أفرز موزاييك مخيم اليرموك، زخرفة جميلة جداً، فاليرموك بلهجته سكانه الفلسطينية (القُحة) تقع بين (القاف، والكاف، والتشاف، والئاف). فأجمل ما يميز اللهجة الفلسطينية هو أنها متشابهة في مفرداتها على إختلاف المناطق في فلسطين، ولكن الإختلاف هو في كيفية التعامل مع حرف الـ (ق).
فالبعض ينطقه كما هو ومنهم أهالي بلدات لوبية وصفورية وطيرة حيفا... فيقولون على سبيل المثال (قلبي)، وهناك من ينطقه مُحوراً بـ (الكاف) كما هو حال أهالي الطنطورة وكفرلام والصرفند وإجزم وجبع الساحل وقرى مناطق عدة من ريف نابلس وغيرها.... فيقولون (كلبي)، بينما يَنطُقُهُ أخرون بـ (التشاف) كما هو حال أهالي عين غزال وقرى شمال الضفة الغربية في منطقة طولكرم وجنين وغيرها فيقولون (تشلبي). فيما ينطقه أهالي عموم المدن تقريباً كحيفا وصفد ويافا وعكا ونابلس بطريقة مغايرة فيقولون (ألبي) في لهجة مُدللة، دلالة سكان المدن، حيث اللهجة الطرية الناعمة التي تميز أهالي مدينة صفد على سبيل المثال، والتي تكشف عن الصفدي من أول جملة من كلامه. كما حال اللهجة المقدسية، ولهجة أهالي نابلس القريبة من الصفدية.. ومعها الشخرة الغزاوية عند كل حالة تعجب.
من طرائف مخيم اليرموك وزخارفه، أن هناك بعض الأسماء نادرة الوجود في فلسطين ماعدا وجودها في بعض القرى والبلدات، كالإسم (عرسان) و (مفضي)، مع إستباق الإسم بـ (آل) التعريف التي يعشقها مواطني بعض قرى فلسطين كما هو حال أهالي بلدة لوبية قضاء طبريا، والمجيدل ويافة الناصرة وأندور وسولم وغيرها من القرى من قضاء الناصرة، ومعها (الكَسرَة) الموجودة في الحركة. وعلى سبيل المثال فإن (محمد عرسان مفضي) يصبح (محِمّد العرسان المفضي)... وهكذا.
اللهجة الفلسطينية، وإن إعترتها فروق النطق للحرف (ق) بين منطقة ومنطقة في فلسطين وأحياناً في المنطقة الواحدة، إلا أنها تجمعها مواصفات عامة لعموم الفلسطينيين، ومفردات تخص الفلسطينيين عن غيرهم من أبناء العروبة، حيث تكثر لدى عموم الفلسطينيين مُنتهية الـ (شين) كقول الواحد منّا (بقدرش، معيش، مش مهم، ليش، أديش، مفش..). تلك المنتهية أو اللازمة يفسرها لنا الكاتب خليل صمادي ابن مخيم اليرموك بقوله : هذه اسمها شين النفي، بس لازم تكون مسبوقة بما النافية، والشين لتوحيد النفي، مثل كلمة ما اتأخذنيش، هي أساس في اللغة العربية الفصحى أسمها الكشكشة.
كما أن اللهجة الفلسطينية هي الأقرب للغة العربية الفصحى من كل اللهجات العربية بما فيها لهجات مناطق بلاد الشام المختلفة. فكل من يتعلم اللغة العربية من الأجانب يقول بأن تَعَلُم اللغة العربية بين الفلسطينيين أفضل بكثير من تَعَلُمها مع أي من باقي الناس في بلدان العالم العربي.
بقلم/ علي بدوان