البقرة الحمراء ومخططات هدم الأقصى

بقلم: غسان مصطفى الشامي

تعيش  مدينة القدس المحتلة هذه الأيام أجواء غائمة وقاتمة بسبب تكثيف الصهاينة وقطعان المستوطنين جرائمهم بحق المسجد الأقصى المبارك، ومواصلة اقتحامات المسجد الأقصى عشية الأعياد اليهود والاحتفال بما يسمى ( رأس السنة العبرية) حيث يقوم الصهاينة بتنظيم برامج اقتحامات للمسجد الأقصى على مدار اليوم وسط حراسات مشددة من جيش الاحتلال وفي ظل الاعتقالات والاعتداءات بالضرب على المصلين والمرابطين في المسجد الأقصى المبارك .

 ويعمل الصهاينة  على استثمار مناسبات ( الأعياد اليهودية) لفرض واقعا جديدا على القدس والمسجد الأقصى المبارك،  والعمل على تكثيف الاقتحامات ومحاولات الصهاينة لفرض واقعا جديدا يهدف إلى تنفيذ مخططات التقسيم الزماني والمكاني للقدس والأقصى ؛ وخلال الأسبوع الماضي كثف الصهاينة من اقتحامات باحات المسجد الأقصى، حيث تقدم قطعان المستوطنين وزراء في الحكومة الصهيونية واقتحم وزير الزراعة الصهيوني ( أوري أرئيل ) باحات المسجد الأقصى برفقة المئات من المستوطنين، فيما وفرت شرطة الاحتلال الحراسة للمقتحمين، كما  استنفرت الشرطة الصهيونية قواتها ووحدات التدخل السريع لإبعاد الفلسطينيين عن الأقصى وتأمين عمليات اقتحام المستوطنين للأقصى؛حيث  رافق  الوزير الصهيوني ( أرئيل ) أكثر من (258 ) مستوطنا خلال مجموعة الاقتحامات الأولى، وقد أعدت الجمعيات الصهيونية برنامج للاقتحامات منذ ساعات الصباح الأولى حتى المساء  على أن تكون في ساعات المساء صلوات تلمودية ومسيرات استفزازية بساحة البراق والقدس القديمة.

وسمحت فيما سمحت قوات الاحتلال الأسبوع الماضي لأكثر من  (1300) سائحا بالتجوال في ساحات الحرم،   واعتقلت شرطة الاحتلال موظف الأعمار في دائرة أوقاف القدس أثناء عمله في ساحات الأقصى وتوثيقه لاقتحامات المستوطنين، في المقابل تنشط جماعات المستوطنين ومنظمة ( طلاب لأجل الهيكل) في الإعلان على موقعها الالكتروني الجداول الزمنية لاقتحامات المستوطنين وبرامج إقامة (الشعائر التلمودية) مثل ما يسمى ( طلب المغفرة لليهود السفارديم) حيث يحتشد الصهاينة اليهود بالقرب من باب المغاربة  في تمام الساعة الخامسة والنصف صباحا، ثم بعدها بساعة تأتي مشاعر تسمى ( إعطاء الوعود ).

ورصدت الهيئة الإسلامية المسيحية لنصر القدس والمقدسات الأسبوع المنصرم منذ بدايته تحركات غير عادية لجماعات يهودية مدعومة من الحكومة الإسرائيلية لاقتحامات واسعة للأقصى خلال الأعياد اليهودية هذا العام؛ والذي تصل ذروتها في 19 أيلول الجاري، حيث تعمل الحكومة الصهيونية على توفير الحماية الكاملة للمستوطنين وتقديم كافة الدعم لهم خلال ممارسة شعائرهم التلموية بما يخدم مخططات  التهويد".

ويشدد كاتب المقال على أن كافة محاولات سلطات الاحتلال الصهيوني  فرض أمر واقع جديد في المسجد الأقصى المباركة هي جرائم بحق الأقصى تستهدف تنفيذ مخططات التهويد ومخططات التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى المبارك، ومواصلة مخططات التدمير والتخريب للأقصى عبر مواصلة حفر الأنفاق أسفل المسجد الأقصى وإغلاق بواباته أمام المصلين من أجل تثبيت الاقتحامات للمستوطنين كواقع جديد يمنع على المسلمين الوصول للمسجد الأقصى خلال تواجد المستوطنين في باحاته.

وحول أعداد المستوطنين الذين اقتحموا المسجد الأقصى أفادت إحصائيات حديثة أنه نحو ( 2.400 ) مستوطن اقتحموا المسجد الأقصى خلال شهر آب/ أغسطس الماضي، حيث نشرتها منظمة ( أمناء جبل الهيكل) الصهيونية اليهودية المتطرفة معطيات تفيد  أن 28 ألف و800 مستوطن يهودي اقتحموا المسجد الأقصى  خلال ( لعام العبري 5778)  وهو الأعلى منذ احتلال القدس عام 1967م ، وذكرت المنظمة اليهودية، أن هذا العدد من المقتحمين للمسجد الأقصى هو الأكبر، ويشكل زيادة بنسبة 27 % عن العام الماضي.

ويعمل الاحتلال الصهيوني على وترويج الرواية التلمودية المزعومة بأحقية الصهاينة في القدس حيث تم استبدالها باسم جبل الهيكل في المناهج التعليمية التي تفرضها وزارة المعارف في الكيان على المدارس الفلسطينية في القدس؛ وضمن الروايات الكاذبة التي يسوقها الصهاينة أعلن حديثا أعلنت جمعية الهيكل اليهودية الصهيونية المتشددة التي تتلقى تمويلاً من وزارة الدفاع في الكيان، عن ولادة ( العجل الأحمر)  الموصوف في التوراة بأنه إشارة إلى نهاية العالم، وما يقترن بظهوره من هدم المسجد الأقصى وبناء الهيكل المزعوم ونزول المخلص، ومعركة مجدو ونهاية العالم حسب ما نقلته صحيفة ( صن ) الأجنبية و(نيوز ريببلك) وأن العجل الموعود قد وُلد ويجري التحقق من ذلك توراتيا؛ وأن ميلاده يطلق تنفيذ (نبوءة تطهير العالم )؛ وقال الحاخام (شاين ريتشمان) المدير الأممي لمعهد الهيكل : إن الوقت حان لبناء الهيكل الثالث  بعد أن تحقق وعد ولادة العجل الأحمر؛ فيما ستعمل الجمعية اليهودية  على إخضاع ( البقرة الحمراء)  لسلسلة تقصيات و اختبارات مطولة ودقيقة  للتأكد من أنه (البقرة الموعودة ).

في ظل هذه المخاطر والمؤامرات  الخبيثة والشرسة التي يواجهها المسجد الأقصى التي تستهدف وتدميره وبناء الهيكل المزعوم ؛ حيث يعمل الصهاينة ليل نهار من أجل تحقيق حلمهم بهدم الأقصى وبناء هيكلهم ؛ أما العرب والمسلمين فهم في تقاعس وتراجع عن نصرة الأقصى ودعم صموده أهله المرابطين لمواجهة مخططات التهويد والتدمير.

مقال/ غسان الشامي