لا نجامل أحد ولا نتحامل علي ولكن في سياق التأكيد علي تفنيد أباطيل كدنا نحسبها طوال الوقت حقائق وكادت تصبح في الأذهان مسلمات لتدعونا تلك الهالة التي حيكت حول الرجل من باب تضحيم الخصم بغية الإنقضاض عليه وإغتياله سياسيا فكان للعقل أن يبحر فيما عاصرناه من فوضي النميمة وتزوبر الاتهامات وتشويه الخصوم ومسلكيات فترة من الزمن عنوانها الخصومة حد الاستئصال وإنطلاق تيارات تتباري للهجوم علي الرجل الذي ليس بنبي ولا بخارق بل يحمل كاريزما تتفوق علي قرائنه من الخصوم ومن الموالين وزملاء الحزب أو التنظيم فيقع الرجل ضحية الإخوان في حماس وضحية الإخوة في فتح وما بينهما من المسميات حتي وصل بالمشيعين زورا وبهتانا وكأن دحلان يحرك الدول والأساطيل وكأن العالم خاتم في إصبعه فيحار العقل.
بين الإخوة الفتحاويين والإخوان الحمساويين كاد دحلان أن يصبح في خبر كان لو كان جلمود صخر ، لكن الحقيقة هو رجل شجاع أقوي من جلمود صخر مما وقع عليه من ظلم، ولكن الحق أقوي من كل الزيف والغيرة والتخوين والتكفير وصراع السياسة البغيض الذي وصل لحدود كانت غرابتها تجبر كل ذي عقل أن يحاول الفحص والتمحيص ولو بالسليقة والفطرة التي ضلت وتلاعبت بها الإشاعة والدعاية والتشويه والإتهام بالخوارق والمعجزات في عصر ليس به خوارق أو معجزات فكان علي العقل بحكم التهويل الذي دار حول الرجل أن يرصد ويحلل ويبحث عن تلك الخوارق في دحلان فلا يجدها، ثم مادمنا لم نجد الخوارق وهي أصلا كما قلنا عبارة عن كاريزما لشخص ذكي قوي الشكيمة اكتسب خبرة وإلتقط مفاتيح العمل السياسي مثلما إلتقط مفاتيح الشخصيات المعاصرة من المناويئين والعاديين والموالين فكان متفردا في صفاته قوي المكانة يفرض شخصيته وسلوكه علي الآخرين وهذا كبر من محنة الآخرين وأصبحوا يتفنون في كيفية تهشيم وتكسير والتخلص من هذه الشخصية رغم شهادة الخصوم قبل الأصدقاء عن شهامة الرجل وشجاعته.. إلي هنا نكتفي بهذه المقدمة لنقول وبالحقائق في وجه أباطيل كل من حاول التزييف والإستئصال لمحمد دحلان.
في المؤتمر السادس وبعد أحداث غزة بقليل كانت هناك مراجعة من الخصوم والأصدقاء من إخوة فتح لإبن فتح ولم يدينوا الرجل رغم كل الأقاويل والتهم وهي من الوثائق الهامة التي جعلتني أعيد التفكير فيما يقال عن هذا الرجل وهو خطابه أو كلمته في المؤتمر السادس وتفحصها لمن لا يزال في موقف متردد من المؤامرة التي حيكت ضد هذا الرجل من إخوة فتح وكيف وضعهم في الكورنر بالحقائق والدلائل والبراهين وبدقة الحدث والزمن فيما جري فأصبحوا متهمين ومدانين، هذا أولا.
أما ثانيا وتلك العداوة والزيادات التي كبرتها حماس ليس إلا علي خلفية الصدام بينها وبين السلطة ولما كان دحلان الرجل القوي إن لم يكن الأقوي في حينها وبحكم أنه الشخصية الفريدة في فتح والمناوئة لجماعة الإخوان سياسيا وفكريا وهذا هو لب العمل السياسي فإن حماس بكل قوتها وهيلمانها الأمني لم تصدر لنا بيانا يثبت التهم الكبيرة التي إدعوها علي الرجل قبل وبعد الإنقلاب ولو كان لديهم سطرا في ورقة أو أيا ما يثبت إدانة لدحلان لما تورعوا عن فضيحتها إعلاميا ولتقدموا لمحاكمهم لإدانة الرجل ولكن لم يثبت لديهم ما يدين الرجل ولكانوا قد استخدموا قضائهم في الفترة الذين هم فيها علي رأس السلطة في غزة كما فعلوا في كثير من القضايا التي لا نعرف حتي الآن صحة إدانتهم لآخرين، وأود لفت نظر القراء بأن الإخوان المسلمين وحماس منهم لم يتوقفوا لحظة عن تشويه واتهام الرئيس عبد الناصر منذ ما يقارب من سبعين عاما بكل الموبقات حتي أصبحت من أساسيات ثقافتهم ولو كان دحلان مدانا مما أشاعوه وشوهوه به لما تصالحوا معه ولما عملوا سويا في المصالحة المجتمعية ومؤسسة التكافل ولما إجتمعوا معه ومع رفاقه في القاهرة وفي أبو ظبي فالإخوان من خصائصهم عدم الثقة بالمناويئين ومهاداتهم لأبعد الحدود ولكن لدحلان الذي ظلمه الإخوة والإخوان ما يجعلهم يعودون للعلاقة ولو التنافسية معه وهذه تسجل لشخصية دحلان مهما قال الناس عن ضعف حماس وبراقماتيتهم فبراقميتية حماس لا تتسامح مع من عاداهم فعلا وكان مدانا بإتهامات كما كانوا يدعون ولكن هم كما قال لي قائد حمساوي كبير في لحظات سابقة وقبل التصالح مع دحلان بأن دحلان رجل عند كلمته ونثق في تنفيذه العمل المشترك معه.
ثالثا وهو الأهم فبالرغم مما كاد أن يصبح مسلمات من التشويه الذي إستخدمته سلطة رام الله المناوئة بعنف وقسوة يعرفها الجميع لدحلان وصلت للحد الذي يخرج عليه الرئيس عباس ليتحدث في خطاب علي الهواء مباشرة بإتهام دحلان واللمز حد الاتهام المباشر لدحلان في قضية استشهاد الرئيس عرفات وألف المؤلفون الكتب عن إتهامات مزورة من قبل سلطة عباس في رام الله لدحلان في قضية موت عرفات وقضايا أخري لم يثبت إدانته داخل فلسطين لتأتي الحقيقة ولو متأخرة من خارج فلسطين من قضاء مشهود له في بلد الديمقراطية والثورة الفرنسية التي تشيع للعالم شفافيتها وقضائها النزيه وذوي العلاقة المباشرة بعلاج عرفات قبل الوفاة ليلطم كل المناوئين والمتآمرين والمزورين من الخصوم وأعداء دحلان علي وجوههم خمساوي كبير يحدث لهم إرتجاجا في المخ يعيشون بعده مكشوفي الكذب والتلفيق والتزوير وتنصع الحقيقة التي بدأنا البحث عنها مبكرا فكانت هي النقطة التي يجب أن يعود إليها كل من أساء إلي الرجل لمراجعة الذات، ولا يجوز للخصومة والمنافسة السياسية أن تصل حد الاستئصال لرجل مثل دحلان يحمل كاريزما وخبرة وإدارة لا يملكها الكثيرون حتي ممن حاولوا إستئصاله، وللعقول التي تبحث عن الحقيقة والواعية والمدركة لقضيتنا وحيثياتها لابد من التذكر بأن أيام وجود هذا الرجل القوي دحلان في السلطة والذي قيل عنها وعنه ما لم يقله مالك في الخمر من قبل مناوئيه من كل الأطراف أن يتذكروا ما اتهموا به الرجل في اتفاقية المعابر التي لم يستطع أحد الوصول لتلك الحالة التي كانت علي الأقل أفضل بكثير من عشرين عام من مفاوضات الرئيس الصفرية ومن اتفاقيات هدنة أو تهدأة من حماس حتي الآن رغم أننا لازلنا نقول بأنه كان بالإمكان أفضل مما كان ولكن بالمقارنة نقول كان ما إنتزعه دحلان من الاسرائيليين أفضل الموجود حتي الآن وحتي ما جري من أحداث وحتي العلاقة التي تحدث عنها هو بكل وضوح مع الاسرائيليين كان الرئيس عرفات هو عرابها ومديرها في كل صغيرة وكبيرة بما فيها ما حدث في غزة من أحداث أيام عرفات وهذه نقطة رابعة.
أما خامسا وعلي الصعيد الفتحاوي ليعرف الجميع ويقارن بين ما وصلت إليه حالة فتح في غياب دحلان وهو وضع غير خاف عن الجميع من ترهل وضعف واننا نجافي الحقيقة حين نقول بأن صراع حماس كان مع دحلان كان علي خلفية أحداث ثانوية كما تلك التي حدثت وهو في السلطة، لا، بل كانت حملة حماس ضد دحلان علي خلفية إنه الرجل الأقوي في فتح القادم لقيادة التيار الوطني المركزي فتح في مواجهة حماس فاستشرست حملتهم ضده لإبعاده وتشويه صورته واغتياله سياسيا والتي إبتلع طعمها كثيرون من فتح وأخذوا يرددون روايات حماس المزورة عن دحلان وهم أي حماس خصم سياسي يجوز أن يستخدم كل أدواته غير العنيفة في مواجهة الخصم أما أن يصبح الفتحاويون يرددون روايات حماس عن دحلان فتلك هي المصيبة لوعي فتح الذي ينقل ويقتنع بروايات الخصوم السياسيين.. ويبني عليها في منافسة وماولة استئصال دحلان كما تطورت عليه عداوة عباس واللجنة المركزية لاحقا.
الآن وبعد ما رأينا ما جري من ضعف في غياب قائد فتح المستقبلي الكاريزمي وما جري في البلاد من تغيرات ديكتاتورية نتيجة عدم وجود من يمنع تفرد عباس مثلما كان دحلان يمنعه وكذلك ما طرأ علي العلاقات الوطنية داخل منظمة التحرير من سوء من قبل الرئيس التي لو كان دحلان موجودا فلا يمكن أن تصل لهذا الحد.
وأخيرا ولأن هذا الرجل دحلان هو فتحاويا حتي النخاع لم تجبره هول الصدمات وشدة المؤامرات من سدة الحكم في رام الله واللجنة المركزية في فتح السابقة والحالية لحظة علي التفكير في الخروج من فتح وظل مخلصا لكل الفتحاويين يحاول تجميعهم ومساعدتهم وعدم تركهم بعيدا عن فتح وحتي غير الفتخاويين الذين يرون في دحلان الرجل القائد الوحدوي الذي يراهنون عليه لإخراج فتح والوطن من المحنة.
وبعد كل هذا فإنه آن الأوان لدحلان هذا الرجل الأمين علي فتح أن يكون أمينا علي الوطن بعد أن قال القضاء الفرنسي كلمته وما استعرضناه من عدم الإدانة أو ثبوت أي إتهامات.
وزد علي ذلك هذا النظام العربي المصري الوطني الخبير في السياسة والأمن والأصيل بتبنيه منذ النكبة للقضية الفلسطينية هو أنه يري في دحلان أمينا علي فتح وعلي الوطن
د. طلال الشريف