التهدئة لا وجود لها في القاموس السياسي أو القانوني الوضعي, وحتى في أصول العلاقات الدولية في الإسلام لا يوجد ما يشير ذلك دون تأويل أو تشبيه,ولم يوجد لها مكان في غير معجم المصطلحات اللغوية, كتصغير للهدوء أي لا ترقى إلى الهدوء الطبيعي, فهناك "الهدنة" و"المهادنة" و"المسالمة" و"الموادعة"و" المعاهدة" وفي مجملها شرعيا " صلح مؤقت" , أي مصالحة أهل الحرب على ترك القتال مدة معينة بعوض أو بغيره, سواء أكان فيهم من يقر على دينه, ومن لم يقر, دون أن يكون تحت حكم الإسلام, أو هو صلح يقع بين زعيمين في زمن معلوم بشروط مخصوصة, كل هذا قريب من تعريف" الهدنة" عند القانونيين الدوليين, فإنهم قالوا: الهدنة هي كل اتفاق له أهمية سياسية أساسية بين قوات المتحاربين لوقف القتال بصفة مؤقتة.((* العلاقات الدولية في الإسلام مقارنة بالقانون الدولي الحديث* د.عبد الوهاب الزحيلي )
إن أي حديث عن تهدئة هو مجرد عبث ومضيعه للوقت لان الايدلوجيه الصهيونية مفهومها. أنهم لن يتوقفوا عن أعمال القتل والتدمير ولم يلتزموا بمواثيق وعهود طالما كانت تتعارض مع مشروعهم الصهيوني التوسعي وهم ينكون علينا النديه في أي اتفاق
وعليه لن نستطيع مقارعة الكيان الإسرائيلي بمصطلحات التهدئة المطاطية, ولا مخرج لنا إلا وحدة الخندق السياسي ووحدة خندق المقاومة المشروعة وفق ما شرعتها القوانين والمواثيق الدوليه, وأي طمس لإحدى الخندقين يعني جعل الميدان وفي عمقنا, أرضية خصبة للعبث الدموي للاحتلال, الذي قد يظهر عدائه اليوم لمسمى وطني منا دون آخر,
فينقلب غدا ليظهر العداء للآخر ويدعي بموادعة عدو الأمس, وفي حقيقة الأمر كلنا إرهابيون في نظر ذلك الكيان الغاصب للارض والمتنكر لحقوقنا الوطنيه , ومن الجريمة أن نسوق له أيدلوجيته الانتقائية بمصطلحات مطاطية, وربما نؤمن فقط في حال التوافق بين خطي المقاومة والسياسة, أن يتم الاتفاق على تخفيض وتيرة المقاومة لصالح خط السياسة لاختبار ماهو جديد بادعاء العدو, أو العكس في حال الانتكاسات المستمرة في العملية السياسية حيث المماطلة الصهيونية والتهرب من أي استحقاقات سياسية, يمكن أن تزيد وتيرة المقاومة كسلوك طبيعي, ولا نؤمن بأيدلوجية الرد المؤقت, بل المقاومة والمفاوضات هما شرع وطني سياسي ولا يمكن الفصل بينهما من اجل إنهاء الاحتلال,
الأخطر فيما نواجهه هو في خصامنا وصراع بعضنا بعضا وهذه قد تكون علامة فارقه في مخاطر ما تواجهه القضية الفلسطينية صراع الاخوه تحت عناوين ومسميات جميعها تبعدنا عن نقطه التحول لكيفية بناء استراتجيه وطنيه تقود للتحرير والتحرر من الاحتلال الإسرائيلي ، وهنا تكمن ماساتنا في صراعنا على مكاسب ومغانم وهميه كوننا ما زلنا نعيش جميعا تحت الاحتلال الإسرائيلي
فهل يعقل ان نبتعد عن هدفنا وتصبح أولى أولوياتنا محاصصه وظيفية واقتسام مصالح ومناصب ورتب ورواتب تحت حراب الاحتلال ،لا نستثني احد فالجميع يسعى للمحاصصه الوظيفية ضمن مسعى تقسيم المغانم والمكاسب في ظل الاحتلال وأصبحنا ابعد ما نكون عن رؤيتنا للتحرير والتحرر من الاحتلال
هل وصلت فتح وحماس إلى قناعه أن حماية المشروع الوطني هو إنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية وتغليب المصلحة الوطنية الفلسطينية على الفئويه والمحاصة الوظيفية
لقد آن أوان الصحوة الوطنية الفلسطينية وان كانت متاجره ففي المحصلة جميعنا مشروع مقاومة في وجه الاحتلال الإسرائيلي ، وعلينا جميعا أن ندرك حجم المتغيرات الدولية والإقليمية التي بات على الجميع العمل ضمن إستراتيجية وطنية تعيد للقضية الفلسطينية أهميتها وأولويتها على أولوية الصراعات التي شهدتها المنطقة لتعود القضية الفلسطينية على جدول الأعمال الدولية والإقليمية والعربيه كونها مفتاح الأمن والسلام الذي تنشده كل شعوب المنطقة والتي تتطلب وضع حد للعربدة والممارسات الاسرائيليه التي تضرب بعرض الحائط بكل قرارات الأمم المتحدة وترفض الإقرار بالحقوق ألوطنيه الفلسطينيه .
لا يعقل ان يتلاعب الاحتلال بمصيرنا من خلال اللعب على حبل الخلافات الفلسطينية ولا ان نسعى لتحقيق تهدئه مقابل مطالب هي في الأصل مشمولة باتفاقات سابقه ، لو كانت هناك رؤيا واستراتجيه ومرجعيه لأدركنا ان الاحتلال لا يلتزم بعهود ومواثيق واتفاقات ، وبمراجعه نص اتفاقية المعابر بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية 2005 نجد أن المطالب التي تطالب بها حركة حماس مشمولة بنص اتفاقية المعابر التي وقعت في الخامس عشر من نوفمبر/تشرين الثاني 2005 التي وقعت بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل اتفاقا عرف باسم اتفاق المعابر تم من خلاله وضع الشروط والضوابط والمعايير التي تنظم حركة المرور من وإلى الأراضي الفلسطينية المحتلة من خلال هذه المعابر وتشمل المطار والميناء ومعبر رفح والممر الامن بين غزه والضفة الغربيه . وان إسرائيل تسعى من اتفاق التهدئة أن تتحلل من التزاماتها لهذه الاتفاقات لتجسد على ارض الواقع فصل غزه عن الضفة الغربيه وتسعى لتدمير رؤيا الدولتين
ومن الجريمة أن نترك لهذا الاحتلال المتربص بالكل الوطني الفلسطيني, أن يتراقص على شتاتنا ليلعب بمكر على وقع تعدد رؤوس ادعاء الشرعية , فشرعيتنا واحدة رغم المأساة القاتلة التي نعيشها, والذي يعتقد البعض الواهم أن الوضع الطارئ سوف يتم تكريسه إلى مالا نهاية.
و من منطلق وطني شامل أن هذا الاحتلال لا يؤتمن على اي اتفاقات , والاجدى والافضل الخروج من مازق الانقسام وتوحيد الصف الفلسطيني ،ولنكن جميعا بصوت واحد وعلى قلب رجل واحد , خلف برنامج وطني محكومه باستراتجيه جامعه تحت قيادة فلسطينية واحدة تجمع الجميع الفلسطيني ففي ذلك وحده الخلاص والانجاز.
بقلم/ علي ابوحبله