لم تنجح الولايات المتحدة الأمريكية من نأي دول العالم أجمعها عن الحق الفلسطيني وحرف البوصلة عن القدس مأمن السلام والاستقرار، فلا يخلو اجتماع للمندوبة الدائمة للولايات المتحدة في الأمم المتحدة نيكي هيلي من لغة التهديد والوعيد والدعوة إلى نقل السفارة الإسرائيلية للقدس.
لم يدم هذا الأمر طويلا، فسرعان ما حققت الدبلوماسية الفلسطينية انتصارا جديدا على إسرائيل بعدما اتخذت البارغواي قراراً بإعادة سفارتها لدى دولة الاحتلال من القدس المحتلة إلى مدينة تل أبيب المحتلة عام 1948، الأمر الذي وضع إسرائيل في حيرة ودهشة من أمرها.
ربما تساؤل يُطرح في هذا الإطار "هل ستضعف تلك الخطوة موقف الدول التي عبرت عن رغبتها في نقل سفاراتها إلى القدس؟ بعد تراجع البراغواي عن قرارها وضربها بعرض الحائط القرار الأمريكي.
يا عزيزي من لا يعرف القدس يجهل التاريخ، حتى لو تخاذل البعض عنها، وأقدم على نقل سفارتها إليها، ولكن سيأتي اليوم التي تتراجع فيها الدول عن هذا القرار، كونه حق فلسطيني بامتياز لا يسقطه قرار أمريكي وإسرائيلي.
من كان يتوقع أن تتراجع البراغواي عن هذا القرار، بإعادة سفارتها لدى دولة الاحتلال من القدس المحتلة إلى مدينة تل أبيب المحتلة عام 1948، ولكن هذه هي الحقيقة على مدار الأعوام السالفة التي أسقطت فيها القدس كل المشاريع الباطلة والمنحازة لإسرائيل.
بالحقيقة، علينا أن نشكر هذه الدولة على هذا التأييد والانتصار للقضية الفلسطينية التي أثبتت للقاصي والداني أنها على الطريق الصواب وأعادت الأنظار للقضية الفلسطينية عامة والقدس خاصة بأن الحق الفلسطيني سينتصر لا محالة رغم أنف ترامب ونتنياهو.
وتعتبر دولة البارغواي هي الدولة الثالثة التي اتخذت هذه الخطوة بعد الولايات المتحدة وغواتيمالا في 21 مايو الماضي على الرغم من عدم التوصل حتى الآن إلى أي حل لتسوية الخلافات بين الفلسطينيين والإسرائيليين بخصوص صفة هذه المدينة المقدسة.
وبالرجوع قليلا إلى مراسم الاحتفال الرسمية التي جرت لافتتاح سفارة باراغواي، التي أقيمت في مجمع “مالخا” التكنولوجي العلمي قرب الغواتيمالية، بمشاركة رئيس البلاد آنذاك، أوراسيو كارتيس، ورئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو.
حبل الكذب قصير ولم يطول الانحياز الأمريكي الكامل لإسرائيل حتى تغير المشهد وتحول الظلم إلى انتصار فلسطينيي بتولي رئيس عربي من أصول لبنانية المحافظ ماريو عبدو، سدّة الرئاسة بعد فوزه بالانتخابات الرئاسية، التي جرت يوم الأحد 22 نيسان/ أبريل ى2018، بنسبة 46.46 بالمئة من الأصوات.
يتساءل البعض لماذا تراجعت البارغواي عن هذا القرار ولكن الجواب لا يحتمل الكثير أنها الأصالة والعروبة للحق الفلسطيني، لتجسد مشهد من تكثيف الجهود الدبلوماسية الإقليمية الرامية إلى تحقيق سلام واسع وعادل ومستدام في الشرق الأوسط.
إسرائيل تفاجأت من قرار وزير خارجية باراغواي، أندريس رودريغيز بيدوتي، بعد اتخاذ حكومة بلاده قرارا بإعادة السفارة إلى تل أبيب والتراجع عن خطوتها، وسرعان ما أعلن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو قراره بإغلاق السفارة الإسرائيلية في بارغواي رداً على قرارها إعادة سفارتها من القدس إلى تل أبيب.
هذه هي العنصرية والحقد الأعمى الذي تمارسه أمريكا وإسرائيل وحكوماتها المتعاقبة على مدار الأعوام الماضية بحق دول العالم أجمع، ولكن لن تنجح في ردع إرادة الدول التي انتصرت للحق الفلسطيني.
وأخيرا، المطلوب فلسطينيا أن نكثف الجهود الدبلوماسية مع الدول الأخرى لدعم وحشد التأييد اللازم، لقطع الطريق على إسرائيل وأمريكا من تنفيذ مخططاتها الرامية لتصفية القضية الفلسطينية وحرف البوصلة عن الحق الفلسطيني.
بقلم/ محمود غانم