مع انتهاء الدورة الثلاثين للمجلس المركزي الفلسطيني وصدور قراراته .... في ظل مرحلة غاية بالصعوبة .... وأمام تحديات منظورة وغير منظورة .... مباشرة وغير مباشرة ...داخلية وخارجية .... يصعب سردها وشرح تفاصيلها ... خاصة وان الدورة التي انتهت بقرارات الممكن ... في ظل اوضاع استثنائية طارئة ... لا يستطيع احد ان يتحدث عنها بانها مرحلة نضوج ووعي ... بقدر انها مرحلة تراجع وانقسام وتغييب للوعي الوطني على حساب مشاريع وهمية وافكار هولامية .... وسياسات غير مدروسة ولا طائل منها ولا هدف ... الا المزيد من الاعباء والازمات .
ما بعد قرارات المجلس المركزي والتي قال البعض عنها انها تكرار لما صدر قبل ذلك وان الاهم حسب قولهم اليات التنفيذ ... حتى لا تصبح كما وجهة نظرهم القرارات حبر على ورق !
قرارات المسؤولية الوطنية والتاريخية والتي تصدر من قبل المؤسسات الشرعية لها ابعادها ومنطلقاتها ... ولا تخرج في اطار ردات الفعل او بحسابات غير دقيقة .... كما لا يمكن ان تصدر القرارات بما يخالف القوانين والاعراف والشرعية الدولية ... بل تتم الدراسة وبتأني بدرجة عالية من المسؤولية ... حتى تتخذ القرارات بحكمة وعناية ودراية وليس بصورة هوجاء وانفعالية .
قرارات المجلس المركزي الفلسطيني والتي اصبحت على طاولة اللجنة الوطنية العليا برئاسة الرئيس محمود عباس لوضع اليات تنفيذها بصورة متدرجة .... وليس بصورة متسرعة .... ووفق حسابات وطنية داخلية .... كما هي حسابات سياسية اقتصادية أمنية لها علاقة بنا وبغيرنا من الدول والمؤسسات .
المسائل لا تؤخذ بصورة عشوائية لكنها تؤخذ بصورة متخصصة وبعناية فائقة وبدراسة شاملة لكافة الابعاد والنتائج التي يمكن ان تترتب على تنفيذ أي قرار من القرارات الصادرة عن المجلس المركزي .
محاولة البعض باعطاء تصور وايحاء وكأن القرارات مكررة ... وانها ستبقى ادراج المكاتب ولن ترى النور وحيز التنفيذ ... وكأنهم مسبقا كتبوا سيناريو نهاية القرارات من وجهة نظرهم وبحسب ميولهم وتطلعاتهم التي تخدم مواقفهم المعارضة ... ولا تخدم مواقف الوطن واحتياجاته ومتطلباته .
من حق كل فصيل ان يعترض على مخرجات المجلس المركزي لكن ليس من حق أحد ان يكتب سيناريو النهاية بما يحلم به وبما يتمنى رؤيته وبما يعبر عن ذاته الخاصة .
المرحلة الحالية وحساسيتها ومصاعبها والتحديات التي تواجهنا لا تتطلب حالة المعارضة العدمية او السلبية ... بل تتطلب موقف المعارضة الايجابي والذي يعطي الحق بطرح البدائل المقبولة والممكنة ... وبحسابات سياسية داخلية واقليمية ودولية وبما يخدم الوطن و القضية والمشروع الوطني التحرري .
لا يجوز ولا يقبل ان يطرح أي كلام دون سند ودون رؤية شاملة وحسابات دقيقة ... من السهل على من لا يتحملون المسؤولية ان يقولوا ما يشاءون .... وكيف شاءوا ... اينما شاءوا ... دون حسيب ولا رقيب ... الاهم بالنسبة لهم ان يقولوا معارضتهم وعدم قبولهم بما صدر والى درجة التشكيك بامكانية التنفيذ .
اللجنة الوطنية العليا والتي وضع تحت مسؤوليتها ايجاد اليات تنفيذ القرارات الصادرة عن المجلس المركزي ووضع اليات تدريجية لهذه القرارات وبحسابات وطنية وسياسية دقيقة .
فالاتفاقيات الموقعة مع الكيان الاسرائيلي وتعليق الاعتراف بهذا الكيان وارتباطه بالاعتراف بدولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية بحدود الرابع من حزيران 67 ومراجعة الاتفاقيات التي لم تعد ملزمة لنا بداية من اوسلو ومرورا باتفاقية باريس الاقتصادي ... واتفاقية واي ريفر واتفاق الخليل واخيرا اتفاق شرم الشيخ بالعام 99 .. كل هذه الاتفاقيات التي نقضت ولم تعد اسرائيل تلتزم بها ... ومطالبة المجلس المركزي بقراره بعدم الالتزام بها ... والتي تتحدث عما يقارب 68 مجالا من العلاقات الفلسطينية الاسرائيلية وثمانية اتفاقيات منذ اوسلو 93 وحتى شرم الشيخ بالعام 99 وما يتطلبه من جهد اللجنة الوطنية العليا ازاء واقع التداخل الحاصل منذ تأسيس السلطة الوطنية وحتى يومنا هذا وعلى الصعد كافة .
كما ان مهام اللجنة الوطنية العليا الابقاء على وحدة الارض والشعب الفلسطيني وعدم القبول بفصل الضفة عن غزة وعدم تمرير صفقة القرن ... والمشروع العنصري الاسرائيلي باعتبار ان التراب الوطني الفلسطيني وحدة جغرافية واحدة ... وان الشعب الفلسطيني موحد داخل الوطن وخارجه وان الحقوق الوطنية الفلسطينية لا يتم تجزأتها او تقسيمها او توزيعها .
تعليق الاعتراف ... ووقف التنسيق الامني باشكاله كافة ... والانفكاك الاقتصادي ... عناوين لملفات هامة تحتاج الى دراسة متأنية وبحث عميق لدراسة كافة الابعاد والملابسات والنتائج ... وحتى تكون قرارات التنفيذ بأقل الخسائر الممكنة ... وبأكثر الارباح التي نحن بحاجة اليها .
نحن نريد ان نزيد من ارصدتنا وارباحنا الوطنية ... وان نراكم على مكتسباتنا وما تم تحقيقه عبر السنوات الطويلة من جهد سياسي ودبلوماسي وما تمخض عن مسيرة النضال الطويل والتي تم دفع اغلى الاثمان من خيرة قادتنا ومناضلينا ... وما تعرض له شعبنا من ويلات الحروب وازمات الواقع والتي تحتاج منا جميعا الى اتخاذ المواقف الايجابية وليس التصيد لبعضنا البعض ... واهمية المشاركة والتعاون وليس الانفراد والعزلة ... و الاندماج في باكورة العمل الوطني بما يحقق لنا افضل النتائج والمخرجات .
نحن لسنا بحاجة الى اعادة تجارب سابقة ... والى تكرار معارضة سلبية ... والى زيادة وتوسعة حالة الشقاق والخلاف في ظل ما يحيطنا من تحديات ... وما يتداخلنا من مصاعب وازمات ... في ظل انقسام اسود لا بد من الخروج منه ... وطي صفحته والى الابد .. وبما يحقق الشراكة الوطنية وتعزيز مقومات الصمود بما يخدم مشروعنا الوطني التحرري .
ثقتنا كبيرة بمن يعارضون وهم من شرفاء الوطن ومن المناضلين الذين لهم تاريخهم الطويل ... لكن عليهم الحذر من الانزلاق والتوهان والخروج عن السياق ... لان تشويه الصورة .. وارباك المشهد ... واضعاف الحالة ... وزرع بذور الخلاف ... وعدم الثقة ... سيكون حصادها صفرا كبيرا ... وهذا ما لا نتمناه على الاطلاق .
الكاتب : وفيق زنداح