قمة بوتين- اردوغان في سوتشي،هي امتداد للقمة الثلاثية التي عقدت في طهران بين الرؤوساء الثلاثة بوتين – روحاني وأردوغان قبل أكثر من أسبوعين،وبالنظر لنتائج قمة بوتين – أردوغان،نرى انها قدمت الحل السياسي على الحل العسكري،واعطت فرصة لتركيا التي كانت تطالب في قمة طهران بتأجيل الحل العسكري في إدلب لما له من تداعيات على امنها واستقرارها،لكي تترجم مضمون هذا الإتفاق على أرض الواقع....إنهاء وتفكيك جبهة النصرة وبقية المجموعات الإرهابية وجلبها الى مسار المصالحات والتسويات والمصالحة خلال شهر،وجمع السلاح الثقيل والمتوسط من تلك الجماعات خلال ثلاث شهور..فهل تركيا قادرة على التطبيق والترجمة لهذا الإتفاق ....؟؟؟؟؟أم ان تلك الجماعات الإرهابية التي سيجري تجميعها في شريط جغرافي من 10 - 15 كم ستتمرد على حاضنتها التركية ...؟؟وهل سيصمد الحل السياسي في أدلب في ظل جماعات إرهابية خطرة مثل الايغور الصينيين والتركستان والشيشان وغيرهم ..؟؟؟ وهل ستوافق سوريا على استمرار وجود منطقة جغرافية خارج سيادتها وسيطرتها..؟؟وهي ترى تلك الجماعات الإرهابية من العملاء والخونة تقيم احتفالاتها بالعدوان الصهيو - أمريكي الإستعماري الغربي على سوريا...
قراءتي المتواضعة تقول بأن الحل العسكري فقط جرى تأجيله وهو حتمي في ادلب،ولكن هذا الحل ينزع الذرائع من بين أيدي امريكا وحلفائها في حربهم التصعيدية ضد سوريا وروسيا وايران .....وهو كذلك يجنب ادلب حمام دم واعداد كبيرة بعشرات الألآف من اللاجئين....وهو يضع تركيا أيضاً في المواجهة مع حلفائها وادواتها من الجماعات الإرهابية،فتصفية النصرة ليست بالأمر السهل،وكذلك القيام بمهام جمع السلاح الثقيل والمتوسط ....ومصير الجماعات الإرهابية الأجنبية من ايغور وتركستان كيف سيتحدد..؟؟ اذا نجحت تركيا في الإختبار فهذا يعني تقدم الحل السياسي على الخيار العسكري،وسيكون لتركيا دور في العملية السياسية في سوريا...واذا فشلت في ذلك سيكون الحسم العسكري السوري - الروسي- الإيراني خيار لا بد منه....ولكن في نهاية المناص،لا أرى في ادلب غير الخيار العسكري لأن الحل السياسي يعني انتحار الجماعات الإرهابية المتطرفة وقادم الأيام سيثبت صحة ما نذهب اليه .
الرد الصهيوني- امريكي والإنجلو سكسوني على اتفاق بوتين- اردوغان لم يتاخر،فامريكا ودول الإستعمار الغربي،ومعهما اسرائيل ومشيخات النفط العربي،كانت تراهن على استمالة تركيا وتخريب مسار استانة – سوتشي،بما يمكنها من تحشيد ضغوطاتها الإعلامية والسياسية والدبلوماسية،من اجل عدوان واسع على سوريا،عنوانه ذرف دموع التماسيح على المدنيين في ادلب،و"فزاعة" استخدام الجيش السوري للسلاح الكيماوي في تحرير ادلب.
العدوان المتزامن على اللاذقية وطرطوس بحراً وجواً،حمل أكثر من رسالة،منها ما يتعلق بإختبار مدى كفاءة وجاهزية الدفاعات الجوية السورية،ومنها من يريد دس السم بالعسل،من خلال التشكيك في صلابة التحالف الروسي- السوري،وبان روسيا تنظر لمصالحها فقط ولا تلتفت لمصالح حليفها السوري،خلق مناخ وبيئة شعبية تحريضية طاردة ضد الروس،وبأن روسيا باعت سوريا لصالح أردوغان،وهذا اللعب المتواصل على أي تعارضات قد تنشأ بين دول محور المقاومة،(روسيا- ايران – سوريا) وتضخيمها يحمل اهدافا ًسياسية لتفكيك هذا الحلف.
المعركة التي تخوضها الدولة السورية ضد التنظيمات الإرهابية والتكفيرية معقدة ومركبة على كل المستويات الأمنية والسياسية والعسكرية،حيث يجري إجتثاث "الدواعش" من عمق البادية السورية وصولا الى قاعدة "التنف" التي تسيطر عليها القوات الأمريكية،وكذلك الإستعدادت الكبرى على كل المستويات ل" طحن" وتصفية الجماعات الإرهابية في إدلب،في إعتقادي الراسخ بان سوريا وروسيا وايران نجحوا في تصدير الأزمة الى قلب المحور المعادي،الذي شارك في دعم وتمويل وتسليح وتدريب وايواء تلك الجماعات الإرهابية،والتي هدد التركي إذا ما شنت دول محور المقاومة هجوماً كاسحاً على ادلب لتحريرها،سيغرق اوروبا بتلك الجماعات الإرهابية،ولذلك طالب أمريكا واوروبا بإستخدام كل نفوذها في اروقة المؤسسات الدولية والتوظيف الإعلامي والسياسي والتهديدات العسكرية واختلاق الحجج والذرائع وبث الإشاعات من اجل منع الجيش السوري من تحرير أدلب.
التفاهمات الروسية- التركية حول ادلب،طبعاً قادت الى تفاهمات أخرى،بما تشمل ترحيل إرهابي ما يسمى بشهداء القريتين 5000 مسلح من منطقة التنف الخاضعة للتحالف الأمريكي البريطاني إلى مناطق سيطرة درع الفرات شمال حلب،وضمن التفاهمات أيضاً تفاهم يقضي بتفكيك مخيم الركبان، الذي يتواجد فيه حوالي 80 الف انسان، يعتبر الخزان الرئيسي للمسلحين التابعين لداعش والمجموعات المرتبطة بالامريكي في عمق البادية.
ما أفهمه من اتفاق بوتين- أردوغان أنه أجهض الحملة الأمريكية والغربية الإستعمارية على سوريا وايران وروسيا،وكذلك من شأنه تعميق الشرخ والإنقسام بين محور دول العدوان،عدا عن تجريدها للجماعات الإرهابية من أسلحتها وإبعادها عن مراكز التجمعات السكانية وحشرها في شريط جغرافي،يفصلها عن المدنيين،وبما يجعل تصفيتهم أسهل في حال الرجوع للخيار العسكري،ولذلك الآن الكرة في الملعب التركي نجاحها في تصفية النصرة والجماعات الإرهابية الأخرى ،يجعلها جزء من العملية السياسية في سوريا،وفشلها في تطويع تلك الجماعات،يعني انها ستنتقل الى الخيار العسكري الى جانب روسيا وسوريا ضد تلك الجماعات الإرهابية،وبهذا تكون روسيا بطريقة ذكية ومتدرجة حقق الأهداف المطلوبة،بتحرير ادلب وتصفية الجماعات الإرهابية.
بقلم/ راسم عبيدات