قضية مثارة في نقاشات وجلسات منتدى شباب العالم الثاني والذي حظي بأهمية كبرى بحكم استخدامات الملايين من البشر لهذا التطور التكنولوجي الذي يعمل على احداث التواصل دون اعطاء ادنى اهتمام لكافة الموانع الجغرافية والثقافية ... تجاوز للحدود في ظل عالم افتراضي يأخذ الانسان الى حيث يريد رؤيته ومشاهدته والتعبير عنه بكل حرية ودون قيود .
جلسة هامة ونقاش علمي هادف ضمن فعاليات منتدى شباب العالم الثاني وانا اتابعها واستمع الى المناقشين حول العديد من العناوين والتي وجدت في عنوان شبكات التواصل ما يمكن ان يفيد .... وما يمكن البناء عليه .... في ظل تطور انساني وفي سياق الوجود وكيفية تعظيم ايجابيات هذا الاختراع الانساني والتقليل من سلبياته .
ما دار بالنقاش حول سؤال ذات اهمية .. هل شبكات التواصل هي شبكات تباعد اجتماعي بأكثر منها تواصل ؟! يختلف القائلين والمناقشين لكن الثابت في الرأي يرتبط بطبيعة الدولة والمجتمع ومدى تقدمها ... وعيها وثقافتها ... بالتعاطي مع التطور التكنولوجي ... والذي يكون ذات فائدة اكبر بكثير.... مما يمكن ان يكون عليه في دول نامية ولمجتمعات اقل وعيا وعلما وتقدما .
شبكات التواصل وما يحصل عليها من تطوير دائم بفعل البشر لا يقابله وعي كافي لكيفية الاستخدام الايجابي لهذا التطور التكنولوجي أي أن سباق التطور التكنولوجي لا يصاحبه تطور انساني في المفاهيم والوعي والقدرة على التمييز وامكانية الاستفادة القصوى والامثل ... من مثل هذا التطور خاصة في الدول النامية والمجتمعات التي تعيش سلبيات عديدة نتيجة قصور الوعي وعدم تنامي تلك المجتمعات بصورة متناغمة ومتناسقة مع هذا التطور التكنولوجي .
شبكات التواصل ام التباعد ... ما يحددها طبيعة تقدم المجتمع ... كما ان شبكات التواصل تعمل على البناء ام الهدم .... ما يحدد النتائج طبيعة المستخدمين والبيئة المحيطة بهم وطبيعة القضايا التي يجري الحديث حولها .
وهنا فان شبكات التواصل والتي تستخدم بدرجة عالية وباتساع شامل في نشر الاخبار الزائفة باعتبارها وسيلة اعلامية غير منضبطة ... وغير مقيدة ... وما يتحكم بها المستخدمين باختلاف ثقافاتهم وميولهم واولوياتهم ومدي تأثير هذه الشبكات في تشكيل الرأي العام .
شبكات التواصل ومدى الفوائد والعوائد من ورائها على الصعيد الثقافي والاقتصادي والعلمي والمعرفي أي ان المستخدم ينفتح على العالم ليقرأ ما يريد ... وحتى يتطلع على ما لا يريد بحكم الاستخدام والتواصل لساعات طويلة .
مثل تلك الشبكات تم الاستفادة منها بدرجة عالية في احداث التبادل التجاري والتواصل العلمي والبحثي كما التواصل المعرفي والثقافي بحكم بنك المعلومات الهائل الذي تحتويه هذه الشبكات وما يتم تغذيتها بملفات ومعلومات دائمة يكون الانسان بحاجة اليها في حياته العملية .. وحتى بحالة الفراغ ولأجل التسلية .
ما نود التركيز عليه بشبكات التواصل :-
- اهمية اظهار الحقيقة ومحاربة الشائعات وهذا موضوع ذات اهمية كبرى تعاني منه المجتمعات النامية والمتخلفة بأكثر من المجتمعات المتقدمة التي لا ترى وقتا والتي لا تعيش الفراغ والتي تستثمر وقتها بصورة افضل على عكس المجتمعات النامية وحالة الفراغ الفكري ... الثقافي .. والعملي .. في ظل بطالة ظاهرة او مقنعة وفي واقع حالات احباط ويأس يجد فيها المستخدم هذا التطور التكنولوجي فرصة للتفريغ النفسي واظهار ما بداخله دون حسيب او رقيب وهو بذلك يدخل بعالم افتراضي يشعره انه صاحب رأي وموقف ايا كان هذا الرأي او الموقف ومدى الخطأ او الصواب بداخله .
هذا الفراغ الذي يستغل بصورة بشعة وغير انسانية وحتى غير وطنية للتخريب ونشر الشائعات وتحطيم الهمم وقتل المعنويات واشعار المجتمع بأنه فاشل وغير قادر على معالجة ازماته ومشاكله .. خطة مدروسة لا يعرف عناوين من خططوا في ظل الملايين ممن يرددون ويتحدثون دون معرفة ووعي بخطورة ما يكتبون وما يتحدثون به .
هذه الحالة من الفراغ ونشر الشائعات والاكاذيب والافتراءات واسقاط الحالة النفسية على جموع المتلقين دون معرفة مسبقة بهم يجعل من هذه الشبكات شبكات هدم وليس بناء ... شبكات تراجع وليس تقدم ... شبكات زيادة الاعباء وليس التخفيف عنها ... انها شبكات الازمة التي تستغل بصورة بشعة لنشر الشائعات والاكاذيب وهدم المجتمعات والدول وصناعة حالة يأس واحباط وهمي نتيجة وجود ازمات طبيعية بحكم تغيرات سكانية واقتصادية والتي لا يتم التوقف امامها في ظل الجهود والطاقات التي تبذل من اجل الانجاز وتغيير الواقع بكافة تفاصيله وهذا ما يحتاج الى الوقت الكافي وليس بسرعة يمكن ان يحدث التطور والتقدم ... فالشعوب والمجتمعات وقد اخذت وقتها لاحداث التطور المطلوب ومدى التقدم الملموس في اقتصادها وتطورها العلمي وقدرتها على حل مشاكلها بصورة افضل واسرع .
شبكات التواصل وبرغم انها في سياق الوجود الانساني .. الا ان تطورها يحتاج الى قدرة هائلة لدى المستخدمين .. من هنا كانت خطورة الشائعات ونقلها بصورة سريعة دون ادراك لمخاطرها ... ودون معرفة بمروجيها .
- نقطة اخرى ذات اهمية كبرى حول استخدام الارهاب والارهابيين لشبكات التواصل من حيث التأثير الفكري والتنظيمي واثارة النزعات والافكار والهواجس وحرف الافكار والدفع الى مربعات العنف والقتل والدماء ... خطورة كبرى من وراء استخدام هذه الشبكات التي لا يتم استخدمها للخير والسلام والنماء والتي لا يتم استخدامها لتعزيز امن المجتمعات .... ولا يتم استخدامها لاحداث التطوير بكافة مجالات الحياة وان كان بجزء من نتائج هذه الشبكات يتم على هذا السياق .. الا ان بالمقابل هناك قوى الشر والتكفير والتي استخدمت هذه الشبكات لاثارة النعرات والفتن والتخريب داخل البلاد والدعوة للقتل واسالة الدماء وازهاق الارواح وكأنهم الاسياد العارفين بنصوص الاديان وهم بحقيقة الامر ضد الاديان الداعية للسلام والتسامح والمحبة والوئام وبناء المجتمعات على ارضية المحبة والمصلحة الوطنية .
من هنا فأن شبكات التواصل قد تكون عاملا اساسيا بعملية البناء ... وقد تكون عاملا اساسيا بحالة الهدم والتخريب واحداث التشتت والفراغ وقتل المعنويات وزرع الاحباط والاحقاد .
ما يحدد ان تكون شبكات التواصل هي للتواصل الانساني والمعرفي والخدمي وان تكون الشبكات للتباعد والتشتت والتفرقة هو مستوى الوعي والقدرة على الرؤية الشمولية لمصالح تلك المجتمعات البشرية واعادة صياغة فكرها واساليب حياتها وفعلها بما يخدمها وبما يعزز من تواصلها ويقلل من تباعدها وان تكون تلك المجتمعات فاعلة من اجل البناء والتطور والتقدم ولا تساهم بعملية الهدم .
خيط رفيع ... ربما لا يتم رؤيته بالعين المجردة ... لكنه يمكن الاحساس به ومعرفته من خلال المفردات المستخدمة ... والافكار المطروحة .. والغايات والاهداف المعلنة ... وما يشكله الوعي للرأي العام من فيصل حاسم .... يحدد نتائج مثل هذا الاستخدام العلمي الذي نقر بأهميته الكبرى ... كما نقر بذات الوقت بخطورته والتي تحتاج الى معالجات دائمة .
الكاتب : وفيق زنداح