المجلس المركزي ناقص الشرعية والمحالة اليه جزء كبير من صلاحيات المجلس الوطني بطريقة غير شرعية....والذي سينعقد هذه الليلة في رام الله في ظل مقاطعة غير مسبوقة ليس فقط من قبل الشعبية والديمقراطية والمبادرة الوطنية وبقية القوى الفلسطينية الأخرى،بل المقاطعة شملت تجمع الشخصيات المستقلة،ولا ننسى غياب حركتي حماس والجهاد الإسلامي،وهذا إن دلل على شيء فإنما يدلل على عمق ازمة النظام السياسي الفلسطيني،وبالوصول الى مرحلة جداً خطيرة،من شأنها هدم المعبد على رأس من فيه،وعملية المقاطعة الواسعة وغير المسبوقة للمجلس المركزي كما اعلنتها تلك الفصائل بعدم إلتزام القيادة المتنفذة بتطبيق قرارات الإجماع الوطني للمجلسين المركزي والوطني و" تغول" السلطة على المنظمة دوراً وصلاحيات،وكذلك تهميشها وتجويفها،وتحويل مؤسساتها الى مؤسسات لحين الطلب،وتعويم عضويتها،يضاف الى ذلك التدهور الحاصل في النظام السياسي الفلسطيني وعدم إجراء المشاورات الجدية مع الفصائل للتحضير لهذه الدورة ....ما وصلت إليه اوضاع النظام السياسي الفلسطيني من حالة التدهور والتأزم العميق،ليس نتاج نهج الهيمنة والتفرد وسياسات الإقصاء والتهميش فقط،وهندسة عضوية وقيادات تلك المؤسسات ،بما ينسجم مع موقف ورؤية فريق بحد ذاته في المنظمة،بل الفصائل المشاركة في المنظمة والتي تقاطع الان هذه الدورة للمجلس المركزي،إرتضت لنفسها ان يجري التعامل معها وفق الزبائنية ....ولم تقم بالتصدي لخروقات القيادة المتنفذة لمجمل القرارات التي اتخذتها مؤسسات المنظمة،حتى ان من عارض منها تلك القرارات،او طالب بمحاسبة هذه القيادة على عدم تنفيذها وإلتزامها بهذه القرارات جرى قطع المخصصات المالية عنه من الصندوق القومي الفلسطيني ،بحيث غدت المنظمة ليست مؤسسة الفصيل الواحد،بل مؤسسة الفرد الواحد.
المجلس المنعقد الليلة اذا لم يجر تأجيل عقدة ،فأنا أرى انه سيكون اجتماع داخلي لحركة فتح،ولذلك ليس من حقه ان يتخذ قرارات ذات طابع استراتيجي نيابة عن الشعب الفلسطيني،قرارات من طراز اعلان قطاع غزة اقليمياً متمرداً او تكريس العقوبات على قطاع غزة او حل المجلس التشريعي...وفيما يتعلق بالتحلل من إلتزامات اوسلو السياسية والأمنية والإقتصادية،فانا متيقن بأن ذلك سيكون تكرار لما هو سابق ودون وضع آليات تنفيذية لتطبيق تلك القرارات، ونحن ندرك تماماً بان إلغاء المترتبات على اتفاق اوسلو عملية مركبة ومعقدة،فهو انتج بنية كاملة سياسية وامنية واقتصادية واجتماعية وثقافية منتفعة من " بركات" اوسلو وهي تحرص على استمراره والتمسك به،ناهيك عن ان الطاقم المتنفذ في القرار الفلسطيني،ما زال يقيم ويبني سياساته على أساس استخدام ذلك كورقة ضغط تكتيكية لتحسين شروط العودة للتفاوض،وليس بناء استراتيجية متدرجة للتحلل من هذا الإتفاق،هذا التحلل الذي يحتاج الى رؤيا واستراتيجية موحدتين وكيفية المواجهة التي ستحصل مع امريكا واسرائيل على ضوء اتخاذ قرارات التحلل من إلتزامات اوسلو.
حتى لو عقد المجلس" المركزي" الليلة واتخذ قرارات التحلل من إلتزامات أوسلو السياسية والأمنية والإقتصادية،فهو سيلجأ الى سياسة المماطلة والتسويف من خلال إحالة تلك القرارات الى اللجنة التنفيذية للمنظمة والتي بدورها ستحيلها الى لجنة سياسية وهكذا دواليك سيتكرر مسلسل الإحالات كما جرى بالنسبة لقرارات المجلسين المركزي والوطني السابقة ،عملية طحن الهواء،وسياسة انتظارية لفريق لا يؤمن بتلك القرارات يتماشي معها على امل ان يفرغها من محتواها وليس العمل على تطبيقها وتنفيذها،بإنتظار غودو المنقذ،والذي في ظل "تغول" و" توحش" حكومة الاحتلال على شعبنا وقضيتنا ،والتي بلغت ذروتها بصدور ما يسمى بقانون أساس القومية،والذي عنوانه تصفية القضية والوجود الوطني الفلسطيني ،وكذلك الإنتقال الأمريكي من الإنحياز التاريخي الى جانب دولة الاحتلال الى موقع الشراكة الكاملة معها في العدوان على شعبنا،من خلال طرح خطة لتصفية القضية والمشروع الوطني الفلسطيني، صفقة القرن والتي بدات تترجم الى فعل حقيقي على الأرض بإعتراف أمريكا بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال في خروج وقح وتحد صلف على ول قرارات الشرعية الدولية،ونقل سفارتها من تل أبيب الى القدس والعمل على تصفية وشطب قضية اللاجئين،من خلال تصفية وكالة الغوث واللاجئين الفلسطينيين " الأونروا" ومنع توريث صفة اللاجىء..عبر تجفيف موارد الدعم المالي للوكالة .
كل هذا لن يقود الى قدوم "غودو" المنقذ،بل عملية الإنقاذ بعد كل ما يحدث تحتاج الى قرارات جريئة ترتقي الى مستوى المخاطر والتحديات،قرارات لها بعد تنفيذي تطبيقي،وليس مجرد " هوبرات" و"بهلوانيات" إعلامية وخطاب تاريخي ومبايعات وغيرها..فالجميع بات يدرك بانه لا ثقة في النظام السياسي الفلسطيني،وهو يتجه نحو المزيد من التدهور والتاكل،ولتصل الأمور حد ان تفرض العشائر والقبائل موقفها على السلطة،والتي ترى في نفسها بديلاً عن السلطة والنظام السياسي الفلسطيني.
وما يمكن عمله في جلسة هذا المجلس ان يتم الدعوة الى تشكيل لجنة تحضيرية واسعة سياسية ومجتمعية تحضر لعقد مجلس وطني جديد وبسقف زمني محدد،وكذلك تكلف اللجنة التنفيذية وبمشارك شخصيات من حماس والجهاد الإسلامي ومؤسسات المجتمع المدني بالدعوة الى خوض حوار وطني جدي للخروج برؤيا شمولية لكيفية المجابهة والتصدي للأخطار المحدقة بالقضية والمشروع الوطني،صفقة القرن،الإنفصال،قانون أساس القومية الصهيوني .العمل على تشكيل حكومة وحدة وطنية تقوم على أساس الشراكة السياسية الكاملة،وبما ينهي سياسة الهيمنة والتفرد في مؤسسات السلطة القائمة على أساس المحسوبيات واللون السياسي،عبر عملية تقييم ومراجعة شاملتين لكل مؤسسات السلطة ووزارتها،بحيث تصبح خادمة للشعب الفلسطيني كلكل وليس لفئة او فصيل،وان يجري توحيد الأجهزة الأمنية على أساس مهني بعيداً عن الفصائلية والحزبية..ولا مناص من العمل بشتى الطرق والوسائل من أجل تعزيز مقومات الصمود للشعب الفلسطيني،ورسم برنامج وطني شمولي للكل الفلسطيني،في ضوء قانون القومية الصهيوني،وبما يشمل الداخل الفلسطيني- 48 - .
اذا ما جرى الإصرار على عقد هذا المجلس الليلة وبلون سياسي واحد،واتخذ قرارات من شانها تعزيز وتكريس الإنقسام،فهذا يعني بان الحالة الفلسطينية سائرة نحو المزيد من الضعف والبعثرة والإنقسام والدخول في معارك جانبية تزيد من خسارة الجميع وتشكل ربحاً صافيا للمحتل.
بقلم/ راسم عبيدات