يذكرني هذا العنوان بفيلم ثمانيني من قرن الموز الماضي اسمه (الراقصة والسياسي) بطولة الفاتنة نبيلة عبيد والفتوة صلاح قابيل .... ربما هو وجه شبه بين الكاتب المسيس المستأنس حامل الفوطةّ ! والراقصة اللعلوطة ... في التعري وهز الوسط!
فكم من طارئ مصنوع نفخه الساسة ليعتلي صهوة الكتابة... يطبل في القدوم ..ويسحج عند اللزوم للأولياء والصحابة و يعمل كالقرود لولي نعمته عجين الفلاحة و نوم العازب من أجل عيشة صبابة .. ليتبخر في النهاية الى راقصة درجة عاشرة وبدون نقابة !
وكم من كاتب مطبوع مقهور ومقموع.. حاربه الساسة وسحلة العسكر .. لانه لم يردد مع الخائفين (السلطان أكبر)! لكنه انتصرعلى جلاديه حتى في موته..فتقزم القتلة..وتعملقت الفكرة!
في الاصل كان الكاتب الاديب في مرتبة ابن رشد الفيلسوف والملهم.. وهي أعلى وأرقى بكثير من مرتبة (الأمير) الميكافيلي عراب الشياطين الانتهازيين أقصد السياسيين..!
ولان الحكام والسلاطين والولاة يملكون ويحكمون ويظلمون على مدى قرون وفي ايديهم أرزاق الناس فإنهم أذلوا وأهانوا وروضوا بعض الشعراء والادباء واغروا البعض الاخر بالاعطيات.. فارتضوا ان ياكلوا مع الخدم والحشم من فتات الحاشية ! ومن لم يستسلم لهذه النهاية قضى مهمشا قهرا و جوعا او جلدا أو حرقا بتهمة الزندقة !
في فترة الاحتلال التام.. وبالذات في السبعينات كان معظم الكتاب والمبدعين في الوطن يساريي الهوي والهوية أزهروا اقحوانا بريا في الضفة وغزة الى ان استطاع المال السياسي شراء بعضهم مقابل شيكلات ووعود طباعة ووظيفة مدير عام ..!
أعرف ان بعض الساسة في بلادنا انشغلوا في فترة التسعينات بتكوين ميليشيات ثقافية فصائلية من كتبة انتهازيين متسلقين مستعدين لبيع انفسهم بالاقساط او التأجير حتى تقرير المصير .. ! مما ادى رغم تلميع الجرذان الى ارتباك المشهد الثقافي وهشاشته واختلال مضحك بين رؤى من يعي ومن لا يعي وفرز موقفي واضح بين الكاتب الاصيل والكويتب المدعي وتجلى ذلك أيام برزخ أوسلو ويا خيبة كتاب التطبيع غني و لعلعي!
الكاتب الحقيقي... المنتمي لوطنه وشعبه أولا .. أعظم وأعلى قامة وأخلد من أي زعيم سياسي مهما كان شأنه الا من رحم ربه من الزعماء الرموز الكبار الكبار أمثال ابراهام لنكولن محرر العبيد وجمال عبد الناصر وغاندي وابو عمار!
الكاتب الحقيقي أقدر على قيادتة أمته من السياسي بمبادئة ومواقفه وحكمته وان لم تمكنه الظروف يتوجب عليه الا يكون أقل من ند مساو للسياسي لا ظلا أوتابعا أو شرابة خرج!
ولوسألت نفسي وسألتكم:أايهما أرسخ في الذاكرة(أم) مكسيم جوركي أم(أب) جورج بوش الابن ؟
ايهما أعظم وأخلد محمود درويش أم أمراء البترول السابقون واللاحقون بذقون أو بغيرذقون؟!
أيهما أكثر عطاء للانسانية ..جبران خليل جبران ام وزير حرب الجيران السيد ليبرمان ؟!
أتذكرالآن عظمة الكاتب الفرنسي(البيركامو) ورفاقه الذين وقفوا ضد قرار حكومة فيشي العميلة بضم الجزائر! وأتذكر مواقف توفيق زياد ورفاقه في مواجهة القمع الصهيوني!
الكاتب الحقيقي الثابت القوي .. نبي فكر يحمل رسالة أمة ولايتخلى عنها ولايلين مهما كانت الظروف والتحديات والعواقب .. ولعل غسان كنفاني يمثل النموذج الامثل , فهو في قلوبنا وعقولنا دائما الغائب الحاضر .. بينما أكثرالموجودين بيننا هم بقايا الحاضر ..الغائب !
لقد خلد التاريخ كتابا عظماء أصبحوا بفضل صدقهم ونزاهتهم رؤساء دول كالسنغالي ليوبواد سنغور والتشيكي (فاتسلاف هافل ) ! .. بينما لم نسمع عن سياسي واحد تحول بعد الاعتزال الى كاتب ناجح .. حتى هلاوس مذكراتهم الكاذبة والطافحة بالأنا كانوا يرسلونها في النهاية الى كتاب مستأجرين لينفخوا فيها الروح!
الزعماء والملوك والامراء العرب في معظمهم لديهم بلاغة مضحكة ونحو خاص أقل من مستوى الرابع الابتدائي ومع ذلك فالشعب ملزم با لتصفيق والهتاف والتفويت !
اعرف سياسيا عربيا كبيرا جدا وحيا يرزق لاعلاقة له باللغة ولايستطيع ان يلقي كلمتين صحاح على بعض.. ويتهته ويكسر ماشاء وسط ضحك النواب الى درجة طلب رئيس المجلس منه ان ينتدب احدا ينوب عنه في القاء البيان!
لذا لاغرابة..اذا وجدنا بعض فروخ الاعوان يلحنون على منبررسول الله ويعبثون بالبيان.اسوة بما يفعل الامراء وأصحاب السلطان!
في النهاية .. الكاتب الدوني الأناني الذي يرتضي ان يكون ظلا او ذيلا.. ولا يؤمن بروح الفريق والرفاق لن يكون في يوم ما كاتبا محترما ولا محل ثقة .. قد يتمتع بما ينعمه عليه السياسي وينفش ريشه أمامنا لكنه لن ينال منا الا كل سخرية واحتقار لأنه يسيء عن قصد الى مكانة الكاتب الوطني وقيمتة
أما الكاتب الذي يؤمن بربه ويعشق وطنه ويتبنى مع المجموع همومه فله كل الحب والتقدير..
....
اللهم امنحنا القدرة والعزم على ان نحمل الامانة ونؤديها بما يجب علينا لرسم صورة طموحة للكاتب الفلسطيني والعربي يحلم بها ويستحقها ..!
توفيق الحاج