لقد جاء اتفاق أوسلو الأسود مخيب لآمال الشعب الفلسطيني ولتمنيات الفصائل الفلسطينية بشكل عام وخاصة الفصائل التي تؤمن بالكفاح المسلح لتحرير فلسطين، وبغض النظر عما يقال بأن اتفاق أوسلو جسد نواة الكيانية الفلسطينية ورسخ المؤسسات والوجود الفلسطيني في الضفة وغزة، وأعاد إلى أرض الوطن عشرات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين من الشتات، إلا أن التكلفة الباهظة والتداعيات الخطيرة لاتفاق أوسلو على القضية الفلسطينية لم يتوقعها أي فلسطيني، فمن تداعيات أوسلو عندما ذهبت منظمة التحرير إلى توقيع الاتفاقية منفردة وإجراء مفاوضات سرية ساهمت في إبعاد القضية الفلسطينية عن عمقها العربي والإسلامي، وتوفير الذريعة للمهرولين والمطبعين من الدول العربية والإسلامية لنسج علاقات سرية وعلنية مع دولة الاحتلال الاسرائيلي.
وضع اتفاق أوسلو الأسود قيوداً حقيقية على السلطة الفلسطينية وحولها إلى أشبه إدارة تابعة للاحتلال، فالمال السياسي والاتفاقيات الاقتصادية والملاحق الأمنية لاتفاق أوسلو وغيرها لم تترك لقيادة السلطة مساحة للقيام بمبادرات واصلاحات سياسية لصالح القضية الفلسطينية أو التحرك لمواجهة اتفاق أوسلو والانعتاق منه.
كذلك من تداعيات اتفاق أوسلو على القضية الفلسطينية إيجاد التنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية والكيان الصهيوني وهو جوهر الاتفاقية الذي ساهم ليس في تقليص المقاومة فحسب، بل نجح في منعها كاملاً لعدة سنوات كما أن التنسيق أوجد بيئة مريحة للاحتلال والمستوطنين على الاستيطان في الضفة الغربية.
إن الانقسام الفلسطيني بين حركتي حماس وفتح عام 2007م، هو عبارة عن نتيجة طبيعية لحالة الانقسام السياسي الذي نتج عن توقيع اتفاق أوسلو، الذي أوجد مسارين مختلفين؛ الأول الذي انخرط في مشروع التسوية مع الاحتلال الاسرائيلي بالاستناد إلى البعد الدولي، أم الثاني مشروع المقاومة والتمسك بالثوابت ورفض الحلول التصفوية للقضية الفلسطينية، ومع الوقت أحدث الانقسام السياسي إلى انقسام وشرخ أفقي في صفوف الجماهير الفلسطينية وكذلك في صفوف النخب السياسية والثقافية الفلسطينية.
بما لا يدع مجالا للشك أن اتفاق أوسلو الأسود عزز من أمن وشرعية الاحتلال الإسرائيلي، وأضعف الحالة الفلسطينية، وساهم في تشويه صورتها أمام العالم، وبذلك إن اتفاق أوسلو المذموم وطنياً هو مشروع تصفوي للقضية الفلسطينية بما تعنيه الكلمة، ويجب أن تكون أولى خطوات إنهاء الانقسام العمل على إنهاء العمل بأوسلو.
الكاتب: عبد الرحمن صالحة