ذات صباح أتى ذاك الرّجُل العاطل عن العملِ منذ مدّة صوب صديقِه المنهمكِ في ترتيبِ حديقتِه المهملة منذ فترة، وقال له: أتدري بأنني ما زلتُ أتذكّر حلماً عن امرأةٍ حلمتُ بها قبل سنواتٍ مضتْ، لكنني لم أقل لك عن ذاك الحُلْم، فأنا أراني أتذكّر ذاك الحُلْمَ دون غيره من الأحلام، فوقف صديقه، الذي كان ينظّف العيدان الجافّة حول الأشجار وقال له: وبماذا حلمتَ؟ فردّ عليه صديقه، الذي راح ينفثُ دخان سيجارته الرخيصة في الهواء: لقد حلمتُ قبل عدّة سنواتٍ بامرأةٍ عانقتني على حافّة الكوْنِ، حينما رأتني تائها هناك، فقال له: وماذا بعد العناق ؟ فصمتَ ذاك الرجل بعدما تنهّد تنهيدة غريبة، وقال له: أتدري بأن بعد العناقِ شعرتُ بأنني ولدتُ من جديد، بعدما بتّ لا أطيق عناق زوجتي النكدة، ففي عناق تلك المرأة على حافة الكون شعرتُ بأن العناق هو من يريّح أعصابي ويجعلني هادئا، فقال له صديقه، الذي تناول نربيج الماء وبدأ يسقي الأشجار: أتدري يا صديقي بأنني لم أحلم قط بامرأةٍ فقال له صديقه: لماذا؟ فرد عليه بينما كان يروي الشجيرات العطشانة: لأن امرأتي لا تعانقني البتّة، إلا حينما أكون مريضا، فضحكَ صديقه الذي راح يشعل سيجارتة أخرى، وقال له: لكن عناقي على حافة الكون جعلني أعرفُ صخبَ العناق المختلف، فهناك على حافّةِ الكوْن صمتٌ مجنون وبرْد وحرارة من امرأةٍ مختلفة..
بقلم/ عطا الله شاهين