تتعرض صورة الكيان الصهيوني عالميًّا لهزات وتدهور بسبب مواصلة جرائمها بحق أبناء شعبنا الفلسطيني، ولم يستطِع الصهاينة الذين يروجون إلى أن كيانهم هو دولة علمانية ديمقراطية تحترم حقوق الإنسان، في المقابل فإن الصور التي تخرج من الأراضي الفلسطينية المحتلة هي صور قتل دائم وجرائم تطهير عرقي واستيطان وسرقة أراضٍ وتهويد مقدسات، هذه هي جملة الأخبار والتقارير التطورات الحاصلة في القضية الفلسطينية، أما أخبار مشاريع (التسوية) ومقترحات (السلام) و(المفاوضات) فهي لا تعد، وتتصدر العناوين والمنصات الإعلامية، فيما شكلت وسائل التواصل الاجتماعي كابوسًا مزعجًا للكيان الصهيوني الذي فضح بصورة كبيرة جرائم الاحتلال بحق أبناء شعبنا الفلسطيني.
حديثًا أعد خبراء صهاينة وأمريكان من معهد أبحاث الأمن القومي في جامعة (تل أبيب) العبرية خطة إستراتيجية لتحسين صورة (إسرائيل)، تشمل القضايا السياسية والأمنية، وتحمل هدفين: الأول تحسين وضع الكيان الإستراتيجي ومنع التدهور الحاصل فيه والبقاء على حل الدولة الواحدة وفق قانون (يهودية الدولة)، والهدف الثاني العمل على بلورة واقع محسن يسمح بوجود خيار للصهاينة مستقبلًا يخص الضفة الغربية، وتعمل الخطة الجديدة على تهيئة الظروف للحل الأممي (الدولتين) والحفاظ على الكيان كدولة يهودية.
وقد انطلقت خطة معهد الأبحاث القومي الصهيوني من ما يواجه الكيان من طريق (سياسي مسدود وخطير) حسب وصف المعهد، وهي تحمل أهمية كبيرة لما تعرضه من التصورات الصهيونية الأمريكية، وستعمل على إنهاء سيطرة الكيان على الفلسطينيين في يهودا والسامرة (أي الضفة الغربية)، وضمان أغلبية يهودية صلبة في (إسرائيل) تستهدف إعداد واقع جديد يقبل حل الدولتين حسب الرؤية (الإسرائيلية)، الأمر الذي يدفع نحو انفصال سياسي وإقليمي عن الفلسطينيين، حيث توفر الخطة الكثير من الخيارات للكيان من أجل التقدم نحو انفصال سياسي، إقليمي وديمغرافي عن الفلسطينيين أصحاب الأرض، وستعمل على تحقيق استقرار إستراتيجي للكيان لفترة طويلة، وتسمح بتجنيد دعم دولي وإقليمي، خاصة أنها لا تشمل إخلاء مستوطنات في المستقبل فيما ستعمل (إسرائيل) حسب الخطة على استكمال بناء الجدار الأمني الذي يحيط بها من كل جانب.
ويرى كاتب المقال أن الخطة الصهيونية الجديدة سيتم عرضها على العرب والمجتمع الدولي بصورة مبهرجة ومزينة وأنها ستحقق الإنعاش الاقتصادي للفلسطينيين وستعمل على تنفيذ المشاريع الدولية لحل القضية الفلسطينية بما يضمن حل الدوليتين والعيش بسلام؛ وهذه الخطة من الخطط والمكائد الصهيونية الخبيثة لإنهاء القضية الفلسطينية، حيث يصبح الفلسطينيين يعيشون في أمتار قليلة من أرضهم ويقدمون الصهاينة لهم مشاريع اقتصادية ومساعدات وإعانات لإبقائهم على قيد الحياة؛ أما الوضع في غزة فهي ليست شيئًا أساسيًّا في الخطة وليست جزءًا من الخطة -حسب ما أعلنه المركز وليس شرطًا لتقدمها- حيث سيوافق الكيان على مشاريع أممية بهدف تحسين الأوضاع الاقتصادية لسكان قطاع غزة، وسيعمل الصهاينة بجهد كبير على وقف تعاظم قوة حماس واستمرار مقاومتها بكلّ الأشكال.
إذًا يعمل الصهاينة والأمريكان وعملاؤهم في المنطقة على خدمة الكيان الصهيوني عبر إعداد وتجهيز وبلورة الخطط والتصورات الهادفة لبقاء دولة الكيان آمنة مستقرة تعيش عمرًا أكبر وسط الوطن العربي في منطقة معقدة جغرافيًّا وديمغرافيًّا؛ لذا يحرص الكيان دوما على تأمين نفسه بترسانة كبيرة من الأسلحة والصواريخ النووية والغواصات البحرية التي تؤمن حدوده على مدار الساعة فيما تعمل الدولة العبرية يوميًّا على تطوير صناعاتها العسكرية، وتوقيع صفقات أسلحة مع أمريكا والدول الأوروبية من أجل الحفاظ على أمن الكيان والدفاع عنه مع مواصلة مخططات قتل الفلسطينيين وسرقة وتهويد أرضهم وتشريدهم من ديارهم.
إلى الملتقى ،،
قلم/ غسان الشامي