أوقفوا نزيف الدماء ولا تقايضوها بلتر سولار وحفنة من الدولار

بقلم: سامي إبراهيم فودة

قال تعالى:- "ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين"صدق الله العظيم

جرحانا الأبطال/

لأجلكم أنتم يا من في المقل والقلب والوجدان,أمتشق قلمي لأخط بمداد سائل دمي حروف كلماتي المفعمة بصدق المشاعر والعواطف الجياشة لكم على جدران قلبي,إلى من هم وسام على صدورنا وتاجاً من العز والفخار والشموخ فوق رؤوسنا,طوبى لأرواحكم وأجسادكم الطاهرة التي تخضبت بالدماء وتنخلت برصاص الغدر والحقد الصهيوني لتروي ثرى هذا الوطن.

أن ما استدعاني لكتابة مقالي هذا يا سادة يا كرام وتسليط الضوء على جرحى وشهداء مسيرات العودة هو حجم الأعداد المهولة للجرحى واستمرار شلال الدم النازف من خاصرة هذا الوطن الجريح,أمام قيادات فاشلة لا تبالي بالدم الفلسطيني عبر تضحيات من الجسام يقدمها على مدار الساعة,والتي ستذهب دمائهم هدراً أمام فتات سيقدمها العدو الصهيوني لا ترتقي إلى حجم تضحيات أبناء شعبنا الفلسطيني .

أصبح لدينا في غزة العزة جيشاً عظيماً وكبيراً يضاهي جيوش العالم من حيث أعداد الجرحى"ذوي الإعاقة الدائمة" في أقصر مدة زمنية عرفها التاريخ المعاصر والتي وقعت في مواجهات دامية غير متكافئة أصيب خلالها أبناء شعبنا الفلسطيني بكل فئاته العمرية المختلفة برصاص متفجر قناصة الاحتلال,مما أدى إلى بتر أطرافهم وتناثر أشلاءهم في كل مكان,أثناء مشاركتهم في"مسيرة العودة"على الشريط الحدودي شرق قطاع غزة,ونتيجة لاستنزاف طاقات وإمكانيات الشباب الصاعد الواعد في تلك المواجهات المستمرة ودون حقناً لدمائهم,أدى إلى ارتفاع في أعداد جرحى"ذوي الإعاقة الدائمة "والذين هم في تزايد ملحوظ مع استمرار مسيرات العودة,بعد أن تم استغلال عواطفهم الجياشة وحماسهم الوطني وزجهم في أتون مواجهة خاسرة تكلفتها باهظة جداً.

فإن قادة التنظيمات والضاغطين على الزناد من المقاتلين لم يعد لديهم القدرة على الرد بالرد والقصف بالقصف والدم بالدم بل اكتفوا بالصمت وبقوا يرصدون المشهد التراجيدي عن بعد بالمناظير وهم يشاهدون الدماء النازفة من ثقوب أجساد الشهداء والجرحى,مستخفين بمشاعر وعقول الناس,كلما سقط جريحاً مسربلاً بدمائه الساخنة وارتقى شهيداً إلى العلا,جعلوا من تضحياتهم قضية انتصار كاذبة يقودها قيادات عديمة البصيرة والضمير والشعور الإنساني.

اعتقد أن رد المقاومة بالأمس بإطلاق وابلاً من الصورايخ على مستوطنات غلاف غزة كان غير مبرر لان الجُمَع السابقة من مسيرات العودة كان عدد الشهداء أضعاف من جمعة ألـ 31 لمسيرات العودة,فإن السبب الحقيقي وراء إطلاق الصورايخ هو التشويش على اجتماع المركزي لتعطيل قراراته,أو تدخل مصر للخروج بهدنة تسبق اجتماع المركزي ولكن تأت الرياح بما لا تشتهي السفنُ.

أن جرحى مسيرات العودة باتوا يشكلون حالة من الإرباك المجتمعي والقلق العميق والجرح الغائر في نفوس الجماهير,وهم ينظرون لهم بألم وحسرة خوفاً على مصيرهم المجهول ومستقبلهم المهدد بالضياع نتيجة لعدم إكثرات لمن دفعهم لأتون المواجهة الخاسرة,فإن ظهور مشهد العكاكيز والكراسي المتحركة في قطاع غزة,أصبحت ظاهرة مقلقة وملفتة للنظر وغير مألوفة وصادمة للنفوس إلى أبعد الحدود, وسط تزايد أعداد جرحى الإعاقة بشكل مهول,لأنها امتدت لتنال فتية من عمر الورود وبعدهم في مقتبل العمر.

فأينما نظرت على امتداد بصرك ستجد هؤلاء الجرحى ضحايا القيادات المخبولة في كل ركن وزاوية وزقاق وشارع وساحة ومؤسسة وعيادة وجمعية حتى أصبح في غزة ما يسمي بــ ظاهرة أصحاب العكاكيز,بفضل تجار الدم سماسرة الثوابت الوطنية الذين تجرؤوا وتجردوا من كل المفاهيم والقيم والمبادئ الإنسانية وغامروا بالدم الفلسطيني على حساب الوطن ودم المواطن,لتحقيق مآربهم الحزبية المقيتة دون أثمان سياسية تعيدنا إلى فلسطين التاريخية,إلى أن جعلوا من كل لتر دم مقابلة لتر سولار وثمن بخص من الدولار الدايتوني .

حتى هؤلاء الجرحى الأوفياء الذين لبوا نداء الوطن وتحركوا بدافع حسهم الوطني والديني فقد تركوا بعد إصاباتهم غارقين بأوجاعهم وبمعاناتهم ودمائهم الطاهرة يوجهوا مصيرهم المظلم بمفردهم دون التزام أخلاقي وأدبي ووطني ومادي اتجاههم,ولم يسلموا من سياسة الإهمال الطبي ولا من تقاعس القيادات الفاسدة التي تتهرب من مسؤولياتها في توفير تغطية تكاليف السفر والإقامة للعلاج خارج قطاع غزة وتأمين ثمن أدويتهم.

حتى أصبحوا هؤلاء الجرحى إيقونة المقاومة السلمية الذين قارعوا الاحتلال بصدورهم العارية عبء وعالة على كافة المؤسسات لدرجة جعلوهم يتسولون ويكابدون ظنك الحياة في ظروف اقتصادية قاسية جداً,ويكون سقف أحلامهم أسمى أمانيهم هو تضميد جراحهم الغائرة,ومن يكفل لهم حياة كريمة تليق بتضحياتهم كغيرهم من الحالات التي تعرضت للإصابة دون تمييز في المعاملة وبعيداً عن الانتماء التنظيمي والحزبي .

ومن على سطور مقالي وقبل فوات الأوان وهدر دماء الشهداء والجرحى استحلفكم بالله واستصرخ فيكم دماء الشهداء وآلام الجرحى ومعاناة الأسرى وعذابات شعبنا المكلوم والمذبوح من الوريد إلى الوريد,بأن تكفوا عن تجارة الدم الفلسطيني والعبث بمقدرات الشعب والوطن,وطي صفحة الانقسام البغيض,وتمكين حكومة الوفاق الوطني من ممارسة مهامها والقيام بمسؤولياتها الكاملة في قطاع غزة حتى نكون موحدين في مواجه المخاطر المحدقة بالقضية الفلسطينية ومشروعنا الوطني..

والله من وراء القصد

بقلم/ سامي فودة