العيد .... والتضحية بنا !!!

بقلم: وفيق زنداح

كنا على الدوام نتمنى ان يأتي علينا العيد ونحن بأحسن حال .... ونعيش الامن والامان ... الاستقرار والازدهار ... تمنياتنا كثيرة ومتشعبة ومنذ زمن وحتى يومنا .. هذا الذي نتمنى فيه ان تتغير ظروفنا واحوالنا وواقعنا الاسوأ بتاريخ حياتنا .
كنا نتمنى على مدار سنوات حياتنا ... وحتى من سبقونا من الأباء والاجداد ان يتغير الواقع لما هو افضل ... لكن يبدو اننا كنا نعيش في اطار التمنيات والتأملات ... وليس ذات علاقة بالواقع وظروفه وملابساته ... والذي يتحدث بكل ألامه ودموعه واحزانه ... واقع يتحدث بدماء عزيزة سالت ... وارواح غالية ازهقت ... ومشاهد مأساوية لظروف انسانية تتحرك لها الجبال ... وتنشق لها الارض ... وتهز اركان كل انسان يمكن ان يمتلك الحد الادنى من الانسانية .
بكل عيد كنا نتمنى ونأمل .. ولا نجد ما يمكن ان يتحقق ... ولا نعرف العيب فينا ... ام بثقل همومنا ... ام بعجز قياداتنا وفصائلنا ... ام نتيجة لجبروت عدونا واجرامه ومجازره ... ام ان كل ذلك يجتمع علينا ... ولا يرحمنا ويجعل من كل عيد هم ثقيل يضعفنا ولا يقوينا ... والاباء يعجزون أمام زوجاتهم ... والاثنين يعجزون امام ابناءهم ... حتى اصبحت الأسر عاجزة عن الفرحة ... كما انها عاجزة عن مواجهة الرياح والعواصف والانواء .
يؤخذ بنا الى حيث لا ندري ... والي حيث لا نريد .. لكن ثقل الظروف واعباء الحياة وعدم احداث تغيير بملابسات الواقع ... جعل كل شئ بحالة فراغ ... وعلى عكس الاتجاه المأمول ... وصوابية المواقف واولويات الوطن .
يجتهد البعض ويحاولون اقناعنا انهم المالكين لناصية الحقيقة ... ومحاولتهم بطرح مفهوم التهدئة وكأنه المخرج لما نحن عليه من ازمات وكوارث .... رغم ان التهدئة مستمرة منذ اربع سنوات كانت الاشد قسوة وألم وعذاب ... في ظل ظروف اقتصادية كارثية ... اوضاع اجتماعية يصعب الحديث فيها ... وعلاقات وطنية لا تمثل روح المسؤولية والواجب الوطني واولوياته .
يحاول البعض اقناعنا ان التهدئة تتقدم على المصالحة ... او على الاقل بالتوازي برغم الصعوبة والاستحالة في ظل النوايا واولويات كل منا .. وهناك من يرى ان المصالحة تتقدم على التهدئة لاعتبارات عديدة لها علاقة بأهمية وجود السلطة والحكومة والنظام السياسي باعتبارهم العنوان المعترف به ... والتي يمكن من خلالهم تلقي الاموال وتنفيذ المشروعات وانشاء المشاريع كالميناء والمطار في ظل انهاء الحصار والتهدئة لعام او اكثر .
وجود السلطة والحكومة والعنوان الشرعي للشعب الفلسطيني والمعترف به عربيا ودوليا يجعل امكانية تنفيذ كافة المشروعات ...واستقرار التهدئة والى حد كبير ..... وعدم امكانية العبث بالامن والاستقرار وحتى تتحقق من خلال المصالحة الكاملة والتهدئة الشاملة امكانية عملية لاطلاق رسالة وطنية سياسية ذات مضمون ... يمكن ان تجد من يدعمها ويساندها ... ويجعل منها خطابا سياسيا واعلاميا قادرا على احداث اختراق في هذا البنيان الاسرائيلي الذي يسهل اختراقه بالعمل السياسي ومؤسسات الشرعية الدولية كما المؤسسات الحقوقية والانسانية .
يجب ان نأخذ عدونا الى مربعات وساحات يعجز فيها أمامنا من خلال حقوقنا المعترف بها ... وسلمية نضالنا ... وعدم اعطاءه الفرصة باستخدام قوته المنفلتة والتي لا ضابط لها والتي لا يقابلها قوة لدينا يمكن من خلالها ان نحدث التوازن في معدل القوة بيننا وبين عدونا .
الايام السابقة وما جرى من لقاءات وما تم الاعلان عنه من مواقف يؤكد ان التهدئة ليست مرفوضة... لكن التوقيت والاولوية للمصالحة وبسط السلطة الوطنية لمهامها ومسؤولياتها في ظل وجود حكومة توافق وحتى نتمكن من السير بخطى ثابتة وبتوافق الجميع صوب تغيير واقعنا وظروفنا التي نعيش فيها . لا يعقل ان نبقي على حالة الجدل بين بعضنا البعض ونحن أمام عدو لا يرحم وفي واقع احتلال جاثم على صدورنا وحصار شامل يؤثر على كافة مناحي حياتنا .
يجب ان ننهي حالة الجدل والحرب الكلامية والتصريحات الاعلامية وان نجلس على طاولة واحدة وبرعاية مصرية ... ليقول الجميع ما يريد .. وليحدد الجميع الاولويات الوطنية التي يمكن ان تخفف عنا كافة الازمات والكوارث والتي تجعلنا بموقف الاقوى لمواجهة كافة السناريوهات ... وان لا نعمل على اضعاف انفسنا وزيادة ضعفنا ... فهذا ليس مقبولا بالمطلق .
نحن على ابواب عيد الاضحى المبارك ... عيد الله اكبر ... والذي نتمنى ان يكون عيد اليقظة والوعي لمصالحنا ... والتسامح بيننا .... وليس أي محاولة مهما صغرت او كبرت للتضحية بنا .
وكل عام وانتم بخير

الكاتب / وفيق زنداح