الكتابة والحديث عن حركة حماس في ظل المرحلة الراهنة بكل ما فيها وعليها وما يواجهنا من تحديات سياسية اقتصادية واجتماعية ليس لمجرد التذكير بأن حماس حركة سياسية فلسطينية وقوة لها حسابها وحساباتها .
حماس وانجازاتها مختصرة ومختزلة بمن هم بداخلها من أعضاء ومناصرين وموظفين قامت على توظيفهم والالتزام معهم ....اما الفشل والاخفاقات وعدم تحديد القدر المطلوب من النجاح يتم توزيعه ويكون نصيب المواطن أكثر من غيره ......لأن غير المواطن بامكانهم أن يقللوا من خسائرهم بحكم عوامل وأسباب عديدة .
حركة حماس بالتأكيد لها أولويات الضرورة بحكم الواقع .....ودوافع تنظيمية محكومة برؤية حركية ..... قد لا تستطيع حماس أن تحقق ما تريد من أولويات الضرورة في ظل رؤية ضيقة لا تتسع لتشمل الكل الوطني .
اولويات حماس التنظيمية والوطنية يجب ان لا تختصر ولا تختزل برؤية احادية ....ووفق اجندة خاصة داخلية ....ولا حتي تعبيرا عن علاقات خارجية ......لأن هذا سيدفع بحماس الي مسار مغاير .....والي نتيجة متناقضة ..... والي أولويات لا تمثل الضرورة الوطنية ..... ولا تعبر عن مسئولية المرحلة .
لهذا كان يجب على الاعلام والكتاب والمحللين والمراقبين أن يتقدموا بأفكارهم وأن يساعدوا حماس وغيرها على تحديد اولوياتها وفق قاعدة الضرورة والمسئولية التاريخية للمرحلة الاصعب بتاريخ قضيتنا الفلسطينية ......وهذا ليس تقليلا من قدرات حماس وغيرها من الفصائل الفلسطينية بل هذا يأتي في اطار الدور المهني والوطني المناط بهذه المهن ..... الفكرية .... والاعلامية .... والثقافية ....وما تتطلبه المرحلة من دور هام يجب أن يقام به لتصويب الرأي العام وتعزيز مقومات صموده ....... وكشف عوامل الخطر الداهم في ظل أعباء وأزمات وكوارث لا حصر لها .
حركة حماس لا نشكك بمدي قدرتها التنظيمية والسياسية لكن هذا القدرة تحتاج الي وقفة ومراجعة وتصويب ....... فليس بالاستمرار تعبيرا عن صحة الموقف .....وليس بالقدرة على الحشد تعبيرا عن صحة ما يقال .
وليس في استمرار السيطرة وعدم القيام بالواجبات والمسئوليات دليل قوة ...... بقدر ما هو تعبيرا عن روح المسئولية الشعبية التي تحاول ان تتحمل وأن تصبر الي أخر مدي حتي يحدث نورا في نهاية الطريق .
حماس بدأت بقوة متصاعدة وبجماهير ملتفة منذ بداية انطلاقتها .... واستمرت بحالة التنامي والانتشار ....حتى حققت فوزا ساحقا بالانتخابات التشريعية ..... وشكلت حكومة فلسطينية برئاسة الاستاذ اسماعيل هنية ..... وهنا لابد على ذكر قائد حماس أن نحدد الموقف الرافض والقاطع والمستهجن من محاولة زج اسم قائد حماس ومحاولة تأسيس ملف جنائي أمام محكمة الجنائيات الدولية من خلال شكوي أقل ما يقال عنها انها تضليل وخداع وكذب وافتراء شكوي مخالفة للقانون الدولي وللأعراف والشرائع الدولية والتي تعطي حق مقاومة المحتل بكافة السبل الممكنة من أجل التحرير والاستقلال الوطني ......وأن فحوي هذه الشكوي فيها من التضليل ومحاولة قلب الحقائق ..... والتي يجب أن تصوب باتجاه هذا الاحتلال العنصري القاتل للأطفال ...... والمدمر للمنازل والحارق للأشجار والمستوطن بأرضنا ...... والمحاصر لشعبنا ..... فالأولي أن تتجه الشكوى لمن يقتل ويحاصر...... وليس لمن يدافع عن وطنه وشعبه .
وعودة الي حماس التي تنامت بقوتها وحتي فوزها بانتخابات المجلس التشريعي وتشكيل الحكومة ...... وما حدث بعد ذلك من تراجع ملحوظ بفعل انقلاب غير مبرر وضع حماس على أرضية التراجع..... وليس التقدم .....على أرضية المحاصرة ......وليس الانفتاح .
قوة حماس بعوامل داخلية .....وضعفها بعوامل خارجية ..... هذه الحقيقة السياسية التي يجب أن تدركها الة الاعلام الحمساوي بما يعرف عنها من سرعة وقدرة عالية على المتابعة والتحليل وما يشوب عملها من خطأ استراتيجي .
ولكن سيبقي السؤال ....كيف يمكن لحماس ان تزيد من قوتها الحقيقية بالداخل ؟؟!!
أولا : انهاء انقلابها وسيطرتها على قطاع غزة بصورة كاملة ودون تردد أو شروط وهذا لا يعني بالمطلق أن هناك من هم فائز وما هو خاسر .....لأن الوطن والقضية والشعب ليس بحاجة الي معادلة حسابية لا قيمة لها .
ثانيا : عدم الاستناد والاعتماد على مفاهيم القوة المادية وكأنها المخرج والمنقذ في ظل انها يمكن أن تكون سببا للضعف والانهيار ولا تشكل قوة اضافية الا بحالة التوافق والوحدة والشراكة الوطنية الكاملة .
ثالثا : الاستناد على الدعم الشعبي بالفكر السياسي والسياسة المتبعة والخيارات المنفذة والذي لا يعطي الحق بتقزيم الرؤي الأخري وعلى قاعدة أنه لا يمكن لأحد أن يعمل في فراغ ودون الاخرين . ...وداخل وطن واحد .
رابعا : اتمام المصالحة بحسب الاتفاقيات وعلى أرضية الرعاية المصرية الشقيقة وعدم اطالة امد الانقسام لأن المتضرر من استمراره بداية حماس وسكان القطاع والقضية الوطنية بصورة عامة وان في هذا الاستمرار فرصة سانحة لتمرير المؤامرات المدبرة وعلى رأسها صفقة القرن وهذا ما اعتقد أن حماس لا يمكن أن تقبل به لأسباب عديدة .
خامسا : علاقات حماس وتعزيز مقومات قوتها الداخلية وعلاقاتها الوطنية تستند الي وضوح الرؤية وعدم تناقض المواقف ....كما ان علاقات حماس بالخارج يجب أن تكون واضحة أساسها الوطن والشعب والقضية والمصالح العليا ..... وليس أي شيء أخر.
سادسا : ضرورة احداث تغيير في الخطاب الاعلامي والسياسي لحماس وأن يكون لهذا الخطاب أرضية واضحة بنضوج فكري وصراحة عالية ورفض المبالغة..... واختيار المفردات التي تجمع ولا تفرق ...تؤحد ولا تشتت .
سابعا : الاعتراف بالأخطاء ليس لحماس فقط بل للكل الوطني بداية الطريق الصحيح والصائب والذي سيجعل من حماس شريكا وطنيا نوعيا ......وليس عدديا ومنافسا قويا يستحق بجدارة التنافس على النظام السياسي الفلسطيني وما يحتاجه ذلك من تعديل بالبرنامج السياسي والتوافق مع برنامج منظمة التحرير الفلسطينية ممثلنا الشرعي والوحيد .
ثامنا : انهاء كافة اشكال التشدد ومحاولة اظهار التعصب التنظيمي والذي لا يخدم حماس ولا غيرها..... بل يضر بها وبمن ينظر اليها واقعا ومستقبلا وعلينا بمراجعة دروس التاريخ الثوري للشعوب وقواه الحية ...والتي حققت الحرية والاستقلال .
تاسعا : التغيير والتبديل في المواقف والسياسات والبرامج والخيارات...... وليس البديل السياسي هذا ما يجب اعتماده من قبل حماس اذا ارادت ان تأخذ طريقها وأن تجسد طموحها وأن يعلو شأنها .....وأن تحترم مواقفها ....فالتغيير بالمواقف لا يعني التنازل ..... والتبديل للأولويات لا يعني الانهزامية .... والبحث عن دور حق طبيعي للجميع .....اما امكانية العمل على دور البديل لتحقيق اهداف وطموحات تنظيمية .... فانها تكون مضيعة للوقت واهدار للطاقات وتشتيت للجهود .
ما أتحدث به فكرا سياسيا ....ومنطلقا وطنيا .... لا يحمل في طياته أدني موقف من حماس أو غيرها ......بقدر ما اتمني كما غيري بأن نتصرف ونعمل بالأساس..... بمنهجية فكر يحدد الخطط والاستراتيجيات ......لتحديد المسئوليات الجامعة ..... والتي تعيد للمشهد الداخلي ما نتمنى ان نشاهده بأحلامنا .... وأمنياتنا .... وليس الابقاء على مشهد داخلي يسجل علينا بالتاريخ الكثير من النقاط السوداء.
بقلم/ وفيق زنداح