لم يكن الفلسطينيون والعرب ودعاة حل النزاع بالوسائل السلمية وبناء الأمن والاستقرار في المنطقة، بحاجة بعد الى مواقف معادية اكثر مما يقدم عليه ترامب وادراته بوقف المساعدات عن مشاريع تنموية في الضفة الفلسطينية وقطاع غزة ، بقيمة 200 مليون دولار ، متناغما مع قوانين وقرارات حكومة الاحتلال الصهيوني ، كان واضحاً انه لن يتردد في تصفية الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني ، ويمنع التداول في قضايا اللاجئين والقدس او اقامة الدولة الفلسطينية ، حيث بين للعرب الحقيقة التي حاولوا تجاهلها وهي أن الادارة الامريكية وضعت القضية الفلسطينية تحت تصرف كيان الاحتلال وفضح بجرأة الموافقة ألاميركية على دعم الاحتلال والاستيطان، الا ان هذا الامر لن ينجح في فرض الاستسلام على الشعب الفلسطيني.
لذلك نقول ان كل الاجراءات التي تقوم بها ادارة ترامب وما تقوم به حكومة الاحتلال ، وما يقوم به بعض العرب مثل التهدئة مقابل حلول انسانية في قطاع غزة ومن أفكار ومشاريع ستسقط على صخرة الصمود الفلسطيني ، ونرى بأن هذه الافكار والمشاريع بمجملها تشير الى أن الآتي على شعوب المنطقة أعظم، وتأجيج الصراع وتعزيز مواقف ومواقع القوى الارهابية والمتطرفة في المنطقة.
صحيح انه لم يتبق من القضية الفلسطينية سوى قرارات باهتة في ملفات الأمم المتحدة، وقرارات تكررها الجامعة العربية، نتيجة التلكؤ والتهرب من تبني تعزيز صمود الشعب الفلسطيني والتمسك بحقوقه الوطنية المشروعة وفق قرارات الشرعية الدولية وتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني.
وفي ظل هذه الظروف نرى أن طريق الشعب الفلسطيني شاق وطويل ولن تتحقق أهدافه إلا بالاستمرار بالمقاومة بكافة اشكالها، باعتبار هذا الطريق لن تنحرف بوصلته أبداً، وان ثمن الانتصار على الاحتلال وقوانينه ومشاريعه من الطبيعي أن يكون غالياً، ومعمّداً بالشهداء والتضحيات.
وامام كل ذلك نقدر عاليا مسيرات العودة، والمشاركة الشعبية الواسعة فيها، ومشاركة كل القوى السياسية فيها ، وما حققته من الإنجازات مغ المقاومة الشعبية في الضفة والقدس، مما يستدعي تطويرهم ضد الاحتلال.
ان وقف تمويل المشاريع التنموية في الضفة الفلسطينية وقطاع غزة ، هي محاولة سافرة لاستغلال المساعدات الأميركية في الضغط على الفلسـطينيين للرضوخ للشروط الأميركية المذلة لحل قضايا الصراع مع الاحتلال الاسرائيلي.
إن القرار الأميركي يؤكد بما لا يدعو مجالاً للشك أن تمويل الولايات المتحدة لبعض المشاريع في المناطق الفلسطينية المحتلة، أو وكالة الغوث، أو غيرها من المؤسسات الناشطة في الضفة أو
القطاع، لا يهدف حقيقة إلى التخفيف عن شعبنا تحت وطأة الاحتلال والحصار، بقدر ما يهدف إلى جر الحالة الفلسطينية إلى مستنقع الحلول الأميركية ، في ظل التطبيع العربي الرسمي والمبطن مع الكيان الصهيوني ، دون رادعٍ حقيقي، وباتجاهٍ يحمل معه كمًا هائلًا من مخاطر تعميق الاختراق الصهيوني للمجتمعات العربية، وصولاً لتوسيع الهيمنة الصهيونية لتشمل المنطقة العربية، ناهيك عن أثرها المتصل بتصفية الحقوق والقضية الفلسطينية.
من هنا نحذر من اي تسوية تحت يافطة التهدئة والحلول الانسانية لاننا نعتبرها جوهر صفقة القرن، كما أنها تجري بمعزل عن منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي للشعب وعن السلطة الوطنية التي يُفترض أن قطاع غزة جزء من مسؤوليتها وأنها صاحبة الالية القانونية على القطاع.
ان التنسيق وتقاسم الأدوار والمهام بين بعض الدول العربية والأمم المتحدة ممثلة بميلادينوف برعاية أمريكية يجري على قدم وساق، لإضفاء صفة دولية على أي اتفاق قادم مع وعود بمساعدات مالية وإرسال قوات دولية للقطاع والتلاعب بواقع الأونروا، وواشنطن من خلال استعمالها سياسة العصا والجزرة مع كل الأطراف.
ختاما : ما زال في الإمكان تدارك الأمر من خلال تطبيق اتفاقات القاهرة للمصالحة الوطنية وعلى صبر وصمود شعبنا الذي يتصدى للمخططات الامريكية الصهيونية ، وعلى اهمية دور منظمة التحرير وفصائلها ، في التصدي لهذه السياسة الذي سيكون مصيرها سوى الفشل الذريع، وأن شعبنا في نضاله وصموده، ليس على استعداد لأن يبيع حقوقه الوطنية ولو بأغلى الأثمان.
بقلم/ عباس الجمعة