الإعلام بكافة وسائله المرئية والمسموعة والمقروءة والمواقع الإلكترونية وشبكات التواصل، والتي تهدف بالأساس إلى خلق حالة تفاعلية لإيصال المعلومات وبناء الفكر الإنساني وتعزيز الثقافة بكافة مكوناتها المجتمعية والإنسانية، وتعزيز مجموعة القيم والسلوكيات التي يمكن بدورها أن تعزز من قوة وصلابة المجتمع وقدرته على مواجهة تحدياته الأنية والمستقبلية .
الإعلام وعلى أهميته القصوى ...وِدوره الكبير والإيجابي في ايصال الرسالة الإنسانية والمجتمعية، ومدى التفاعل الإيجابي بمضمونها والذي يهدف بنتيجته المطلوبة الى تعزيز تماسك الرأي العام بما يكفل له القوة والمناعة والصلابة أمام الحروب النفسية التي يمكن أن تدبر وتنسج خيوطها لإحباط المعنويات وزرع بذور الفتنة وزيادة شقة الخلافات ما بين الأيديولوجيات والأفكار والاجتهادات وبشتى أنواعها .
نحن بحالتنا الفلسطينية وما يميزها عن غيرها من المجتمعات المستقرة والقادرة برؤية المبدعين ومراكز الأبحاث ومن خلال الباحثين بشتى المجالات من الوقوف على حقيقة أوضاعهم وايجاد الحلول المناسبة لمشاكلهم، والمتابعة الحثيثة لكل ما يرد ويطرأ من متغيرات في الراي العام .
هذه المجتمعات المستقرة سياسيا واقتصاديا وامنيا تكون قادرة على المتابعة والتحليل والبحث العلمي، وايجاد المخارج لكل ما يطرأ على تلك المجتمعات من تقلبات ومتغيرات .
لكن حالتنا الفلسطينية وغياب الاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني يجعلنا بحالة تقلب دائم واضطراب مستمر في ظل مخاطر وتحديات تزداد بحدتها وتشابكها، وتجعل من امكانية العمل الإعلامي وتحقيق أهدافه مسألة بغاية الصعوبة، الا اذا كان الإعلام ناقلا وليس محللا ..متحزبا وليس مستقلا .
هنا سيكون الإعلام بحالة غير اعتيادية وغير مستقرة، لأنه سيتابع الأحداث وينقلها ...وربما يحلل البعض منها بصورة جزئية وليس بمنظور شمولي، مما يجعل من الرسالة الإعلامية الموجهة للرأي العام رسالة غير مكتملة ويشوبها الكثير من الثغرات .
قضية الرأي العام ...قضية أساسية ووطنية بامتياز وتحتاج الى اعلام وطني يحرص على كافة مكونات المجتمع بكافة افكاره وايديولوجياته وتوجهاته، ويفسح المجال لكافة الطاقات والامكانيات لكي تسخر من اجل النهوض بالمجتمع بكافة التخصصات والتوجهات ، على أرضية ديمقراطية تعزز من الحريات وتحاصر القيود والأغلال والمنع من أداء الرسالة الإعلامية بمضمونها الحقيقي بما يخدم المجتمع.
نحن بحاجة الى تجاوز الاعلام المحبط والناقل لآراء يمكن أن تنعكس بالسلب على الراي العام، فالوسائل الاعلامية وجدت للبناء وليس الهدم...وجدت لأجل الارتقاء بأوضاع الناس وليس احباطهم ،وجدت لأجل تعزيز وحدة المجتمع وليس لإثارة النعرات وزيادة شقة الخلافات والانشقاقات بداخله .
تنظيم حياتنا الاعلامية بكافة مؤسساتها وتخصصاتها ومشاربها الفكرية مسالة بغاية الأهمية والضرورة، لاعتبارات وطنية مجتمعية انسانية تعزز من وحدة خطابنا الاعلامي، ولا تجعله عبارة عن عدة خطابات ورسائل لا ينتج عنها الأثر المطلوب والنتائج المرجوة، بل على العكس تماما خطابات متنافرة لآراء متضاربة ....لأفكار متطاحنة، بنتيجتها جهد يهدر وطاقات تشتت وامكانيات لا طائل منها ولا هدف، الا أهداف تعزيز الاختلاف السلبي بالرأي العام ومدى المخاطر المرئية وغير المرئية من مثل هذه الأساليب ، وهذا لا يعني بالمطلق اننا يجب أن نكون بذات الفكر الواحد.
يجب أن تنظم القوانين والتشريعات الخاصة بالإعلام وان يوضع الناظم القانوني الذي يحدد ما هو مقبول، وما هو مرفوض، وما هو ايجابي وما هو سلبي، وليس الابقاء على حالة الفلتان الإعلامي وما يحدثه من خراب ثقافي وفكري وانساني ، وما يترتب عليه من ضياع الكثير من الجهود والطاقات والامكانيات، وهذا ليس مقبولا ولا يمكن ان يقدم خدمة للمجتمع بل على العكس تماما .
الإعلام بكافة وسائله ذات أهمية كبرى ...وذات أهداف عظيمة يجب أن نسعى لتحقيقها في ظل انتظام حياتنا الاعلامية، وعدم الاستمرار بحالة الفلتان الاعلامي التي قد تصيب الجسد والفكر والسلوك وهذا بعكس الأهداف التي من أجلها وجد الإعلام .
المدربة الدولية والإعلامية : ريم وفيق زنداح