احتار المواطن الفلسطيني بطريقة صنع الازمات التي تتوالى تباعا ومن ازمة الى ازمة حتى قيل ان في الوطن الفلسطيني بين ازمة وازمة ازمة، ومن المضحك المبكي ان المسؤولين الفلسطينيين يريدون ويطلبون موقف من المواطن وخاصه في مشاكلهم المفتعلة التي هي بالأساس تصب في مصلحتهم ولا تصب في مصلحة المواطن والذي يعاني ما يعاني من فقدان الامن والخدمات والذي اصبح شغله الشاغل وهمه الذي لا مفر منه، ولا وعود تعيد له الامل سوى وعود رنانة طنانة لا يصدقها سوى الجهلة الذين لا محل لهم بالإعراب بين العقلاء ومن هذا الباب فقد فقد المواطن ثقته بالمسؤولين لذلك نشاهد المسؤول في وادي والمواطن في وادي اخر وحتى وسائل الاتصال بين المواطن والمسؤول تقطعت لدرجة اني سمعت من احد المواطنين نقد لظاهرة بطريقته الخاصة يقول هذا المواطن ان من يصبح مسؤولا يقوم بتغيير ثلاثة اشياء رقم جواله الخاص وتغيير أصدقائه وحتى تغير زوجته!!! لذلك كما يقال فاقد الشيء لا يعطيه فالطبقة الحاكمة والمتنفذون وأصحاب القرار في الوطن وهنا نقول اغلبهم يعني على الاقل النصف زائد واحد لا يثق احدهم بالأخر وما نراه ونسمعه من مجاملات فهي فقط من باب الابتسامة الصفراء التي تخفي حقد دفين في داخل كل منهم حقدا يحرق الوطن الفلسطيني من الشمال الى الجنوب ومن الشرق الى الغرب.
إن المواطن في واد والمسؤول في واد، المواطن لايملك شيئا وهو بحاجة لكل شيئ، والمسؤول يملك كل شئ ولا ينجز الا ما تقتضيه مصالحه، وما يثبت مركزه، وما يقوي وجوده، وما يعزز مكانته، والاهم من كل ذلك ما يعيد انتخابه، ولا أعلم متى يأتي لموقع المسؤولية من يفهم أن المواطن الفلسطيني لم يبقى له دم كافي يسدد به فواتير المسؤول الباهظة، وأنه لن يبقى يتفرج على أولاده يموتون جوعا حتى تبقى الملعقة الذهبية بفم أبناء المسؤولين.
كثيرا ما يتكلم الكتاب والمهتمين من خلال مقالاتهم عن دور المسؤول في خدمة أبناء شعبه وما تمثله هذه الخدمة من زيادة لأواصر الروح الوطنية بين المواطن والمسؤول، واقصد بالمسؤول هنا كل من له تماس مباشر بحياة المواطن الفلسطيني من أعلى هرم السلطة في الوطن إلى اصغر مسؤول في مؤسسات وهيئات الحكومة، وجل الكلام الذي يوجه من قبل المهتمين بالسياسة والكتاب إلى المسؤولين وبالدرجة الأساس إلى من وضع في مسؤوليات كالوزارات والهيئات والسفارات وغيرها من المناصب العليا في الحكومة ومؤسسات الدولة، فهؤلاء للأسف الشديد وبعد أن جلسوا على كراسيهم نسوا تماما جماهيرهم التي ساهمت بشكل كبير في وصولهم إلى ما هم عليه الآن، وهم الآن بعيدون جدا عن الواقع الفلسطيني الذي باتت فيه رؤية المسؤول داخل الجماهير من الأمور التي لا يمكن الحصول عليها، إذ أصبح المسؤول في الحكومة او السفاره او الهيئة او المديرية في منأى عن المشاكل الكبيرة التي يعاني منها المواطن الفسطيني جراء سوء الخدمات المقدمة، بالإضافة إلى انشغال المسؤول بنفسه وصفقاته وحاشيته ومتزلفيه وكيفية المحافظة على ما حصل عليه، وهو بذلك قد وضع العراقيل والمعوقات أمام الجماهير الذين يريدون أن يعرضوا مشاكلهم على المسؤولين مباشرة وقطع كل ما من شانه إعادة العلاقات مع المواطن.
ليس هذا فحسب فهناك من المسؤولين من يباشر أعماله من خارج الوطن لان الجو الفلسطيني لا يلاءم صحته حتى انه لا يعرف شيئا عن حياة المواطنيين وما يعانونه من قساوة في عيشهم، بالإضافة إلى أن بعضهم يحمل عدة جنسيات آخرى تجعله غير قادر على التواصل مع المواطنين بسبب كثرة انشغالاته، وهكذا ولا نعلم إلى متى وحتى متى والمواطن ليس له إلا الله.
انا لا اريد ان اقدم النصح لهم وانصب نفسي حكيما عليهم بل اقول كمواطن يرى شعبه وهو يعاني من الجور والظلم والهوان، بأن يراعوا مصالح الشعب والوطن وثقوا بأن شعبكم سيقف معكم وضعوا الله وضعوا المواطن بين عينكم اجعلوا من الخدمات شعار لكم تصبون له لا شعار تصعدون به على اكتافنا المواطن الفلسطيني ليس بهذه السذاجة التي تجعلونه في موضع وموقف الذي تحركونه كيفما تحتاجونه وكأنما هو بيدق بيدك تقاتل به ومن ثم تضحي به من اجل فريسة اكبر، فهذه ليست سياسه بل كذب ومكر وخداع ونفاق ودجل السياسة هي تخدم من خدمك وتصل من وصلك وتعطي من وقتك الكثير وليس القليل لمن هم بحاجة اليه فعلا ان تقاتل من اجل خدمة الفقراء والمعوزين والمحتاجين وتعيش مع المشردين والذين هم بلا مأوى تدرس كل طبقة على حالها وكل قضاء وكل ناحية وكل منطقة وكل حي وكل زقاق وكل شارع على حده تدرس وضع العوائل حسب ظروف كل عائلة، وانا باعتقادي الوطن الفلسطيني محتاج الى هذه السياسة وليس السياسة التي كما يقول الشاعر يعطيك من طرف اللسان حلاوة ويروغ منك كما يروغ الثعلب، إذا فليغير رقم جواله الخاص ليغير أصدقائه وحتى زوجته، ولكن ليغير من واقع الطبقات المسحوقة التي تريد من يرفع الحيف والظلم عنها ولو الجزء القليل.
تلك الصورة التي تمثل حقيقة الهوة الكبيرة، بين المواطن والمسؤول، أشبه بطريقة عيش الظالم والمظلوم، في تلك الحالة لا يوجد في وطني مواطنين بل نحن نطمح أن نكون كذلك، نتمنى أن تكون قيمة العطاء التي يقدمها المواطن تتناسب مع قيمة الخدمات، أن يجد الفلسطيني من يسمع صوته، ومن يخدمه، من يكون مسؤولاً عن توفير لقمة العيش للأرامل، ويرى اليتيم بنفس العين التي يرى فيها إبن المسؤول والمدير والسفير والوزير، لا أن يكون أعمى أمام اليتيم، ويرى أبناء المسؤول بألف عين.
لا نحتاج مسؤولاً أعمى، بل نحتاج من يبصر شعبه بقلبه قبل أن يراهم بعينه، من يحكم بالحق، فشعب فلسطين قدم وأعطى وضحى، ويستحق العيش الكريم كبقية الشعوب، نطمح أن لا يعامل المسؤول الناس بدرجات يحددها هو وطغتمه، مواطن من الدرجة ألاولى والثانية، حتى أن البعض ليس لهم درجة وهذا هو حال عموم أبناء الشعب من البسطاء والفقراء والمسحوقين والغلابه.
يحتاج الفلسطيني أن يعامل كمواطن، فالمسؤول الذي ينظر لمن يحكمهم بأنهم مواطنون وليسوا عبيداً، في تلك الحالة فقط سيرى أن لهم حقوق ويحرص على أن يخدمهم قبل أن يفكر في أن يحكمهم، من يفكر بأنه خادم لشعبه وليس حاكم، ذلك هو نموذج المسؤول الذي يعامل الفلسطيني بأنه مواطن ويبحث عنه الجميع.
إن المواطن يعطي ويقدم ويضحي، يجوع ويتألم ويفقد في كل يوم عزيز، ويقدم القرابين على مذابح الحرية والإستقلال وبكل الاوقات وبشتى السبل، ما بين شهيدٍ وجريح واسير، وقائمة العطاء والتضحيات تطول في الوطن الفلسطيني.
إن تاريخ الشعوب والامم لا يرحم الظالمين فانه يدَوّن الاشخاص باسمائهم وفي سجل اسود كسواد وجوههم عندما يقابلون الرب الواحد، فيا أيها المسؤول اتعظ بمن سبقك من الظالمين فان النهاية واحدة، وارفق بشعبك وارحمهم فذلك ازكى لك.
آخر الكلام:
إن الآمال قد ذبلت ثم انطفأت كأضواء شمعة لم تبق فيها حشاشة شوق.
بقلم/ رامي الغف