الافلاس السياسي في تصدير الأزمات

بقلم: زهير الشاعر

بعد أن شاء القدر أن يؤجل مصيره بعدما شاهد العالم أجمع بأن أنفاسه كادت أن تتوقف ويسقط مهاناً مكسوراً من على منبر الأمم المتحدة أثناء خطاب الإستجداء الذي قدمه ! ، في تقديري أنه بات على الشعب الفلسطيني أن يرفض أي تبرير أو تفسير للسقطات التي وردت في خطاب محمود عباس الذي يعتبر خطاب مهزلة بكل معنى الكلمة ، وأن لا يقبل بأقل من إعتذار عباسي علني وواضح عن هذا الإستخفاف الذي يمارسه بين الحين والآخر .
كما أن الإستهانة بكرامة شعبنا الفلسطيني ومتطلباته المشروعة بهذا الشكل المثير للإستفزاز يجب أن تواجه برد شعبي عارم ، وذلك بخروج مئات الآلاف للشوارع في الضفة وغزة رفضاً لعباس ونهجه المشبوه هذا الذي يعتمد الإنقسام وسيلة لديمومة منظومته الفاقدة للشرعية ، وفرض واقع شعبي جديد بدون هذا العباس الذي على ما يبدو قد فقد عقله بالكامل بعد أن كان فاقداً لإنسانيته طوال السنوات الماضية .
أيضاً لابد من الإشارة إلى أن الأبواق القليلة التي ستخرج لتهتف لهذا العباس تمجيداً له يجب عليها الإدراك بأنهم سيكونوا شركاء بهذا التآمر الذي يقوم به عباس على الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة وعليهم مراجعة أنفسهم قبل فوات الأوان ، والإصطفاف لصالح كرامة شعبهم ومتطلباته الإنسانية المشروعة بحدها الأدنى في طريق توحيد الصفوف من أجل الحصول على الحقوق السياسية المشروعة والتي تتمثل بتقرير المصير وبإقامة دولة فلسطينية حرة ذات طابع مؤسساتي وتحترم القانون الدولي وتكون جزء من المنظومة الدولية في سياق ما يمتلكه الشعب الفلسطيني من مقدرات وإمكانيات تمنحه القدرة على الإبداع والتعايش جنباً إلى جنب مع شعوب المنطقة بأمن وأمان وسلام.

الجدير ذكره أنه في الآونة الأخيرة بات المشهد الفلسطيني يأخذ منحى شديد الخطورة وبات عباس يستجدي الشريك الذي اختاره ويهاجم الكفيل الذي لابد منه!، وكأنه في حالة سباق مع الزمن لترتيبات مستقبلية تتحسب أي حدث مفاجئ أو أمراً كان مفعولا لم يعد بمقدور أحد منعه !، وبات محمود عباس يتصرف بدافع تلبية الإملاءات أيٍ كانت ظناً منه أنه بذلك سيحصل على طوَّق النجاة لأولاده وأحفاده من بعده ، لذلك نجد أنه يعمل على خلط الأوراق كلما إستطاع فعل ذلك وترك كل فريق يحشد ويكدس من قواه ويوسع من تحالفاته الداخلية والخارجية حتى يضمن فوضى عارمة من بعده وصراعاً دموياً ينسي الجميع حساب ومعاقبة مخلفاته ، كل هذا يحصل والرئيس الفلسطيني محمود عباس يعاني من حالة إنهيار تريجي لصحته باتت واضحة نظراً لِكبر سنه ، بالرغم من المحاولات التي تعمل على إظهاره بأنه لا زال ممسكاً بزمام الأمور ، مستعيناً لذلك بكوادر منتفعة من وجوده ومن حالة السيطرة على النفوذ التي تحفظ لهم مصالحهم بغض النظر عن ان كان ذلك مؤقتاً أم دائماً.
الرئيس محمود عباس الذي يمسك بزمام الأمور شكلياً تحت مظلة القبضة الأمنية التي يمارسها في الضفة والإستفادة من تعميق حالة الإنقسام مع قطاع غزة وما تسبب به ذلك من فرض إدارة غير مؤهلة وتواجه تحديات كبيرة ، تدير هذا القطاع في سياق الحفاظ على مصالحها ووجودها ضمن تفاهمات وتبادل أدوار ، هي بلا شك مخزية للغاية !، مما يتيح له الفرصة بالإستمرار بالتحكم بإدارة إتجاه بوصلة الحالة الفلسطينية الداخلية والعمل بكل قوةٍ على عدم إخراجها من حالة التفرد القائمة .
إن ما يقوم به محمود عباس هو إفلاس سياسي كامل الأركان ، يعبر عن حالة عجز كاملة ولكن يتم إدارتها بشكلٍ مسرحي هزلي من خلال تصدير الأزمات وخلط الأوراق بين الحين والآخر واستغلال المناسبات الدولية لعمل بروباجندا تشويقية وبتحريك مواضيع داخلية متشابكة تارة أو التلويح بتشديد العقوبات ضد أهالي قطاع غزة للدفع بهم لثورة جياع أو لحرب أهلية داخلية تحصدهم وتقضي على ما تبقى لديهم من أمل بحياة مستقبلية أفضل ، هذا عوضاً عن فتح ملفات مثيرة بين الحين والآخر وهي الملفات التي لم تعد تحظى بأي أولوية بالنسبة للشعب الفلسطيني الذي لم يعد بمقدوره تحمل الأزمات التي يقوم بتصديرها إليهم محمود عباس بين الحين والآخر للتغطية على فشله المفزع الذي لا زال مستمراً منذ مجيئه كرئيس للشعب الفلسطيني حتى يومنا هذا.

م. زهير الشاعر