غزة تقاوم .. جرائم ضد البشر والحجر (2)

بقلم: جبريل عودة

عادة الإحتلال الصهيوني في مواجهة شعبنا ومقاومته , هي تعمد إستهداف المدنيين والمنشآت المدنية والخدماتية في إطار الضغط على المقاومة , من أجل دفعها إلى التراجع عن أهدافها الوطنية, أو محاولة فرض شروطه في ميدان المواجهة , العقلية الصهيونية المجرمة تعتبر كل ما هو فلسطيني هدفاً مستباحاً بصواريخ طائراتها وقذائف دباباتها , وتتعامل مع قطاع غزة ككيان معادي وتصب حمم قذائفها في كل مكان تستهدفه بلا مراعاة للمدنيين المتواجدين أو القاطنين في المكان وبالقرب منه , فتراها تقصف إستراحة شرطة في ميناء غزة ساعات المساء حيث يشهد حالة إكتظاظ من المدنيين للإستجمام الهاربين من الأجواء الحارة هذه الأيام , فتحدث حالة من الهلع بين الأطفال والنساء , وهو بذلك يريد تحقيق رسالة الرعب لعله يستطيع أن يضغط على المقاومة من خلال التأثير على الحالة النفسية لحاضنتها الشعبية , صورة أخرى من إجرام الإحتلال تتمثل بقصف عائلة أبو خماش في دير البلح , فتسقط الأم "إيناس " الحامل وطفلتها " بيان" التي تبلع عام نصف من عمرها ويصاب الزوج بجراح خطيرة , تقصف بئر مياه تابع لبلدية بيت لاهيا يستفيد منه 11 ألف مواطن , وتقصف متنزه ومسبح في خانيونس يرتاده المصطافين, وجرائم العدو لا تتوقف وتستهدف بشكل منهجي تدمير الحياة في قطاع غزة وتصنف جرائم حرب يعاقب عليها القانون الدولي , ولكن العالم يغط في الصمت أمام هذه الجرائم المروعة بإستهداف الآمنين في منازلهم والمنشآت والمؤسسات المدنية .
بعد أن أعلنت غرفة العمليات المشتركة للمقاومة الفلسطينية وقف جولة التصعيد والإكتفاء بسلسلة الرود التي نفذتها وجاءت رداً على جرائم الإحتلال في قطاع غزة , لم يلتزم الإحتلال بحالة الهدوء التي أعقبت قرار قيادة المقاومة بالتوقف عن قصف غلاف غزة , وقامت عبر طائرتها بتدمير مبنى مؤسسة سعيد المسحال , وهو مبني ثقافي عام تستفيد منه شرائح متنوعة من المجتمع الغزي , أي حجج يسوقها الإحتلال لقصف المبنى مضللة , حيث أن المبني يضم أكبر مسرح في قطاع غزة , ويضم مكتب للجالية المصرية في قطاع غزة , وتدميره جاء في إطار الحرب المعنوية ومحاولة السيطرة بالرعب على قطاع غزة , وهذه المحاولات ستبوء بالفشل ولن تستطيع هز شعره في رأس أصغر طفل فلسطيني في غزة .
ما أربك الإحتلال وقاده جيشه أن الجولة الحالية من التصعيد والمواجهة مع قطاع غزة , تميزت بنوعية قصف المقاومة المركز وتوسيع مداه وإيقاعه أضرار كبيرة وإصابات بالعشرات في صفوف المستوطنين، وتأثيره القوي في معركة الحرب النفسية حيث الهلع الشديد الذي أدى إلى حالة من النزوح شهدها غلاف غزة , وتسببت في مغادرة عشرات العائلات من المستوطنين إلى " تل أبيب" , أعادت الجولة الأخيرة قوة الردع الفلسطينية , بعد إستهدافات وعمليات قتل نفذها جيش الإحتلال في غزة , شعر خلالها بأنه فرض معادلاته الخاصة ، الا أن ميزان الردع الفلسطيني عاند المسعى الصهيوني بفرض الهزيمة على شعبنا ، ويبقى صوت الفلسطيني أقوى بالإصرار على المقاومة وتمسكه بها في إطار الوحدة الوطنية , وهذا ما حققته غرفة العمليات المشتركة التي تدير بحكمة المواجهة الميدانية.


بقلم : جبريل عوده*
كاتب وباحث فلسطيني
9-8-2018م