يتعرض سكان الخان الأحمر كل يوم لمحاولات اقتلاع وتهجير من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي الذي ما زال يصرّ بكل ما يمتلك من قوة وترسانة عسكرية إلى هدمه وتشريد أهلها، يقابلها لوحة من التحدي والإبداع والنضال في البقاء والتشبث على الأرض.
القرار الإسرائيلي الجائر يأتي بذريعة أن القرية مقامة على أراض يعتبرها الاحتلال "أراضي دولة" ولا ترخيص للمباني فيها، علما أنه يعيش فيها عشرات العائلات العربية البدوية من عشيرة الجهالين الذين رحلتهم سلطات الاحتلال من أراضيهم في النقب في خمسينيات القرن الماضي، إلى مكان سكناهم الحالي.
لم يقتصر التضامن على سكان الخان الأحمر، بل أمتد إلى كافة المناطق في أنحاء الضفة المحتلة للتضامن مع هذا الحي الذي يتعرض لأبشع هجمة استيطانية إسرائيلية لطمس معالم هذه القرية التي تشكل هوية وعنوان وصمود للشعب الفلسطيني.
انتهت اليوم المهلة التي حدّدتها سلطات الاحتلال الإسرائيلي لتهجير أهالي تجمع "الخان الأحمر" البدوي شرق مدينة القدس المحتلة، تمهيدا لهدمه، ولكن لم تنتهٍ العزيمة والإرادة لسكان القرية والمتضامنين هناك، حيث أفشلوا جميع المخططات وتمكنوا من الوصول إلى القرية لمساندتها والتضامن معها.
يا عزيزي، إذا أردت البحث عن العزيمة والإرادة أذهب إلى الخان الأحمر، فترى هذه اللوحة من الصمود والتحدي، حيث يثبت سكانها كل يوم أنهم قادرون على إفشال كل محاولات ومخططات الاحتلال الهادفة لهدمه وتشريد أهلها.
مما لا شلك فيه، ولا يخفى للعيان أن الاحتلال يحاول طمس الجغرافيا والتاريخ للشعب الفلسطيني، وهذا ما يسعى له في كل المدن والقرى الفلسطينية من تخريب وفساد وعمليات هدم يومية لعشرات المنازل، إضافة إلى عمليات التضييق والخناق التي تمارس بحق أهل القدس.
الخان الأحمر بكل ما يحمله من معالم تاريخية تثبت حقه في أرضه، يؤكد كل يوم للاحتلال الإسرائيلي أنه متمسك في قريته وصامد عليها مهما تكالبت عليه العنصرية والقرارات الإسرائيلية أجمعها.
لم أرً أية عنصرية أقبح من ذلك الوجه الإسرائيلي الذي أحتل أرضنا وهجر شعبنا، الذي يدعي أنه يملك الحق والقانون على هذه الأرض، ولكن كل يوم يثبت سكان الخان الأحمر للعالم أنهم أصحاب حق وأرض.
دول العالم كان لها موقف استنكار وإدانة من قرار الاحتلال الإسرائيلي بهدم الخان الأحمر حيث حذرت من عواقب هذا القرار وتبعاته، ولكن الاحتلال يضرب بعرض الحائط كل القرارات والشرعيات الدولية، وذلك من خلال إصراره على هدم وتهجير سكان القرية وطمس معالمها.
يبدو جليا وواضحا للعيان أن القضية الفلسطينية تتعرض لمحاولات تصفية لم يشهد لها مثيل من قبل، وهذا ما ظهر مؤخرا من قرارات أمريكية منحازة لإسرائيل أبرزها تهويد وإنهاء قضية اللاجئين والاستيطان المسعور في الضفة، إضافة إلى طمس الهوية الفلسطينية والمعالم التاريخية في المدن والقرى الفلسطينية.
المطلوب فلسطينيا، استعادة الوحدة الوطنية وتحقيق المصالحة الفلسطينية، كونها أقصر الطرق وأقربها للتصدي للقرارات الأمريكية والإسرائيلية التي تعصف بقضيتنا ومصير شعبنا.
أخيرا، علينا أن نكثف الجهود والتضامن لسكان الخان الأحمر من كل المناطق والقرى والمدن الفلسطينية، حتى لا نترك أي فرصة للاحتلال لهدمه وتهجير سكانها الذين شكلوا لوحة من الصمود والتحدي عنوانها أننا باقون في أرضنا، فليرحل المحتل عنا.
بقلم الكاتب والصحفي محمود غانم