نَظَمَ الشاعر الفلسطيني عبد السلام فايز أبياتٍ شعرية عبّر فيها عن تعلّقه في مسقط الرأس و مرتع الصبا و خزّان الذكريات .. سورية الحبيبة ..
و قال فايز :" إنّ سنوات الغربة الثلاث لم تكن جديرة بمحو شلّال الذكريات الذي يأبى الزوال و النسيان ، وبأنّ سورية ستبقى منافساً شرساً لوطننا الغالي فلسطين الحبيبة ، التي لا يمكن أن نراها إلا من البوابة السورية ..
الثلاث العِجَاف
بقلم عبدالسلام فايز
خَمْسُ الجوارحِ في دنياكِ شطرنجُ
فَحَرّكِيها و لو كلّ الورى احتجّوا
و حاصري القلبَ لا يعبثْ بهِ بلدٌ
إلّاكِ .. أنتِ على رأسِ الدُّنا أوْجُ
ضِدّانِ أنتِ ، و روحي فيهما وَسَطٌ
كالبحرِ فيهِ تلاقى العُمْقُ و الموجُ
إنْ كنتِ حِدّاً فإنّ الحِدَّ أعشقُه ُ
أو كنتِ لِيْناً فهذا القلبُ إسفنجُ
أو كنتِ جُرحاً فما أحلاكِ مِنْ ألَمٍ !
لَلْقُربُ منكِ و لو سِرّاً هو البَنْجُ
فكيف أحيا و عنكِ اليومَ يَمنعُني
بَحرٌ خِضَمٌّ و وادٍ بعدهُ فَجُّ
بدونِ حورانَ لا أرضٌ سَتُؤنسُني
و لا بنونَ ولا صحبٌ و لا زوجُ
و لا الربيعُ تحلّى منذُ غُربَتِنا
و لا البياضُ و لو منهُ اكتسى الثّلجُ
إنّ الجَوَادَ رشيقٌ حينَ تركبُهُ
ما صانعٌ أنتَ لمّا يُنزَعُ السّرجُ ؟!
سَلِ البراكينَ جَوْفَ الأرضِ إذ زفرَتْ
عَلَامَ ثُرتِ و فِيْمَ النارُ و الوهجُ ؟!
تُجِبْكَ : ما ثُرتُ ، لكنْ ثارَ مُغترِبٌ
فيهِ مِنَ الحُزنِ بُرجٌ فوقهُ بُرجُ
قد راحَ يُحْجِمُ عن شكواهُ مُبْتَذِلَاً
شِعراً تزخرَفَ في ميدانِهِ النسجُ
يخشى الإيابَ و كفّاهُ تكَدّرَتا
وَ هل تُصَافَحُ كَفٌّ شقّها شَجُّ ؟!
يا ويحهُ .. سُلِبَتْ أجراسُ عودتهِ
و ضلَّ عنهُ رفاقُ الدربِ و الفَوجُ
مهما تعاظمتَ في أرضٍ مُغَايرةٍ
تَبْقَ الصغيرَ الذي ما نالَهُ نُضْجُ