هلل الجميع لانعقاد المجلس الوطني في دورته الاعتيادية رقم 23 (القدس وحماية الشرعية ) 30 ابريل 2018 باعتباره اعلي هيئة تمثيلية فلسطينية واعتقد ان التهليل كان منطقيا لهذا الانعقاد في تلك الفترة لان انعقاد المجلس الوطني يعتبر ضروريا بعد فترة طويلة جدا لم ينعقد فيها وكان استحقاق وطني لتجديد الشرعية لمنظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطينيين وبالتالي اغلاق الطريق على كل من يحاول خلق اجسام بديلة تدفع باتجاهها قوي مشبوهة , واتخذ المجلس قرارات هامه جدا تتعلق بالحالة الفلسطينية كانت كلها تهدف لخلق حاله فلسطينية متناسقة تسير باتجاه الانعتاق من الاحتلال الاسرائيلي واقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس لكن ان تبقي هذه القرارات مجرد قرارات حبيسة البيانات الختامية دون حسم وتطبيق هذا يعني كأنها لم تتخذ وكان المجلس لم ينعقد بالأساس, وعليه فان اجتماع المجلس المركزي اليوم امام مهمة لحسم لكافة الملفات والقرارات التي تم اتخاذها في دورة المجلس الوطني الاعتيادية الاخيرة واجتماعات المركزي الاخيرين باعتبارها قرارات نافذة .
ترتفع تلال من التحديات امام الفلسطينيين في هذه المرحلة وتتسع المواجهة علي اكثر من محور, فهناك مواجهة فلسطينية فلسطينية خطيرة واعتبرها اخطر من المواجهة مع الاحتلال وما بات واضحا ان تلك المواجهة ليسن مجرد انقسام تمترس اصحابه عن مصالح فردية بل تعدت المسالة لتعني برامج حزبية اكبر وطموح حزبي يتعارض مع الطموح الوطني للشعب الفلسطيني , وهناك مواجهة فلسطينية امريكية ضارية تحاول من خلالها واشنطن توجيه ضربة قاضية للقضية الفلسطينية , وهناك تحد فلسطيني لكل المخططات الامريكية فهم امام مهمة افشال خطة ترامب التي ترتكز على خطة لتفكيك قضايا الصراع وثوابته واولها اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل وقضية اللاجئين وتفكيك حلقاتها بدأً بشطب الأونروا واختزال الصراع في مشاريع انسانية وبحبحة اقتصادية دون حقوق سياسية واولها حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني ولا تنفصل ساحة المواجهة الثالثة عن هذه الساحة لان اسرائيل نجحت في جعل واشنطن اليوم تتحدث باسمها وتمثلها رسميا حتى في الامم المتحدة ومجلس الامن , ولعل المواجهة مع اسرائيل اليوم تعني استمرار المقاومة الشعبية واشتدادها على مدار الساعة على طول الجغرافيا الفلسطينية المحتلة ,وتعني الثبات على الارض الفلسطينية المهددة بالمصادرة والتجذر فيها ومقاومة الاستيطان الاسرائيلي المتسارع في كل ارجاء الضفة الغربية لإحكام السيطرة الاسرائيلية على القدس وكل اراضي المنطقة (ج) والاغوار الفلسطينية ليتبقى للفلسطينيين بعض مراكز المدن التي تندرج السيطرة الفلسطينية عليها في اطار الادارة المدنية فقط .
ان عقد المجلس المركزي على نحو متتالي ومنتظم يعتبر من اهم قواعد حماية الخطط والاستراتيجيات التي اعتمدها الوطني وانفاذها سواء كانت مشروعات او استراتيجيات وعليه فان المركزي اليوم امام حسم وتنفيذ كل ما صدر عن الوطني في دورته 23 ودورة المركزي الثامنة والعشرين والسابعة والعشرين واولها حسم الفترة الانتقالية واعلان انتهائها وبالتالي انتهاء عمل السلطة لتتحول الى دولة مستقلة والايعاز لكل الجهات التنفيذية البدء الفوري بإنفاذ ذلك , كما وعليه ان يحسم العلاقة الادارية والامينة والاقتصادية مع دولة الاحتلال كإجراء وطني لإجبار اسرائيل على وقف مصادرة الأراضي الفلسطينية والامتثال لقواعد القانون الدولي , كما وان المركزي عليه حسم سحب الاعتراف بإسرائيل الى حين اعتراف اسرائيل بدولة فلسطين على كامل حدود الرابع من حزيران 67 وإلغاء قرار ضم القدس الشرقية ووقف الاستيطان بالكامل , ويتوجب على المركزي اليوم فحص سبب تأخير تنفيذ قرارات المجلس في دورتيه الاخيرتين من قبل اللجنة التنفيذية والقاضية بوقف التنسيق الامني بكافة أشكاله والتحرر من التبعية الاقتصادية التي كرسها برتوكول باريس الاقتصادي, اما عن الواقع في قطاع غزة فان المركزي امام توصيات تاريخية تقضي بضرورة اجبار حماس على تنفيذ ما اتفق عليه في القاهرة 2017و 2011 فورا وتوظيف كل السبل لاستعادة الوحدة الوطنية وتمتين الجبهة الفلسطينية وجلب حماس والجهاد الى منظمة التحرير الفلسطينيين وهيئاتها , وفيما يخص أي تعاطي مع المبادرات او الخطط الامريكية التصفوية بات الامر يتطلب قرار من المركزي نافذ بسحب الجنسية الفلسطينية واسقاطها عن أي طرف فلسطيني او شخصيات فلسطينية تتماهى مع صفقة القرن او تقبل بها علنا او سرا وان تحرم قبول الحلول المؤقتة التي تندرج تحت الحلول المرحلية وترفض رفض قاطع التعامل مع أي قوة إقليمه تعمل كمنسق للأمريكان لتطبيق الصفقة وتصفية الحقوق الفلسطينية حتى لو كان الرئيس ابو مازن نفسه .
المرحلة التي تمر بها القضية الفلسطينية هي مرحلة تتطلب حسم كثير من الملفات واتخاذ قرارات نافذة باتجاهها دون تأخير , لأنها مرحلة مخاض مشروع امريكي اوضحت كل الصور الاشعاعية و الفتوغرافية والتحليلية انه مشروع لكيان مشوه لن يعيش طويلا ولن تكتب له حتى الحياة لان حياة هذا المشروع الامريكي يعني حياة الاحتلال وبقائه يمارس العبودية والعنصرية والتهويد والقتل والتشريد والاضطهاد السياسي . نعم يجب حسم علاقة من هم خارج م ت ف بهدف توحيد التمثيل السياسي الفلسطيني وتوحيد جبهات الاشتباك مع الاحتلال الاسرائيلي وتوفير الدعم السياسي للمقاومة الشعبية لتعمل على جبهات متعددة كاستراتيجية عمل مقاوم طويل الامد , ويجب حسم موضوع خليفة الرئيس ابو مازن واليات وتجفيف لعاب الطامعين في اعتلاء النظام السياسي ممن يستعينوا بغير الشعب الفلسطيني للوصول لهذا المكان , وكشف اهدافهم المبيتة وفضح مخططاتهم التي ترسمها لهم جهات غير فلسطينية , لذا فان على المجلس المركزي ايجاد حل قانوني لهذه القضية التي باتت تقلق كافة ابناء الشعب الفلسطيني وكل مستويات العمل السياسي الفلسطيني في منظمة التحرير الفلسطينية وحتى الدول الصديقة والداعمة للنضال الوطني الفلسطيني لتستمر مسيرة التحرر وتقرير المصير دون تدخلات خارجية عبر وسطاء فلسطينيين.
بقلم/ د. هاني العقاد