من الصعب ان ندرك ماذا تريد حماس ولكن نستطيع القول بانها تتقن قراءة الوقت والزمن وتستطيع الاستفادة من أي متغير اقليمي او دولي وان كان هذا في بعض المراحل يؤخذ عليها وخاصة موقفها من الانظمة الوطنية مع اشتعال ما يسمى الربيع العربي حينما بنت موقفها كحزب للإخوان المسلمين مبتعدة عن كونها حركة تحرر وطني فلسطيني له ظروفه الخاصة وهذا ما تداركته حماس في وثيقتها المكونة من 41 بند . ولكن هل فعلا حماس وما جاء في وثيقتها تدرك عامل الوقت واهميته وما يمكن الاستفادة منه وخاصة ان المنطقة على ابواب تكريس نتائج الرمال المتحركة التي صنعها ما يسمى الربيع العربي وارهاصات واطروحات امريكية لإنشاء حلف عربي سني لمواجهة الارهاب ومواجهة ايران أي الرجوع مرة اخرى وبصورة اخرى لتعريف المتغير في الوطن العربي والمعادلة الاقليمية والدولية بتعريف مذهبي مسلح يدعمه الاقتصاد ، ولكن نستطيع القول ان الرئيس ترامب قد اغلق الابواب امام حماس ووثيقتها عندما وصفها بالإرهاب ، اذا على ماذا تعول حماس الان امام حصار وامام اجراءات متصاعدة وقرارات يتخذها الرئيس عباس لتطويع حماس وقطاع غزة على حد قوله ، قراءة وثيقتها تقول الرجوع للحالة الوطنية انتماء وسلوكا والتخلي على الاقل في مرحلة التحرير عن الانتماء الحزبي ببعده الإقليمي والدولي .
اتجهت حماس في السنوات القليلة الماضية نحو فصائل المنظمة في تدارس لتشكيل ادارة محلية لقطاع غزة وحل ازماتها ولكن هذا الطرح قوبل بالرفض من تلك الفصائل وتحت مبرر بأنه يكرس الانقسام تلك الفصائل التي لها عضوية في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحير وتتلقى موازنتها من الصندوق القومي وتوقيع الرئيس وبرغم هذا الموقف لم تسلم تلك الفصائل مثل الشعبية والديموقراطية بإجراءات عقابية نتيجة بعض مواقفهم الاعلامية .
الحالة الوطنية والتي يجب ان تتفاعل معها حماس بشكل استراتيجي وليس تكتيكي يجب ان تبتعد عن السلوك التقليدي الكلاسيكي في حواراتها مع القوى الوطنية وهي في الغالب قوى مقيدة ولا تمتلك حرية قرارها وحماس لا توفر لها بديلا عن امتيازاتها وكونهم اعضاء شرف امام قرارات الرئيس ونهجه ، ولذلك هناك بعد اقليمي وبعد دولي لازمة غزة بالإضافة للبعد الذاتي الذي يلبي اطروحات البعد الاقليمي والدولي والذي تتلخص بالتهديدات والاجراءات المتبعة تجاه غزة والتي ينفذها الرئيس عباس . بل امام حماس للخروج من المصيدة تشكيل لجنة وطنية من خارج الفصائل لإدارة غزة او مجلس يتشكل من رؤساء البلديات جميعا والنقابات ومنظمات المجتمع المدني ومطعم بقوى ووجوه وطنية لفك ازمات غزة والتعامل مع دول الاقليم والمجتمع الدولي تلك اللجنة لا تحمل برنامج سياسي ، وكذلك بإمكان حماس ان تخرج عن المألوف في التعامل المتبادل في السنوات السابقة حماس تعطي الشرعية لمحمود عباس ومحمود عباس يعطي الشرعية لحماس ، فأنصاف المواقف والقرارات والسلوكيات لن تحل الازمات .
الحالة الوطنية تحتم ان تنصهر حماس في الحالة الوطنية وهي حالة يتصف بها اهالي غزة فلا اعتقد ان هناك ما يرعب حماس وسيطرتها وحكمها لغزة فهي تمتلك القوة والمؤسسات السيادية وتستطيع في أي وقت ان تضع فيتو على أي قوة تعمل في الساحة الفلسطينية ، واختلف مع اخي الدكتور ابراهيم ابراش الذي بنى تحليله في مقالته " حركة حماس امام اختبار صعب "" على حالة خلافية في داخل حماس فاعتقد ان حماس ليس حزبا منفلشا كباقي التنظيمات ولديها من وسائل الردع لكل من يخرج عن تعليمات مجلس الشورى ومكتبها السياسي وان كان هناك تباينا اعلاميا في بعض المواقف والتصريحات فهو في نطاق توزيع الادوار ليس اكثر ، واذكر هنا مواقف الاخ احمد يوسف القيادي في حماس ومواقفه المعتدلة التي تميل للحالة الوطنية ولكن في عمقها فهي منتج حزبي .
قوتان حقيقيتان تعملان في قطاع غزة ان ائتلفتا فستغير الكثير في القطاع وفي الحالة الوطنية هي قوة حماس والزخم وقوة فتح في القطاع الموالية للنظرة الاصلاحية لمحمد دحلان وهما كفيلتان بتوفر عامل القوة بزخمها التعبوي النشط والدخول لعمق الحالة الشعبية في التصدي للازمات مضافا اليها العلاقات الواسعة لمحمد دحلان على المستوى الاقليمي والدولي ان تفكك كثيرا من الازمات ، ولو انني اعتقد ان القائد الوطني محمد دحلان لن يزج بنفسه في مواقف تحسب عليه تاريخيا ووطنيا ويقع في خندق يحفره محمود عباس لدحلان وحماس ولكل القوى الوطنية في القطاع ، ولذلك اعتقد للخروج من المرحلة وتعقيداتها بما فيها الحصار ان تكلف لجنة محلية من البلديات وشخصيات فكرية ومجتمعية لإدارة غزة يكون دحلان وحماس داعمين لها لتفكيك تلك الازمات .
قد يسأل البعض ان هناك سيناريوهات مطروحة وما زالت هذه السيناريوهات قائمة محاولة احداث اختراق في الانقسام وبمبدأ تناول الازمات رزمة واحدة مع تنفيذ متدرج من خلال وساطات ورعاية مصر والامم المتحدة على ان تكون المصالحة هي بند من بنود فك الازمة الخانقة التي يعاي منها سكان قطاع غزة من خلال هدنة ومشاريع تنموية وتبادل تجاري وزيادة مساحة الصيد البحري والاستناد لميناء ومطار العريش كوسيلة للتنقل فاسرائيل في اي اتفاق متوقع تصر لى ان لا يكون اي مظهر من مظاهر السيادة الفلسطينية في غزة وعلى ارضها كما رفضت سابقا وجود اي مظاهر للسيادة الوطنية في الضفة التي صفها نتنياهو بيهودا والسامرة والتي لن تستغني عنها اسرائيل والمرتبطة بقانون القومية ذو العمق التاريخي على حسب ادعائهم ، الحية عضو المكتب السياسي لحماس في حواره مع قناة الجزيرة استبعد ان ترى المصالحة النور لتعنت رام الله وعدم موافقتها على الطرح المصري ذو البنود من اربع مراحل كما طرحت في وسائل الاعلام حيث طالبت السلطة وفتح رام الله بتعديلات على الاطروحة والمبادرة وهذه الرؤية لن يخضع لها الوسيط المصري وسيجد نفسه ولعوامل كثيرة مضطرا للسير للامام في اتفاقيات تفاهمات ثلاثية ( مصر والامم المتحدة ومصر) لفكفكة ازمات غزة تعت التعريف الانساني وليس السياسي مع قناعتنا ان الحلول الانسانية ستمر من خلال هدنة من 5الى 10 سنوات وهذا يعني بمثابة الاقرار بنظام سياسي وامني وعسكري واقتصادي في غزة ويجعل من غزة نواة الدولة الفلسطينية في انتظار البحث عن صيغة لربط المدن في الضفة وبعد تصريحات متعددة لقادة الاحتلال بنيتهم ضم لجزء الاكبر من الضفة والقدس الموحدة .
اسرائيل تحاول تعزيز قوة السلطة في الضفة ولكنها غير راغبة بمصالحة فلسطينية تربط النظام السياسي في الضفة وغزة وفي نفس الوقت اسرائيل مع ايجاد صيغة لهدنة مع حماس ورقابة على اسلحتها وعدم تطويرها وفتح كافة المشاريع الانسانية من خلال المعابر والطاقة والمياه ويمكن ان تستقبل الالاف العمال من قطاع غزة للعمل في محيط غلاف غزة لفك ازمة البطالة .
سميح خلف