يخوض الفلسطينيون نضال أممي منذ سبعينيات القرن الماضي عندما تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة في الثاني والعشرين من شهر نوفمبر لعام 1974م قرار يعترف بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً شرعياً للشعب الفلسطيني، وحصلت المنظمة على صفة مراقب في الأمم المتحدة كحركة تحرر وطني، ومنذ ذلك القرار ويواصل الفلسطينيون نضالهم الأممي ضمن النضال والكفاح المسلح من أجل تحرير أرض فلسطين ونيل الحرية وتقرير المصير .
ويرى كاتب السطور أن منظمة الأمم المتحدة لم تكن مع الشعب الفلسطيني في الحرية وتقرير المصير وعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أرضهم وديارهم التي هجروا منها عام 1948م؛ بل إن المنظمة الأممية كان أحد أسباب تكريس الاحتلال الإسرائيلي على أرض فلسطين عندما اعترفت بالكيان كدولة قائمة على أرض فلسطين المحتلة، حيث تقدمت ( إسرائيل) بعد نكبة فلسطين في السابع عشر من مايو عام 1948م للأمم المتحدة للحصول على العضوية الأممية ، ولكنها فشلت في ذلك، ثم في شهر مايو عام 1949م تقدمت ( إسرائيل) مرة ثانية للحصول على العضوية، ووافقت الأمم المتحدة بقبول عضوية ( إسرائيل) بناءً على إعلان الكيان بالقبول بالالتزامات الواردة في ميثاق الأمم المتحدة والتعهد بتطبيقها، والتعهد بتطبيق قرارا الجمعية العامة الصادر في 29 نوفمبر 1947م (قرار تقسيم فلسطين) و القرار الصادر عن الجمعية في 11 ديسمبر 1948م هو قرار حق العودة للاجئين الفلسطينيين إلى أرضهم وديارهم؛ وهذه القرارات لم تلتزم بها ( إسرائيل) ولم تنفذها حتى يومنا هذا؛ وفي التاسع والعشرين من نوفمبر من عام 2012م (يوم التضامن الأممي مع الشعب الفلسطيني ) استطاع الفلسطينيون الحصول على شبه اعتراف من الأمم المتحدة وأن تحمل دولة فلسطين رقم ( 194) عندما قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة رفع مكانة فلسطين إلى دولة مراقب في الأمم المتحدة، وقد أيدت 138 دولة ذلك، وعارضته تسع دول، وامتنعت 41 دولة.
شهد الأسبوع المنصرم اجتماعات الدورة الثالثة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة في مقرها في مدينة ( نيويورك) الأمريكية ؛ واستعرض زعماء العالم عبر خطابتهم الرنانة آخر التطورات والأوضاع السياسية في بلدانهم، وتحدثوا عن الرؤى والتصورات السياسية للمرحلة القادمة.
وقد أعرب الرئيس الأمريكي ( ترامب) خلال خطابه عن دعمه الكبير انحاز للكيان الصهيوني، متحدثا عن أن النهج الأمريكي الإجرامي الجديد في منطقة ( الشرق الأوسط ) بدأ يحدث تغييرا تاريخا في المنطقة، و دافع ( ترامب ) عن الكيان الصهيوني بقوة خاصة القرار الأمريكي الإجرامي نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة معلنا أن مشروع صفقة القرن يسير، وأن (إسرائيل) موجودة في مكان معقد جدا من العالم، و الولايات المتحدة الأمريكية تقف ورائها بنسبة 100%"، فيما لم يذكر رئيس الوزراء الصهيوني ( نتنياهو ) في خطابه أي حرفة عن فلسطين أو الفلسطينيين بل ركز الحديث عن العلاقات مع الدول العربية وخطر السلاح النووي الإيراني، والإرهاب الذي يهدد ( الشرق الأوسط) رغما أن دولة الكيان الموجودة في قلب ( الشرق الأوسط ) تمتلك مئات الرؤوس النووية والغواصات النووية التي قد تدمر المنطقة العربية بدقائق معدودة، فيما شهدت قاعة الأمم المتحدة حضور باهت لكلمة الرئيس محمود عباس مما يدل على تراجع الاهتمام بقضيتنا الفلسطينية في المحافل الأممية، وعدم الاهتمام الكثير من الزعماء بكلمة الفلسطينيين عدا الصهاينة الذين كانوا يستمعون لكل حرف فيها بإصغاء دقيق .
إن النضال في ساحات الأمم المتحدة معركة سياسية ليست بسيطة، وتحتاج جيش من الدبلوماسيين والحقوقيين العارفين بالقانون الدولي وآليات اتخاذ القرارات الدولية في المنظمات الأممية، لذا يجب علينا تجنيد جيش من الدبلوماسيين الفلسطينيين والعرب من أجل الانتصار في المعارك الأممية في ظل ما تشهده فلسطين من مظلومية كبيرة في الأمم المتحدة وهناك مئات القرارات الأممية الخاصة بالقضية الفلسطينية لم يتحقق منها شيئا؛ مثل القرارات التي تطالب الكيان الصهيوني بوقف الاستيطان ووقف جرائمه بحق القدس والمسجد الأقصى المبارك.
يجب على الدبلوماسية العربية ومحبي فلسطيني وداعمي القضية الفلسطينية مساندتنا أمميا في المعركة الدبلوماسية من أجل محاصرة الكيان الصهيوني في كافة المحافل والساحات والوقوف في ووجه مخططات سرقة أرضنا الفلسطينية وتهويد مقدساتنا .
إلى الملتقى ،،
مقال/ غسان الشامي