فى البداية نؤكد للجميع بأن الولايات المتحدة الاميريكية قد وقعّت على إنشاء المحكمة الجنائية الدولية ومعها الكيان الصهيونى ، وعند إتمام النظام الداخلى للمحكمة الجنائية وتوصيف أنواع القضايا وإعتبارها الإستيطان والإبعاد جريمة حرب وفى أثناء المصادقة على نظام روما الذي بموجبه تم إنشاء المحكمة الجنائية الدولية لتحقيق العدالة الدولية الناجزة ، رفضت الولايات المتحدة الامريكية والكيان الصهيونى المصادقة على إتفاقية روما وسبب ذلك هو خوفهما من الملاحقة والمسألة على تلك الجرائم التى اقترفاها، خاصة وإن قرارات الشرعية الدولية أكدت على ان الإستيطان يعتبر جريمة حرب، وكان آخرها قرار 2334 الصادر عن مجلس الأمن . واليوم ليس بالغريب أو بالجديد أن تقوم الولايات المتحدة الامريكية بتهديد قضاة المحكمة الجنائية الدولية ،ومدعيّها العامّين ، وتضمن التهديد بفرض عقوبات على قضاة المحكمة الجنائية الدولية، ومدعيّها العامّين، في حال لاحقوا أميركيين أو "إسرائيليين" أو حلفاء آخرين للولايات المتحدة. حيث قال مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض جون بولتون في هجوم عنيف على المحكمة الجنائية الدولية : "سنمنع هؤلاء القضاة والمدعيّن العامّين من دخول الولايات المتحدة" وتابع القول : "سنستهدف أملاكهم بعقوبات في إطار النظام المالي الأميركي، وسنطلق ملاحقات بحقهم عبر نظامنا القضائي". وأن "الولايات المتحدة ستستخدم اية وسيلة ضرورية لحماية الأمريكيين والحلفاء، من الملاحقات القضائية لـ"الجنائية الدولية"، واصفاً المحكمة بانها "غير شرعية، وتهدد سيادة الولايات المتحدة". واتهم بولتون أمام منظمة "فدراليست سوسايتي" المحافظة في واشنطن، المحكمة الجنائية الدولية المكلفة بموجب اتفاقية روما الموقعة من قبل 123 دوله، بمحاكمة مرتكبي جرائم حرب ،وجرائم التطهير العرقى وجرائم ضد الإنسانية، بأنها "غير فعالة وغير مسؤولة وخطيرة". كما قام بولتون بتحذير المحكمة الجنائية ، من فتح أي تحقيق بحق عسكريين أميركيين شاركوا في الحرب في أفغانستان، وكانت المدعية العامة في المحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا أكدت بان "أمريكا ليست عضوا فيها" ، وأعلنت في مطلع تشرين الثاني/نوفمبر 2017 أنها ستطلب من القضاة ، السماح بفتح تحقيق حول جرائم حرب محتملة، قد تكون ارتكبت في أفغانستان ، خصوصا من قبل الجيش الأميركي ، ولا تزال الولايات المتحدة الامريكية ، تقود ائتلافا عسكريا دوليا في أفغانستان، منذ الإطاحة بحكم طالبان في نهاية العام 2001. وتابع بولتون القول : "إن المحكمة الجنائية الدولية ، يمكن أن تفتح بأي وقت تحقيقاً رسمياً بحق هؤلاء المواطنيين الأميركيين .".
وقال : "يوم الاحتفال بذكرى الحادي عشر من سبتمبر"، ذكرى الاعتداءات التي ارتكبت عام 2001 ، ودفعت الولايات المتحدة إلى إرسال جيشها إلى أفغانستان "أريد أن أوجه رسالة واضحة لا لبس بها من قبل رئيس الولايات المتحدة : إن الولايات المتحدة ستستخدم كل الوسائل اللازمة لحماية مواطنينا، ومواطني حلفائنا، من ملاحقات ظالمة من قبل هذه المحكمة غير الشرعية". وتابع المسؤول الأميركي القول : "لن نتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية، ولن نقدم إليها المساعدة، ولن ننتسب إليها (...)، بالنسبة إلينا هي ماتت بالفعل"، كما حذر أيضا من أي تحقيقات قد تقوم بها هذه المحكمة تستهدف "إسرائيل" بناء على طلب من السلطة الفلسطينية، وقال : "في حال استهدفتنا هذه المحكمة أو استهدفت "إسرائيل" أو حلفاء آخرين لنا، لن نقف مكتوفي الأيدي"، معلنا عن سلسلة من الإجراءات الممكنة ، من بينها عقوبات تستهدف العاملين في المحكمة. إن هذه الأقوال والتصريحات الصادرة عن الإدراة الأمريكية يشكل عدوان على السلم والأمن الدوليين وعلى القانون الدولى،والحقوق التى أقرتها الشرعية الدولية للشعب الفلسطينى العربي ، فكان أول تعليق على تهديدات واشنطن للمحكمة الجنائية الدولية ، رد الأمين العام للأمم المتحدة ، أنطونيو غوتيريش بانه مستمر في دعم المحكمة الجنائية لدورها في إعمال مبدأ المحاسبة، كما ردت الجنائية الدولية فى لاهاي بقوة على تهديدات إدارة ترامب قائله : ان التهديدات التي أطلقها أمس الاثنين مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون ، بفرض عقوبات على قضاتها ، وملاحقتهم قضائيا في حال حققوا بالأنشطة الامريكية "الاسرائيلية" أو ضد أحد حلفائها، بأنها "ستستمر بنشاطها دون خوف"، وقالت المحكمة الدولية المستقلة في لاهاي بهولندا، إنها "ستواصل عملها دون خوف"، مشددة على أن المبدأ الذي يقودها هو سلطة القانون .
وأضافت أن" 123 دولة تدعم المؤسسة المستقلة والموضوعية"، وتابعت قولها :إنها "ستستمر بأدائها لعملها وفقا للمبادئ الأساسية والموضوعية " .
وعلى ضوء ذلك قامت دولة فلسطين بالرد العملى على تلك التصريحات ، حيث أكد أمين سر منظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات بتقديم بلاغاً للجنائية الدولية حول جريمة الإبعاد والترحيل القسري للفلسطينين فى الخان الاحمر، وعليه فأننى أؤكد على كل تلك المواقف التى أتُخذت ضد التهديد الأمريكى ، ولكنها ليس بالخطوات والأجراءات الكافية ، لذا فأننى أقترح القيام بمبادرة سياسية وقانونية وإعلامية لدعم دور المحكمة الجنائية فى القيام بواجبها القانوني لتحقيق العدالة الدولية الناجزة ودعم ومساندة المدعيه العامة فى تفعيل صلاحياتها حسب اتفاق روما وهذا من خلال تبيان صلاحيات المحكمة الجنائية فى ملاحقة ومسائلة مجرمى الحرب الصهاينة وتبيان أنواع الجرائم ومدى خطورتها على السلم والأمن الدوليين.
بقلم/ د. عبد الكريم شبير