من يعطل التهدئة والتوافق الوطني..؟؟!

بقلم: سميح خلف

الرئيس عباس يتصرف مع غزة بكل مكوناتها سواءا حماس او غير حماس ، كند او كخصم او كعدو او كما تريدوا ان تعرفوه من خلال الثلاث احتمالات السابقة بل ابعد من ذلك يتصرف عباس مع الحركة الوطنية الفلسطينية و مكونات فتح الداخلية كدكتاتور تتسم قراراته بحالة من الإستبداد حتى مع الفصائل التي لها تاريخ و المشاركة في مكونات منظمة التحرير منذ المنتصف الثاني من الستينات ، اما حركة فتح فقد قام بضربة مزدوجة استهدف بها فتحاويي غزة و كوادرها و قياداتها باستثناء بعض الوجوه التي تغطي مسامات وجهه العدائية تجاه غزة ، و لكن ماذا يريد عباس فهو قد بدأ بتصفية تيار ياسر عرفات و تيار ابو جهاد الوزير و من ساهموا بالطلقة الاولى في حركة فتح و من أسسوا منظومة الشبيبة في قطاع غزة و على رأسهم القائد الفتحاوي الوطني محمد دحلان ، ليلحق بذلك سلوكياته في الضفة الغربية المخزية التي لاحقت النشطاء و قيدات في العمل الوطني مثل نجاة ابو بكر و ابو الليل و قدورة فارس وقراقع و اسماء كثيرة و خالدة جرار ، هذا الرجل يتعامل بعدائية مع كل من يختلف معه و ينتقده او يتنقد نهجه او مذكرا بويلات الاستمرار بهذا النهج لذي لم يقطف ثمارا بل دمر اغصان كان يمكن ان تنبت عزة و كرامة لوطنية فلسطينية تقاوم و تحافظ على الأرض و الشعب ، كثير من الحيرة تصيبنا حينما نتذكر هذا السلوك الذي يفضح نفسه و بدون شرعية سوى شرعية اقليمية و دولية منحت له على قاعدة التزامه بالتنسيق الأمني و تقديم الخدمات للاحتلال ، لم نأتي بشيء من عندنا بل هي اعترافات حمود عباس بنفسه عندما قال اننا خدم تحت بوسطار الاحتلال ووسطاء ماليين .

 

لا بأس انه جرف اوسلو الذي لا يمكن الخروج منه الا بالعودة الى نقطة الصفر و نسف كل البرامج الثقافية و التعبوية و المؤسساتية التي تبعت اوسلو و هذا من المستحيل الان ، و لأن السلطة و منظمة التحرير هي طرف من عدة اطراف يحافظون على هذا الاتفاق فمعنى الخروج من اوسلو هي حالة المواجهة التي يجب ان يحضر لها شعبيا ووطنيا و مؤسساتيا و للأسف هذا غير موجود في قاموس محمود عباس .

محمد عباس يقول أنه سيواجه صفقة القرن و يحاربها كيف ؟ اذا كان محمود عباس هو طرف في تلك المعادلات فهل يستطيع عباس بظروف السلطة الحالية و منظمة التحرير مواجهة ميلادونوف المعبر عن اوروبا و الأمم المتحدة ، و هل هو قادر على مواجهة دول الإقليم  ؟ من السهل الحديث و التنديد و الشجب و استخدام الابجديات الحادة ولكن نحن بحاجة لأبجديات أكثر حدة تجهز الجبهة الداخلية لعدة احتمالات لمواجهة صفقة القرن او ما يتم التخوف منه حالة انفصال الضفة عن غزة و دولة في غزة و حكما ذاتيا في الضفة ، اي ان امامنا الأن خيار واحد فقط هي المصالحة و التنازل عن كل المعوقات و ما تحمل من ماضي اليم لكل الاطراف و ان حمل هذا الماضي من الم فقد تحمل الشعب الامه و معاناته ، و لكن من العجب هل استيقظ عباس لغزة الان بعد 11 عام لم يحاول فيها اللقاء في منتصف الطريق مع حماس ، هل معقول ئيس سلطة و رئيس منظمة التحرير يتغافل عن جزء هام من جغرافيا الوطن طول 11 عام  يترك الجمل بما حمل لتقوم حماس و لانها خارج منظمة التحرير و تدافع عن وجودها و حزبها و حاضنتها بأن تقوم بتأسيس و تشكيل مؤسسات سيادية كالأمن و المالية و الجباية و قوات المقاومة التي تحافظ على جغرافية غزة من ان تكون مرتعا لقوات الاحتلال و بيوت غزة ليلا و نهار ، ماذا استجد على محمود عباس الأن ، ماهو السر الدفين في ذلك الا ان غزة موعودة بأن تكون سنغافورا و بما تملك من ابار غاز ام التفكير بشكل معاكس بأنه يريد ان لا يجعل فسا يتنفس وطنية في قطاع غزة !

 

محمود عباس يقول كشرط للمصالحة انا اريد غزة (و انا اقول انك ظاهرة عابرة) فما تريده من غزة لن يتحقق وهو يعلم ذلك ، يريد غزة فوق الارض و تحت الارض ، ذكرني بموقف ابو عمار في وايريفير قبل ان يبدأ حصاره لرفضه مقولة ان اسرائيل تريد القدس  ما تحت ارضها و للسلطة ما فوقها وللأسف اصبحت القدس الان ما فوق الارض و تحت الارض تحت تصرف الاحتلال و ادعاء الملكية مع الفارق في المشهد بين موقف عباس من غزة و موقف ابو عمار من القدس .

اما في مكان اخر يتعامل عباس مع منظمة التحرير و مجلسها المركزي كأنها منظومة خاصة له ولا تبتعد كثيرا عن اي شركة يديرها ابناؤه ياسر و طارق معلقا على من لم يحضروا الاجتماع المركزي قائلا  لم يحضر "مع السلامة" .

لا نريد ان نذكر هنا بكل لعقوبات و القرارات التي اتخذها تجاه غزة ، اما الان إما ان يتسلم غزة حتى الطير الذي في السماء و اما كما يقول ان تتكفل حماس بكل شيء و هذا يعني بشكل او بأخر الدعوة للانفصال و تارة اخرى يقول ان اي مساعدات لغزة يجب ان تمر من خلال السلطة و التهدئة او الهدنة يجب ان تمر من خلال السلطة ، السلطة اكيد معترف بها دوليا كممثل للشعب الفلسطيني و حالة صحية ان توقع هي التهدئة و لكن اين التزامات السلطة تجاه غزة بالتأكيد من الضروري ان تقوم السلطة برفع العقوبات و ان يقوم عباس بتشكيل حكومة وحدة وطنية تضع برنامجا زمنيا للانتخابات الرئاسية والتشريعية و التحضير لانعقاد مجلس وطني تحضيري كما اقره اجتماع بيروت للقيادة المؤقته لمنظمة التحرير .

نحن اصبحنا في دوامة البيضة اولا ام الدجاجة في حين ان المسؤوليات الوطنية تحتم ان يتخذ رئيس السلطة و منظمة التحرير بصفته الاعتبارية والقانونية قرارات حاسمة على مستوى الوضع الداخلي في فتح و اعادة وحدتها و استعادة رواتب من قطعت رواتبهم و اصدار مرسوم رئاسي بتشكيل حكومة وحدة وطنية و ان تعذر ذلك فمن الذي يمنع عباس ان يمارس صلاحياته كرئيس باصدار مرسوم رئاسي لانتخابات رئاسية و تشريعية و لكن نعتقد ان المعوق اكثر ما هو داخلي هو خارجي فقد نسمع كلاما معسولا و معاكسا له قرارات تصب في خانة توجهات امريكية و اسرائيلية و على سبيل المثال لا الحصر ، لقد كانت هناك وزارة اسمها وزارة شؤون الاسرى والشهداء تم تقليصها لدائرة تتبع منظمة التحرير و من ثمة تتبع السلطة ، اما عن منظمة التحرير و مجلسها المركزي و بيانها الاخير الذي يوصي بتنفيذ قرارات المركزي السابقة بتعليق الاعتراف باسرائيل و الانسحاب من اتفاقية باريس ووقف التنسيق الامني نريد انن نذكر هنا ليس هناك في القاموس السياسي و الدبلوماسي بين الدول شيء اسمه "تعليق" اما سحب الاعتراف او الاعتراف وهو مصطلح لا يؤخذ بجدية ، اما تلك القرارات تحال للدراسة و من ثم ترفع الدراسة للمركزي و المركزي يرفعها لمنظمة التحرير و منظمة التحرير ترفعها للرئيس و الرئيس يحيلها لحكومة الحمد لله و حكومة الحمد لله تحيلها للمركزي مرة اخرى وندخل في دوامة المماطلة و التمييع مع قناعتنا بأن تلك القرارات لم تطبق ولن تنفذ .

ما احوجنا الان الى اللقاء في منتصف الطريق لبرنامج مشترك وتوافقيات وطنية هذا اذا كنا نريد الحفاظ على ما تبقى من ارض الوطن .

 

سميح خلف