موضة التطبيع و موضة العدمية في خلط الاوراق بين هذا و ذاك و هذا الشيء و ما ينفيه هي تلك الموضة التي يتحدث بها البعض طاعنا في تاريخ تجربة خاضها الشعب الفلسطيني منذ عام 1965 كتجربة تحتذي حذو التجارب الناجحة التي قادتها الشعوب التي بحثت عن تحرير اراضيها و نيل حريتها و سيادتها و كثير من التجارب ليست بعيدة عن مناخات الشعب الفلسطيني من احتلال و استيطان و قوة عسكرية سيطرت على كل شيء في بلادهم .
من المخجل ان يتحدث البعض عن عمل مراجعات لمسيرة الكفاح المسلح و المقاومة التي قادتها حركة التحرر الوطني الفلسطيني فتح و كما قال على مدار 50 عاما ، و يبدو ان هذا الاخ الذي كتب في هذا المجال يفتقر لكثير من تفاصيل تلك التجربة التي يحكم عليها ويقول فالنعيد حساباتنا بمدى جدواها ، و يعلل ذلك بأن اسرائيل "الاحتلال الصهيوني" قد استفاد من محيط يكن له العداء ويتناول الصراع بنظرية العنف ، حيث استغلت اسرائيل هذه النظرية امام المجتمع الدولي و في عدوانها ايضا ، نسي الأخ أن المجتمع الدولي المنحاز لاسرائيل بقيادة امريكا و اوروبا يفهم تماما معنى القرار 194 و القرار 181 و باقي القرارات ذات الصلة بالصراع ، فمن دبر نكبة فلسطين و شعبها يفهم تماما سلوك اسرائيل و يفهم تماما لماذا استخدم حق الفيتو دائما .
لا تطعن اخي في مشروع الكفاح المسلح و نظرية الكفاح المسلح فهي لا تخطئ و لكن كان يمكن لك ان تنتقد من خرجوا عن هذا الدرب و عن هذه النظرية بسلوك انحرف تماما عن نظرية الكفاح المسلح و المقاومة و بمسلكيات لا نريد ان نوردها هنا في هذا المقال و التي نتائجها معروفة الأن و تداعيتها و لذلك اريد ان انبه بل اوقظ من يتغافل او يعلل او يبرر .
1 – عندما كانت هناك ثورة فلسطينية في اوائل انطلاقتها كانت جدواها واضحة لكل ذي بصيرة سواءا في معركة الكرامة او في العمليات النوعية مثل الحزام الاخضر و حراب الفتح و القصف الدائم لكراتشمونا و هزيمة اسرائيل من اطفال العرقوب "اطفال الار بي جي" في الجنوب اللبناني و عملية دلال المغربي النوعية .
2 – معنى المقاومة و الكفاح المسلح يتجلى ايضا بالانتفاضة الاولى لتي سجلت انتصارا انسانيا و نضاليا على لاحتلال و انجزت الكثير و كانت رافعة لمنظمة التحرير بعدما كان مطلوب وئدها اقليميا و دلوليا و هذا موضوع طويل لا يكفي لسرده مقال ، حيث استغلت قيادة منظمة التحرير هذا الانجاز لتهرب من الواقع العربي و الدولي لتغوص في خندق اوسلو و تبعاته بدلا من تطوير عمل الانتفاضة لتحصد نتائج سياسية كان كل العالم مؤيد لها .
3 – بعيدا عن التشرذم الفصائلي و المتابكين على الوضع السابق لاوسلو من منتفعين و غيره بلا شك ان المقاومة في غزة اعطت زخما قويا لصمود شعبنا امام كافة المخططات التي تستهدفه و احدثت تراجعا لعملية التنازلات المميته مع يقيننا ان اوسلو و قبل بروز حماس و الجهاد و فصائل مقاومة اخرى على الساحة اجهضت قيادة من انفك من اوسلو و فهم الخديعة ياسر عرفات عندما اتى من وايريفر ليقول "ع القدس رايحين شهداء بالملايين" اي عودة ياسر عرفات مرة اخرى تاركا غصن الزيتون ليعود لنظرية الكفاح المسلح من خلال كتائب شهداء الاقصى كقوة انجاب من جناح العاصفة .
4 – بلا شك ان هناك مصالح حزبية تندمج مع مصالح مفهوم المقاومة و الكفاح المسلح و هذا حال كل فصيل مصلحته الذاتيه مقدمة بالدرجة الاولى عن الثانية و الثالثة و هي اتبعتها كل الفصائل بلا استثناء و لكن اذا نظرنا بشكل شمولي لمفهوم المقاومة و الكفاح المسلح فإن هناك ممانعة ان تحقق نصرا فإنها حققت صمودا .
5 – هذا الذي يدعوا لمراجعة لتجربة 50 عام وماذا حققت ، كما قلت العيب في السلوك و ليس في النظرية و لكن ما هو البديل ، كيف نفهم العالم كما يقول الاخ بأننا شعب تعرض للظلم و يطالب بحق تقرير المصير و اسرائيل الان و منذ اوسلو و ما قبلها تستغل هذا النهج الذي يسمى الواقعي و الواقعية في تهويد القدس و السيطرة على 60% من اراضي الضفة الغربية و ما هي نوعية النضال الذي يريد ان يسلكها شعبنا عندما جرب تيار الواقعية في اوسلو و ما بعد اوسلو و المفاوضات و مخاطبة المجتمع الدولي ، هذه المتجهات الفاشلة البائسة التي اتاحت و كما قال قادة السلطة انهم اصبحوا مندوبين ماليين و اصبحوا جهة امنية تحمي المستوطنات و تحمي سلوكهم السياسي و الامني و الاقتصادي .
ماذا حقق الشعب الفلسطيني من خيار المفاوضات و السلام خيار استراتيجي سوى مزيدا من تهتك البرنامج الوطني الفلسطيني و تبعثر القوى الوطنية و انفلاشات و انقسامات حادة في داخل حركة فتح العمود الفقري لحركة النضال الوطني الفلسطيني .
العيب فينا و ليس في الزمان و العيب في السلوك و ليس في النظرية فلا تظلموا الكفاح المسلح و المقاومة ولا تستخفوا بتجربة الشعوب التي انتصرت و حققت سيادتها و دحرت الاحتلال بنظرية الكفاح المسلح و حرب الشعب .
سميح خلف