة بقوة إتجاه ملف المصالحة , وهذا البيان قد يكون نقطة بداية جديدة لحماس مع الفصائل , وخاصة بعد رفض إسرائيل المطلق لورقة الهدنة .

أعتقد أن إسرائيل لم ولن تعطي شيئا , سواء في ورقة نيكولاي ملادينوف أو غيرها من الأوراق , فهي أعلنت وبكل صراحة وبعد إجتماع الكبينيت بأن أعلى سقف لها بما يخص الهدنة , هو معبر كرم أبو سالم وعودة مساحة الصيد لستة أميال بدل ثلاث أميال , فمن الواضح جدا أن إسرائيل تعتمد في حلولها على القوة العنجهية , واللغة العسكرية والأمنية , وخاصة بعدما سجلت موافقة حركة حماس على الورقة وإعتبرت أن حماس من السهل أن يسيل لعابها على أي مقترح إقتصادي لغزة .

لا تزال الأحداث متزامنة ومتجددة في ملفي الهدنة والمصالحة , وأنا أرى أن الأمور ستتجه الى ملف المصالحة أكثر وخاصة بعد موقف الفصائل ورفض إسرائيل للهدنة .

بقلم/ أشرف صالح