لاجئو غزة بين حصار«الأونروا» .. وتقليص خدماتها

بقلم: وسام زغبر

أكثر من مليون و300 ألف لاجئ في قطاع غزة، منهم 66% بحاجة ماسة للمساعدات، ويتلقى نحو 279 ألف طالب وطالبة في العام الدراسي الحالي تعليمهم في 274 مدرسة على يد نحو 9900 مدرس

ألقت الأزمة المالية الخانقة التي تعانيها وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا»، بظلالها السلبية على نحو مليوني فلسطيني من اللاجئين والمستفيدين من خدمات وكالة الغوث في قطاع غزة، وأبقت مصيرهم مجهولاً مع إعلان الولايات المتحدة الأميركية وقف تمويل الوكالة الأممية بالكامل وفرض الحصار المالي عليها.

وتعاني الوكالة الأممية أكبر أزمة مالية في تاريخها،بعد قرار أميركي، قبل أشهر، بتقليص المساهمة المقدّمة لها لدعم اللاجئين الفلسطينيين في عام 2018 إلى نحو 65 مليون دولار، مقارنة بـ365 مليوناً في 2017، في الوقت الذي أعلنت الولايات المتحدة وقف دعمها لمشاريع فلسطينية في الضفة الغربية بـنحو 200 مليون دولار.

مخاطر التمييز

وبرزت في قطاع غزة مع بدء العام الدراسي الجديدة أزمة جديدة من نوعها، عندما اتخذت الوكالة قراراً يقضي بحرمان أبناء «المواطنين» البالغ عددهم أكثر من 700 طالب من حقهم في التعليم في بعض مدارس الأونروا في مخيمات قطاع غزة من أصل ألفي طالب، ويهدد حرمان «المواطنين» من حق الاستفادة من خدمات الصحة والاغاثة والتشغيل ... الخ. ونبهت قوى وشخصيات فلسطينية من أن يخلق إجراء الأونروا هذا حساسيات اجتماعية في قطاع غزة ما بين «لاجئ» و«مواطن».

ويقضي القرار بمنع تسجيل أي طالب جديد، إن لم يكن لاجئاً مسجلاً في وكالة الغوث. وكانت«الأونروا» تسمح لطلبة من سكان القطاع من غير اللاجئين بالدراسة في مدارسها، إن لم يكن هناك مدارس قريبة من منازلهم أو تبعد عن مقر سكناهم أكثر من 2 كيلو متر.

تماسك الحالة الاجتماعية

الموقف الشعبي الحكيم الذي اتخذه مجلس أهالي الطلبة في قطاع غزة، نجح في لجم أية تداعيات اجتماعية سلبية لقرار الوكالة حرمان الغزيين من غير اللاجئين من التعلم في مدارس الوكالة عبر التأكيد على أن التعليم فيها حق لكل أبناء القطاع، دون تمييز في الاستفادة من خدمات الوكالة في قطاع غزة، نظراً لخصوصية الحالة الاجتماعية فيه والواقع  المعيشي الصعب بفعل الحصار الإسرائيلي لنحو اثني عشر عاماً، وهو ما أرغم إدارة الوكالة على التراجع عن قرارها باستيعاب كافة الطلاب دون تمييز

وأعلن المجلس المركزي الأعلى لأولياء الأمور في مدارس الأونروا، عن انتهاء أزمة تسجيل الطلاب المواطنين غير الحاملين «بطاقة لاجئ» في مدارس الوكالة ببدء عودة الطلاب إلى مدارسهم بشكل طبيعي.

وقال رئيس المجلس زاهر البنا«منذ اللحظة الأولى لسماعنا بهذه الأزمة تحركنا بشكل سريع نحن والقوى الوطنية والإسلامية وكافة العاملين في مجال الدفاع عن حقوق الطلاب وأهالي الطلاب إلى مدراء المناطق ورؤساء، حيث كان موقف رئيس برنامج التربية والتعليم فريد أبو عاذرة إيجابياً بإرسال رسائل قوية إلى السيد مدير عمليات الوكالة والسيد المفوض العام».

وأوضح البنا،أنه«بسبب الضغوطات واستهجان الشارع تراجعت إدارة الوكالة وأصدرت قراراً بعودة كافة الطلاب الذين تم طردهم وتسريحهم من فصولهم إلى المدارس بشكل طبيعي».

العجز يهدد العام الدراسي

ويبلغ عدد اللاجئين الفلسطينيين في قطاع غزة، أكثر من مليون و300 ألف لاجئ وبنسبة 67% من إجمالي عدد السكان البالغ نحو مليوني نسمة. يعيش نحو 526 ألف لاجئ في فقر مدقع، ونحو 350 ألف آخرين تحت خط الفقر، ويصل معدل البطالة في صفوف اللاجئين نحو 47%. ويتلقى نحو 279 ألف طالب وطالبة في العام الدراسي الحالي تعليمهم في 274 مدرسة بمخيمات القطاع، وفق رئيس التربية والتعليم في وكالة «الأونروا» بقطاع غزة. ويستفيد من برامج الاغاثة أكثر من 900 ألف لاجئ فلسطيني.ونبهت «الأونروا» إلى أنها بحاجة إلى 217 مليون دولار لإبقاء مدارسها مفتوحة حتى نهاية العام الدراسي الحالي.

ويبلغ عدد موظفي «الأونروا» في قطاع غزة 13 ألف موظف فلسطيني و27 موظفاً دولياً، فيما يبلغ عدد موظفي التعليم في الأونروا نحو 9900 مدرس، وعدد موظفي الصحة 959 موظفاً، وعدد موظفي الاغاثة والخدمات الاجتماعية 504 موظفين وبرامج مستحدثة أخرى لنحو 1700 موظف. فيما تبلغ موازنتها في قطاع غزة نحو 354 مليون دولار.

وتشتمل خدمات «الأونروا»، في أماكن عملها  الخمسة في (الأردن ولبنان وسورية والضفة الفلسطينية وقطاع غزة)،والتي ستطالها التقليصات المقبلة«التعليم والرعاية الصحية والإغاثة والخدمات الاجتماعية والبنية التحتية وتحسين المخيمات والحماية والإقراض الصغير،إضافة لتقليص رواتب موظفي الوكالة وتأخر صرفها».

«الأونروا» وحق العودة

يمكن القول إن الدفاع عن «الأونروا» يشكل إحدى حلقات الدفاع عن حق العودة، باعتبارها الشاهد الدولي على جريمة نكبة الشعب الفلسطيني عام 1948 باحتلال أرضه وطرده وتشريده، وبالتالي، فإن محاولات تصفية «الأونروا» التي أنشأت بقرار الأمم المتحدة الرقم 302 كوكالة مؤقتة مرتبطة بتطبيق القرار الأممي 194، إنما هي خطوة على طريق تصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين في إطار تطبيق «صفقة العصر». وقد أقرت الأمم المتحدة،أن من يحمل صفة «اللاجئ» هو من طرد من بيته وممتلكاته إبان النكبة وبعدها وجميع ذريته بأجيالهم المتعددة.

ويشير مراقبون، إلى أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب لا يمكنه فرض إعادة النظر بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 الذي يكفل حق عودة اللاجئين إلى ديارهم وممتلكاتهم التي شردوا منها وتعويضهم عما لحق بهم من مأساة التشريد والتهجير، كون القرار مشتقاً من القانون الدولي ولا يمكن تعديله وكونه مشتقاً من القرار181 الذي يعد «الأساس القانوني» لقيام دولة إسرائيل.

ويوضح المراقبون، أن ترامب لا يستطيع إعادة تعريف «اللاجئ» كونه مصادقاً عليه من الجمعية العامة للأمم المتحدة، لذلك يعمل على محاصرة وكالة الغوث وتجفيف تمويلها لإفراغها من وظائفها وإحالتها إلى الدول المضيفة.

ويطالب اللاجئون باعتماد موازنة دائمة لـ«الأونروا» أسوة بالمؤسسات الأممية ضمن موازنة الأمم المتحدة لمواجهة الحصار المالي الأميركي عليها.

بقلم/ وسام زغبر