ثمة امرا واقعا مطلوب تكريسه هي شخصية الرئيس عباس ومنهجيته و سياسته و اقواله هكذا هو المطلوب في هذه المرحلة ، و التجربة خير بيان فلا يمكن ان نفصل الأمس عن اليوم او الغد و خاصة ان عباس و منذ بداية مفاوضات اوسلو في عام 88 الى تاريخه او الى ما قاله رئيس الشاباك بأن نهاية مرحلة عباس في عام 2019 ، قد تعطينا تلك المقدمة الموجزة حالة التيه و الفوضى السياسية والأمنية و الثقافية في الساحة الفلسطينية و ما يوازيها من اطروحات اقليمية و دولية قد تتشابك مع بعضها جميعا ، وقمة هذا الطرح ما يسمى صفقة القرن و اخر محطاتها قيام كوشنير باطلاع الامين العام للأمم المتحدة انطونيو غوريتس على هذه الخطة ، في حين تصرح مندوبة امريكا في الأمم المتحدة بأن خطة القرن قد تسير للامام في حالة موافقة عباس على التفاوض ، و امتدادات هذه اللوحة ايضا ما اشيع عن توقف محادثات التهدئة في القاهرة وتوقف كل من القاهرة و قطر عن مجهوداتهما في ابرام صفقة التهدئة او المصالحة و لكن يأتينا الخبر من مكان جغرافي اخر من بروكسل العاصمة البلجيكية عن لقاء اسرائيلي مدعوم امريكيا مع دول مانحة لفكفكة ازمات غزة في قطاع الكهرباء و الصحة و البنية التحية و زبادة مساحة الصيد البحري و فتح المعابر المؤدية لغزة .
قد تكون مفاهيم الديمقراطية المتفق عليها دوليا و المتفق عليها في ميثاق الامم المتحدة قد تخص ولها احترام في غالبية دول العالم و خاصة ما تدعي به امريكا بأنها حامية الديمقراطية والحريات في العالم ، قد تكون هذه المفاهيم و القوانين و اللوائح بعيدة عن التطبيق على الشعب الفلسطيني فالكل ينظر للقضية الفلسطينية وللشعب الفلسطيني كقضية امنية و ليست سياسية وبموجب هذا التعريف يتم التعامل مع تلك القضية التي اضيف لها الان التعريف الانساني للقضية الامنية و هذا يبرهن عن موقف الاتحاد الاوروبي معلقا على قانون القومية العنصري بأنه قضية داخلية اسرائيلية ، من هنا يتم اغفال متطلبات العملية الديمقراطية في فلسطين المحتلة فالرئيس عباس منتهية شرعيته وولايته في القانون الأساسي للسلطة وبالرغم من ذلك يكتسب عباس شرعيته دوليا و اقليميا بحيث لا يمكن تجاوزه في القانون الدولي ولكن في الحقيقة لماذا اكتسب عباس الشرعية القانونية و الدولية ؟؟ فقط لأنه مهندس اوسلو و مطلوب منه ان يقدم المزيد وصولا الى صفقة القرن التي هي ليست وليدة الحالة بل هي كانت عملية تراكمية على مسار عدة عقود من الهبوط السياسي الفلسطيني و العربي ايضا .
مازالت تلك الدول تريد من عباس ان يوقع على تلك الصفقة ليس لأن عباس يمثل كما كبيرا فلسطينيا و ليس لانه قائد فذ ذو شعبية فينظر له فلسطينيا بأنه دمر المشروع الوطني و دمر حركة فتح و برنامجها واهان القوى الوطنية و اتلفها قد تكون تلك هي المهمات التي رفعت رصيد محمود عباس عند تلك الدول ، فتجد محمود عباس في المصالحة يفرض شروطه بقوة و هي شروط مستحيلة على اللوحة الفلسطينية و المشهد الفلسطيني تجده معطلا لأي عملية تهدئة مع الاحتلال او هدنة و تجده ايضا معطل لأي مبادرات لفك الحصار عن غزة و اخرها السلطة لم تشترك في المؤتمر المنعقد في بروكسل بتاريخ 4/12 ، قد نفهم اجابات متعددة على كل ما طرح و خاصة موضوع الكنفدرالية مع الاردن و التي تناولها العاهل الاردني باستهزاء حينما قال كونفدرالية مع من ؟! مركزا على ان للفلسطينيين حل واحد هو حل الدولتين و دولة فلسطينية بعاصمتها القدس الشرقية اما الاجابة الثانية فهو ما صرح به عباس حول اتفاقه بنسبة 99% مع جهاز الشاباك الذي حذر الجانب الاسرائيلي من اي اتفاق هدنة مع حماس وفصائل المقاومة في غزة ، اما الاجابة الثالثة فهو يريد غزة ما فوق الارض و تحت الارض مع نفي اي شراكة وطنية يمكنها ان تضع برنامج سياسي موحد و حكومة واحدة وبرلمان واحد ، اما الاجابة الرابعة التعديلات في القضاء و التي على اثرها كانت الاستقالات الجماعية في المحكمة العليا في محاولة للسيطرة التامة على القضاء .
من هنا الرئيس عباس يستخدم الشاباك لرؤيا مشتركة لتعطيل اي وسائل لفك الحصار عن غزة و هنا لو وافقت حماس و باقي الفصائل ن ما يطرحه عباس ما فوق الارض و تحت الارض و سلطة واحدة و سلاح وحد على اي ارضية يمكن ان يتم ذلك و قبل الوصول الى الحل السياسي النهائي للقضية الفلسطينية و ماهيته و جغرافيته ، اليوم اسرائيل تهدم قرية الخان الأحمر و تبني 3200 وحدة سكنية و تشق طرق التفافية و محاصرة لمدينة الخليل و كذلك نابلس ، اذا عباس هو حالة من الحالات التي تحاول ان نفرض حلا قسريا و بالقوة على الفلسطنيين و هذا ليس بجديد ، و كما صرحت هيلري كلينتون سابقا بأننا لا ننظر للحالة الديمقراطية عند الشعب الفلسطني بل ننظر للحالة الأمنية و من الذي يستطيع ان يفرض حلا على الفلسطينيين من الفلسطينيين انفسهم .
اعتقد أن المشهد يسير في خطين متوازيين الان ، الخط الأول يلتزم بمفهوم الشرعية القانونية و الدولية لعباس و المطلوب ان يكمل ما انتجته اوسلو و تداعياتها ، ولذلك يلتزم العالم بأن لا تمر اي اتفاقيات رسمية الا من خلال ما يسمى شرعية محمود عباس فقط ، اما المتوازي الثاني فإما الحرب المدمرة التي ستؤثر وتغير كثيرا في الواقع الفلسطيني و الاسرائيلي و الاقليمي ايضا و لما ينتج عنها من نتائج و اما ان تفكك ازمات غزة بشكل صامت و غير رسمي الهدوء مقابل الهدوء و هنا قد تكون المقاومة و فصائلها قد حافظت على كيانيتها و سلاحها و وجودها و امنت ول الاقليم و اسرائيل تلك النتائج المدمرة و التي اشار اليها كيري في مذكراته الاخيرة امام حرب 2014 عندما دخل على اولمرت فوجده خائفا جبانا .
اذا الامور في غاية التعقيد و الحساسية و لكن ما استطيع ان اؤكده لو سلمت كل المقاومة سلاحها وسلمت غزة نفسها لمحمود عباس لن تغير شيئا مما يحاك لمستقبل الضفة الغربية التي لن تعطي فيه اسرائيل اي شيء لكيانية فلسطينية متصلة مع غزة او وحدة وطنية جغرافية للضفة و القدس في حد ذاتها بل المخطط يسير على قدم وساق مادامت السلطة والرئيس عباس ملتزمين بالتنسيق الامني و المقاومة الذكية و المقاومة السلمية و مازالت ياسة مركزية فتح و رئيسها تضعف حركة فتح في عمليات الاقصاء السابقة والحالية و مادامت تنصب جانب العداء لفصائل منظمة التحرير و فصائل المقاومة فهذا لشيئ واحد هو تدمير اخر اساسات المشروع الوطني "وهو المطلوب"
سميح خلف