إلى متى سيبقى الشعب الفلسطيني مغيب عما يجري؟

بقلم: أحمد يونس شاهين

يقف الشعب الفلسطيني اليوم أمام تحدي كبير وهو صفقة القرن التي يلوح بها ترامب وبدأ مع اسرائيل بتطبيق بنودها الغير معلنة رسمياً وأبرزها الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الامريكية إلى القدس، والكنيست الاسرائيلي يقر قانون القومية اليهودية الذي يحرم غير اليهودي من حقوقه المشروعة في أرض فلسطين التاريخية التي جعلها القانون ملكاً لليهود، في هذه الأثناء ينشط الحديث بل الحراك حول هدنة مرتقبة بين حركة حماس واسرائيل.

رغم ما يعانيه الشعب الفلسطيني في غزة من معاناة استمرت منذ اثنا عشر عاماً تخللها ثلاثة حروب دمرت البنى التحتية وأكلت الأخضر واليابس وراح ضحيتها آلاف الشهداء والجرحى وانتهى المطاف بمسيرات العودة التي استشهد فيها أكثر من مائة وخمسون شهيداً وآلاف الجرحى منهم أصيب بحالات بتر في الأرجل والأيدي، كل ذلك استغلته اسرائيل للضغط على الشعب الفلسطيني في غزة التي تديرها حركة حماس لفرض هدنة تضمن أمن اسرائيل مقابل تسهيلات انسانية وممر مائي خارج حدود غزة وبمعنى أدق خارج حدود الدولة الفلسطينية، هذه الهدنة التي تراها اسرائيل السبيل تجاه ضمان أمنها ومن ثم الدخول بمفاوضات لإطلاق سراح جنودها المأسورين في غزة.

لا أحد يسعى للحرب، ولا أحد يكره العيش بسلام، والشعب الفلسطيني طواق لأن يرى الفصائل الفلسطينية موحدة ومجتمعة على موقف واحد وموحد، وهذا هو الاهم والحلم الذي يراه الشعب الفلسطيني في منامه على أمل أن يتحقق يوماً ما، ولكن هل سيأتي هذا الصباح الذي سيستيقظ فيه ويرى حكومة واحدة وبرلمان فلسطيني واحد يجتمع تحت قبته كافة أطياف ومكونات الشعب الفلسطيني؟

خلافات شديدة نشهدها حول الهدنة التي هي مطلب للكل الفلسطيني ولكن وفق محددات متفق عليها من الجميع دون المساس بالحقوق السياسية والسيادية للشعب الفلسطيني على ان تكون هذه الهدنة من بوابة المصالحة الوطنية دون الفصل بين المصالحة والهدنة المرتقبة، ولنكن أقوياء في مفاوضات الهدنة أو أي مفاوضات مع الاحتلال علينا أن نكون موحدين ونفاوض تحت العلم الفلسطيني لا أن يكون التفاوض تحت راية فصيل دون الآخر، فإسرائيل اختارت الوقت المناسب لإحراز الهدنة وهو غياب المصالحة بهدف تعزيز حكم حركة حماس في غزة من خلال تقديم التسهيلات الاقتصادية ورفع الحصار وضخ أموال استثمارية من بعض الدول العربية، وبالتالي يكون اكتمل فصل من فصول صفقة القرن وتم فصل غزة عن الضفة دون ادراك فلسطيني لذلك رغم أن هناك اجماع فلسطيني على رفض هذه الصفقة.

تسعى أمريكا واسرائيل إلى تدمير القضية الفلسطينية بكل جوانبها، وهذا يتطلب الوقوف في وجه المؤامرة التي تحيكانها معاً بمساعدة اطراف إقليمية أخرى، حتى وصل الحد بأمريكا بقطع مساعدتها لوكالة الغوث التي تقدم مساعداتها لأكثر من أربعة ملايين فلسطيني في فلسطين والشتات بهدف وأد حق العودة وطمس قضية اللاجئين مما يزيد من معاناة الشعب الفلسطيني ليقبل ما هو قليل ولم يرتقي لأدنى حد من مطالب شعبنا وتحويل القضية الفلسطينية من قضية سياسية إلى مسألة انسانية فقط.

خلاصة القول تريد أمريكا واسرائيل استمرار الانقسام الفلسطيني وابرام هدنة بين حركة حماس واسرائيل وحصرها فقط في غزة مقابل احتياجات انسانية فقط بعيداً عن تقديم أي حق سياسي للشعب الفلسطيني، وبعد تثبيت الهدنة تواصل اسرائيل سياسة الاستيطان في الاراضي الفلسطينية وهدم القرى الفلسطينية في القدس على غرار الخان الأحمر لأنها نجحت في الفصل بين غزة والضفة حتى انها نجحت أيضاً في الفصل بين أسباب المقاومة والرد على الاعتداءات.

من جهة أخرى يجب أن يعرف الشارع الفلسطيني ما يدور في الغرف المغلقة من مفاوضات الهدنة لا أن يبقى مغيباً ورهينة للأخبار والتصريحات التي يطلقها قادة الاحتلال والمصادر الخاصة والمصادر الموثوقة واجتهادات وسائل الاعلام، فليخرج مسؤول فلسطيني من الغرف المغلقة ويقول للشارع الفلسطيني عن ما يدور حول الهدنة والمصالحة وهل مباحثات القاهرة مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بمباحثات المصالحة أم أنها مغيبة كما الشعب مغيب عما يجري.

بقلم/ أحمد شاهين