تقدموا
تقدموا
كل سماء فوقكم جهنم
وكل ارض تحتكم جهنم
تقدموا
يموت منا الطفل والشيخ
ولا يستسلم
وتسقط الام على ابنائها القتلى
ولا تستسلم
تقدموا
تقدموا
بناقلات جندكم
وراجمات حقدكم
وهددوا
وشردوا
ويتموا
وهدموا
لن تكسروا اعماقنا
لن تهزموا اشواقنا
نحن القضاء المبرم.
ففي مثل هذا اليوم 19 من اغسطس عام 2014 ودعت فلسطين والعالم العربي شاعر الأرض والوطن والقضية سميح القاسم الذي يعد أحد أشهر الشعراء الفلسطينيين المعاصرين الذين ارتبط اسمهم بشعر الثورة والمقاومة، حيث تتناول أشعاره كفاح ومعاناة شعبنا الفلسطيني البطل، ليشكل القاسم مع الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش عصب أدب المقاومة الفلسطينية، وتوأم مسيرة حافلة بالنضال والإبداع والحياة. نعم لقد رحل سميح القاسم ولكنه رغم الرحيل فهو حي و باقٍ بكلماته التي دخلت القلوب والعقول وحركت المشاعر، وأوقدت نيران الغضب في نفوس الفلسطينين والعرب كيف لا ؟ وهو القائل " منتصب القامة أمشي .. مرفوع الهامة أمشي .. في كفّي قصفة زيتون .. وعلى كتفي نعشي، وأنا أمشي وأنا أمشي" وغيرها الكثير.
فكلماته و قصائده كان يصيغها ويطليها من سبائك ذهبه، ويطعمها بالجواهر الكريمة واللاليء ، بعد ان يشحنها بالعنفوان والعزة، والكرامة والشموخ، والصمود والتحدي .. فتنساب مثل خرير ماء صافي رقراق ، يتدفق بين الجداول ، ما ان تراه الطيور والنوارس الفلسطينية حتى تغرد فوق بحوره وتنهل من ربيع جماله الساحر الأخاذ ، وهي ترى في إنسيابية أبيات قصائده ، فرصة ثمينة لتغرد في الأعالي فرحة بشعره المقاوم للإحتلال الصهيوني الغاشم لتعانق كبرياء الزهو الفلسطيني في أبهى صوره!!
لقد كان سميح القاسم تغمده الله وأمطره بشآبيب رحمته وأسكنه فسيح جناته صديق الجميع، عرف بتواضعه وشعبيته، حيث جمع بين عبقرية المفكر وبساطة الفلاح الفلسطيني، وهبه الله من كمال الخلق وعذوبة المعشر وصفاء الطبع ونقاء السريرة ، لتضيف الى موهبته الشعرية سمة اخرى اكثر فضاء واكثر اهمية الا وهي صدق الانتماء للوطن وفي ان يكون لسان حاله لكي يزرع الأمل في النفوس الفلسطينية والعربية ويعبر عن آمالها وخلجاتها وما تحب وما لاتهوى من الخصال التي لا تتوافق وطبعها الاجتماعي المتسامح الاصيل ، ولكي يؤكد ان الشاعر والكاتب مهما وصل الى منجزات الابداع لن تصل به الاحوال الى التكبر والتعالي ، ان لم تزده تلك المكانة تواضعا ورقيا ، حتى تجد نفسك انك امام انسان مرهف الاحساس صادق الوعد ، تحمل من أجل الوطن الكثير عذب وسُجن، وقدم له عصارة عقله وروحه وما تفتقت به قريحته من مواهب ادبية.
فكان ممن تنطبق عليهم مواصفات تلك الشخصية الأصيلة المحبوبة والقريبة الى النفوس ، بلا تكلف أو عقد او مكانات زائفة يحاول “البعض ” ربما اتخاذها وسيلة لاظهار مواهبه ، بالابتعاد عن الجمهور!!
وأخيرا: سيبقى سميح القاسم
رغم الرحيل القسري قامة سامقة و علما من اعلامنا الكبار الذين يشير اليهم تأريخ فلسطين بالبنان !!
بقلم/ فراس الطيراوي